"الأراضي الضائعة".. القضية التي هزت عرش الرئاسة
"طرح النهر": مغارة المليارات المهدرة.. و"المركزي للمحاسبات":22 مليون متر مربع أراضي بناء و19 ألف فدان أراضي زراعية حجم التعديات بالمحافظات
"استرداد الأراضي": أباطرة التسقيع يحاولون عرقلة اللجنة.. والبعد الاجتماعي يتصدر أولوياتنا
تحقيق- علي عقيلي
بعد عام ونصف تقريبًا من إصدار القرار الجمهوري بتشكيل لجنة استرداد أراضي الدولة ومستحقاتها، برئاسة المهندس إبراهيم محلب مساعد الرئيس للمشروعات القومية والاستراتيجية، جاءت صرخة الرئيس عبدالفتاح السيسي للقوات المسلحة والشرطة والمحافظين بإنهاء مهزلة التعدي على أراضي الدولة نهاية الشهر الجاري. بعدما جاوز الفاسدون المدى، وأصبح حقًا على رئيس الجمهورية استنفار مؤسسات الدولة كافة، للتصدي لسماسرة الأراضي، ومصاصي الدماء، وراغبي المال الحرام؛ فهناك من يضعون أياديهم الآثمة على آلاف الأفدنة بالقوة والفساد والسرقة، فيما لا يجد آخرون ما يقيم أودهم، ويكفيهم ذل العوز والسؤال.
صحيح أن لجنة محلب واجهت الكثير من التعقيدات، والعراقيل التي وضعها عبيد التسقيع والتربح، والتشويهات المتعمدة من قبل المعتدين على الأراضي، فضلًا عن النقص الشديد في معلومات الحصر؛ جرّاء الملفات الضائعة والمنقوصة، وتفرق دم الأراضي بين العديد من الجهات اختلط فيه الحق بالباطل، وبدا المشهد مرتبكًا ظاهره الرحمة وباطنه العذاب؛ إلا إن اللجنة على مدار العام والنصف استطاعت بجهد جهيد أن تقدم لنا حصرًا شبه مكتمل لملايين الأفدنة الزراعية، وأراضي المباني المهدرة التي من الممكن بعد استردادها وتقنينها أن تدر المليارات لخزانة الدولة بشكل مستدام.
وترجم المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس المحافظين صرخة الرئيس بقولته الشهيرة:"لن نسمح بالتعدي على أراضي الدولة بعد الآن"، وطبقًا لهذا التوجيه، وجه الدكتور هشام الشريف بضرورة حصر الأراضي التي تم التعدي عليها؛ وترسيخ مبدأ عدم تعدي أي شخص على أية قطعة أرض بعد الآن، مع تقنين أوضاع كل من تلتمس فيه الجدية في محافظات مصر كافة.
وأكد رئيس الوزراء على التصدي بكل حسم لكل متعدٍ وخارج على القانون، والتعاون مع كل جادٍ لتقنين أوضاعه، وإعادة حقوق الدولة، لافتًا إلى أن الفترة المقبلة سوف تشهد إصدار التشريعات اللازمة للوقوف ضد المعتدين على أراضي الدولة.
__________________
4,5"طرح النهر".. مليون متر مبانٍ.. 34 ألف فدان زراعي
تلقت لجنة استرداد أراضي الدولة ومستحقاتها، لأول مرة حصرًا شاملًا من هيئة الإصلاح الزراعي، لأراضي طرح النهر في 16 محافظة نيلية، وكشف التقرير أن إجمالي التعديات والإشغالات التي تم حصرها تتجاوز 34 ألف فدانًا زراعيًّا، و4 ملايين، و451 ألف متر مربع مبانٍ.
التقرير الذي قدمه الدكتور حسن فولي رئيس هيئة الإصلاح الزراعي، تضمن قيام الهيئة بإجراء مراجعة أخرى للحصر، ومناشدة المتعاملين على هذه الأراضي بسرعة مراجعة إدارات الأملاك، بهيئة الإصلاح الزراعي بالمحافظات، وتقديم ما لديهم من بيانات، وتقنين تعاملهم على هذه الأراضي وفقًا للقانون.
ومن جانبه شدد محلب على ضرورة الإسراع بتحصيل مستحقات الدولة عن استغلال هذه الأراضي، بما في ذلك المتأخرات التي أهملت الجهات المسئولة تحصيلها على مدى السنوات الماضية.
وفي سياق متصل أوضح المهندس صلاح عز رئيس جهاز حماية النيل أن حجم التعديات على نهر النيل بلغت في يناير 2015، أكثر من 70 ألف حالة، تمت إزالة 17 ألف حالة منها، مضيفًا أنه تزايدت وتيرة معدلات إزالة التعديات في الفترة الأخيرة لتبلغ 2700 إزالة في 15 يومًا فقط؛ ما يؤكد جدية التعامل مع هذه المخالفات والتعديات.
طالبت لجنة استرداد أراضي الدولة ومستحقاتها، المحافظات بعدم التعامل على أراضي طرح النهر، أو تحصيل مقابل استغلالها إلا من خلال هيئة التعمير فقط؛ باعتبارها صاحبة الولاية على هذه الأراضي.
وذكرت اللجنة في بيان لها، إن هذه الأراضي تمثل قيمة كبيرة مهدرة؛ جرّاء عدم التنسيق بين الجهات المعنية؛ حيث أكدت هيئة التعمير والتنمية الزراعية، التي تلقتها اللجنة أن أراضي طرح النهر يمكن أن تدر عائدًا سنويًّا يقدر بالمليارات للخزانة العامة.
محافظة القاهرة.. 3ملايين و600 ألف متر مربع
في إطار استرداد أراضي الدولة بالمحافظات، قدّرت محافظة القاهرة مساحات الأراضي التي تم التعدي عليها بنحو 3ملايين، و600 ألف متر مربع؛ حيث بلغت حالات التعدي على أراضيها 17 ألف حالة؛ لتقوم قوات إنفاذ القانون بإزالتها واسترداد الأراضي لصالح الدولة.
واستردت اللجنة لمحافظة القاهرة نحو 150 ألف متر، وجارٍ استرداد باقي المساحات المعتدى عليها.
"الإسكندرية".. 290 ألف متر مربع.. ومليارا جنيه مديونات متأخرة
كشف تقرير محافظة الإسكندرية، عن حجم حالات التعدي على أراضيها التي بلغت نحو (987) حالة بالأحياء المختلفة، منها (33) حالة تعدٍ على بحيرة مريوط، تبلغ مساحتها (290) ألف متر مربع، إضافة إلى مديونيات متأخرة على شاغلي أراضي المحافظة منذ سنوات بلغت ملياري جنيه.
أزمة "شمال سيناء"
مشكلة أهالي بئر العبد أنهم منذ عام (2000) وحتى الآن تمددت مدينة بئر العبد عمرانيًّا لأكثر من الضعف؛ نتيجة نزوح كثير من الأهالي من مناطق الاشتباكات، والبؤر الملتهبة إلى المدينة، حيث إن نصف مباني وبيوت ومرافق وخدمات المدينة يقع ضمن هذه الأراضي التي تضمنها إعلان الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية عن مزاد علني - تم الإعلان عنه نهاية أبريل الماضي -
بمشروع تنمية شمال سيناء لمساحة (10) آلاف فدان بمنطقة بئر العبد، ضمن مشروع المليون ونصف فدان، بمساحة (2500) فدان مزاد مغلق على أبناء سيناء فقط، و(7500) فدان مزاد مفتوح لجميع المحافظات، ومن ضمنهم أبناء محافظة شمال سيناء، وأظهر حجم اعتراضات أهالي بئر العبد على المزاد أن واضعو اليد يسيطرون على عشرات ومئات الأفدنة بمشروع المليون ونصف فدان.
"جنوب سيناء".. البعد الاجتماعي
طالبت لجنة استرداد الأراضي ومستحقاتها، محافظة جنوب سيناء، بتقديم رؤية شاملة للتعامل مع ملف التعديات على أراضي الدولة، والتفرقة بين المضارين من أبناء المحافظة، والقبائل الذين يستحقون تقنين أوضاعهم؛ مراعاة لظروفهم الاجتماعية والمعيشية في استخدامهم لهذه الأراضي لإقامة مسكن عليها، وتجار وسماسرة الأراضي الذين يجب تطبيق القانون عليهم بشدة.
تعديات "دمياط"
بلغت التعديات على أراضي منطقة الجربي برأس البر، بمنطقة الصيادين القديمة 138 تعديًّا، ووجهت اللجنة محافظة دمياط الدكتور إسماعيل عبد الحميد بضرورة تحديد تصور قانوني لتقنين هذه؛ مراعاة للبعد الاجتماعي لهذه المنطقة، مع تحصيل حق الدولة عن هذه المخالفات.
ودعت اللجنة عبد الحميد، إلى عقد اجتماعات مع ملاك ومديري الكازينوهات والأندية الواقعة بمنطقة الجربي؛ لمطالبتهم بإزالة التعديات على مساحات كبيرة من الأراضي، ومنحهم مهلة لتنفيذ ذلك بشكل ودي، والعودة إلى المساحات المخصصة قبل قيام قوات إنفاذ القانون بتنفيذ الإزالات.
وأكد اللواء أحمد جمال الدين مستشار الرئيس للشئون الأمنية، على ضرورة مراعاة اللجنة للبعد الاجتماعي كأحد أهدافها الرئيسة، بما لا يسمح بأن يكون هذا الأمر سببًا في استغلال بعض التجار والسماسرة والمتربحين الفرصة لتحقيق مكاسب على حساب حق الشعب، وأراضي الدولة.
"الضبعة والعلمين".. 7490 فدانًا
كلفت لجنة استرداد الأراضي اللواء عبدالله عبد الغني رئيس الأمانة الفنية، بالتنسيق مع اللواء علاء أبو زيد محافظ مطروح، بتنفيذ قرارات الرئيس عبد الفتاح السيسي، الخاصة بتنفيذ قرارات الإزالة الصادرة بشأن التعديات على مساحة 7490 فدانًا بمشروع الضبعة والعلمين، وتسليم هذه المساحة لهيئة التعمير صاحبة الولاية عليها، واستثناء مساحة 1700 فدان تم بيعها من قبل؛ لحين قيام المشترين بسداد قيمة الترضية المتفق عليها، والمحددة بتقرير اللجنة الرئيسية لاسترداد أراضي الدولة.
أراضي "الكباري والطرق".. سداح مداح
كلفت لجنة استراد أراضي الدولة ومستحقاتها برئاسة المهندس إبراهيم محلب مساعد الرئيس للمشروعات القومية، هيئة الطرق والكباري بعمل حصر شامل بالأراضي الواقعة أسفل الكباري والطرق، مع بيان ما تم تقنين أوضاعه منها، وما سيتم طرحه للاستثمار في الفترة المقبلة، وأيضًا نوع التعديات الموجودة على بعض المناطق؛ لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالها لإزالتها، وإعادة تخطيط المساحات الشاسعة أسفل الكباري؛ منعًا لعودة العشوائية إليها مرة أخرى، أو سيطرة البلطجية عليها.
وطالبت اللجنة أن يشمل الحصر حجم التعديات الواقعة على الأراضي أسفل الطريق الدائري، وتحديد نوعها، وتصور الهيئة للتعامل معها، بما يضمن تطوير هذه المناطق واستثمارها بشكل حضاري.
"أراضي القليوبية".. 216 ألف متر مربع
رصد تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات نحو 653 حالة تعدٍ بالمحافظة، بلغت مساحاتها أكثر من 216 ألف متر مربع أغلبها مساحات بناء، ورغم صدور قرارات إزالة لها لم يتم تنفيذها، وطلب محلب دراسة تقرير المركز للمحاسبات ومراجعته؛ لتبدأ قوات إنفاذ القانون في إزالة التعديات.
الجهاز المركز للمحاسبات.. تقرير صادم
قدم محمود عبد الغفار وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات، للجنة استرداد أرض الدولة ومستحقاتها، تقريرًا تصمن حصرًا شاملًا عن التعديات على أراضي الدولة داخل زمام المحافظات لأول مرة منذ 2011، والتي بلغت ما يقرب من 25 ألف حالة تعدٍ وقع على نحو 22 مليون متر مربع من أراضي البناء، وما يقرب من 19 ألف فدان أراضي زراعية.
وبحسب وكيل الجهاز، التقرير تم اعتماد ما به من أرقام التعديات، ومساحاتها من خلال المحافظات، وتمت مراجعته من إدارات الجهاز المختصة.
وبدوره أحال المهندس إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية، تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن التعديات على أراضي الدولة بالمحافظات، إلى الأمانة الفنية للجنة استرداد أراضي الدولة برئاسة اللواء عبدالله عبدالغني؛ لمراجعته والتنسيق مع المحافظات؛ لاتخاذ القرارات المناسبة لإزالة تلك التعديات من خلال قوات إنفاذ القانون، أو تقنينها طبقًا لرؤية المحافظة بعد موافقة اللجنة.
وطالب محلب رئيس الأمانة الفنية التنسيق مع الدكتور هشام الشريف وزير التنمية المحلية، لعقد اجتماع لسكرتيري العموم بالمحافظات، وممثل الجهاز المركزي للمحاسبات، وقوات إنفاذ القانون؛ لدراسة هذا التقرير، وتحديد التعديات الواجب إزالتها، ووضع جدول زمني لتنفيذها.
ومن جانبه شدد اللواء أحمد جمال الدين مساعد الرئيس للشئون الأمنية، على ضرورة دراسة الحالات بعناية شديدة؛ حفاظًا على الأمن الاجتماعي، وأن تتولى المحافظات بالتنسيق مع مديريات الأمن تنفيذ قرارات الإزالة؛ منبهًا إلى ضرورة لجوئها إلى اللجنة في الحالات الصعبة، التي تحتاج إلى تدخل قوات إنفاذ القانون.
50 مليون جنيه في أسبوعين
نجحت لجنة استرداد الأراضي في إنهاء مشكلة المتعثرين في سداد الأقساط المتأخرة لصالح هيئة التعمير، عن حق الانتفاع أو مقابل تخصيص أراضٍ؛ حيث تمكنت الهيئة من تحصيل 50 مليون جنيه متأخرات في أقل من أسبوعين؛ بعد توقف عن التحصيل لعدة سنوات.
بيع الوهم
تمكنت مباحث الأموال العامة برئاسة اللواء على سلطان مساعد الوزير، من ضبط شركة وهمية تحمل اسم "الشركة المصرية الروسية للتنمية والاستثمار" تمارس النصب والاحتيال على المواطنين، من خلال البيع الوهمي لأراضي بمنطقتي؛ 6أكتوبر، والمغرة؛ حيث قامت على مدى الشهور الماضية بنشر إعلانات كاذبة عن امتلاكها مساحات كبيرة من الأراضي، وعرضها للبيع للمواطنين.
وكانت لجنة استرداد أراضي الدولة ومستحقاتها قامت برصد ومتابعة الإعلانات والأنشطة الخاصة بالأراضي، والتنسيق مع مباحث الأموال العامة، التي قامت بدورها في التحري؛ وأفادت التحريات بقيام الشركة بعمليات نصب على المواطنين، وتم القبض على صاحب الشركة، واعترف بعمليات النصب التي قام بها، وبتفتيش فرع الشركة بمنطقة 6أكتوبر، تم ضبط عدد كبير من عقود تنازل بيع مساحات أراضي بالمغرة بمطروح، والقطانية بالواحات، بمبالغ مالية تتراوح ما بين 27 إلى50 ألف جنيه للفدان الواحد؛ وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال الواقعة
17 ألف طلب تقنين لمليوني فدان
انتهت لجنة استراد أراضي الدولة ومستحقاتها إلى تكثيف العمل للجان التقييم والتسعير والتقنين خلال الأسابيع المقبلة، للانتهاء من طلبات تقنين الإشغالات التي تلقتها خلال الفترة الماضية ووصلت إلى (17) ألف طلب.
وكشف التقرير الأسبوعي الصادر من الأمانة الفنية أن المساحات التي تم التعدي عليها من أراضي الدولة والمطلوب تقنينها بلغت مليوني فدان.
واستغرقت اللجنة وقتًا في مواجهة العقبات والمعوقات التي صنعتها مافيا الفساد في ملف الأراضي على مدى العقود الماضية؛ لتضمن ألا يتحول تقنين الأراضي إلى باب خلفي، للتلاعب بها أو الاستيلاء عليها دون وجه حق.
ومن هنا كان من الضروري أن يعمل عدد من اللجان في وقت واحد؛ منها لجان لحصر أراضي الدولة المعتدى عليها، ولجان لفض تنازع الولايات وحسم تبعية الأراضي لجهات الدولة المختلفة، ولجان قانونية لمراجعة كل القوانين التي تحكم أراضي الدولة، وسد الثغرات التي من الممكن أن ينفذ منها الفساد، ولجان أخيرة لتلقي طلبات التقنين من المواطنين.
وكانت اللجنة انتهت من المراجعة القانونية، والتسعير، والإجراءات اللازمة للتقنين كافة لعدد 1200 طلب، وأصبحت جاهزة للتحصيل، وتسليم الدفعة الأولى من عقود التقنين، وبدأت في تسليم شهادات جدية للتقنين للراغبين حفاظًا على حقوقهم؛ وهو ما يتم حاليًّا بالتنسيق بين هيئتي؛ التعمير والخدمات الحكومية.
وتم توجيه لجان إلى محافظة المنيا؛ للتعامل المباشر، وتحصيل حق الدولة لأكثر من 300 ألف فدان، مقابل تقنينها بالتنسيق مع المحافظ.
وفي شأن ذي صلة، تم نقل ولاية 53 ألف فدان لمحافظة البحيرة، وبدأت لجان التقنين المشكلة من المحافظة، وهيئة الخدمات الحكومية عملها منتصف أبريل الماضي، وفق المعايير التي تم وضعها بالتنسيق مع المحافظة.
ومن جانبه أكد المهندس إبراهيم محلب مساعد الرئيس للمشروعات القومية، أن الفترة المقبلة سوف تشهد العديد من الإنجازات يلمسها المواطن العادي، تتعلق بإنهاء إجراءات التقنين لأكبر عدد من الطلبات التي توافق القانون، وتحصيل حقوق الدولة عن هذه الأراضي بمستهدف يصل إلى 300 مليون جنيه أسبوعيًّا كحد أدنى، مشددًا على لأن الفترة القادمة ستشهد توجيه العديد من اللجان إلى محافظات الصعيد؛ لتقنين الأراضي الموجودة بها، وأيضًا ستتواصل مزادات بيع الأراضي المستردة.
مليارات مهدرة بسبب الحصر السابق
يقظة اللجنة وعدم استعجالها أعاد مليارات كانت مهدرة على الدولة؛ فزادت حصيلة حالة واحدة من عشرات الملايين إلى ملياري جنيه؛ وحالة أخرى تم اكتشاف مساحات جديدة لم تكن في الحسبان؛ فمساحات أراضي طرح النهر المسجلة في أسوان لم تكن تتعدى 223 فدانًا زراعيًّا، و 306 آلاف متر مبانٍ ومرافق؛ لكن إصرار اللجنة على عدم الاعتراف بأي حصر سابق، وإعادة المراجعة الدقيقة من خلال هيئة الإصلاح الزراعي، كشف أن مساحة طرح النهر في هذه المحافظة يتجاوز 1900 فدان زراعي، ومليوني متر مربع مبانٍ. كما أن مساحة منطقة واحدة ببندر المنيا تتجاوز 425 متر مربع، تتجاوز المبالغ المستحقة عنها كحق انتفاع 163 مليون جنيه، أي أكبر من الحصيلة التي جمعتها الهيئة عن أراضي طرح النهر طوال العامين الماضيين بالكامل.
عراقيل في الطريق
أكد المهندس إبراهيم محلب مساعد الرئيس للمشروعات القومية، على ضرورة العمل بحرص شديد وإصرار على مواجهة مافيا الفساد، وإحالة عصابات الاتجار في أراضي الدولة إلى الجهات القضائية والأمنية المختصة؛ موضحًا أن المعتدين على أراضي الدولة، الذين لا يدفعون مليمًا واحدًا منذ سنوات بل عقود يبذلون ما في وسعهم لعرقة عمل اللجنة، فضلًا عن التشويه المتعمد لها.
وتابع محلب أنه عندما شرعت الدولة في سحب الأراضي منهم لعدم جديتهم حاولوا خداع مستثمرين عرب، وتوريطهم في مشروعات وهمية، من أجل إحراج الدولة، وإظهار اللجنة بأنها تعرقل الاستثمار؛ ما دفع اللجنة لتخصيص أراضي أخرى لهؤلاء المستثمرين لإقامة مشروعات عليها.
وكشف محلب أن هناك آلاف الملفات العشوائية، والمنقوصة، والضائعة، التي لا تحدد الجهة صاحبة الولاية على الأراضي، لافتًا إلى أن هناك جهات تتعاقد على أراضي لا تملكها، وجهات تحصل أموالاً على أراضي لا تتبعها، وجملة تعاقدات بالمخالفة للقانون.
مجلس النواب
اتهم النائب سعيد حساسين رئيس الهيئة البرلمانية لحزب السلام الديمقراطي، حكومة المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء بالتقصير في استرداد حقوق الدولة والشعب في الأراضي المنهوبة من قبل مافيا الاستيلاء على أراضي وأملاك الدولة.
اتهم النائب سعيد حساسين، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب السلام الديمقراطي بمجلس النواب، في بيان عاجل، حكومة المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، بالتقصير في استرداد حقوق الدولة والشعب من الأراضي المنهوبة من مافيا الاستيلاء على أراضي وأملاك الدولة.
وأكد حساسين أن تكليف الرئيس السيسي – خلال زيارته لصعيد مصر – للقوات المسلحة، ووزارة الداخلية، باسترداد الأراضي المنهوبة في مشروع المليون ونصف فدان يكشف تقصير الحكومة في استرداد حق الدولة والشعب في واحد من المشروعات القومية العملاقة، التي أطلقها الرئيس، وعرقله الروتين والبيروقراطية داخل أجهزة الدولة التنفيذية.
وطالب حساسين رئيس مجلس الوزراء بإزالة جميع التعديات على الأراضي الزراعية المملوكة للدولة، خلال الفترة التي حددها الرئيس السيسي والتي تنتهي نهاية الشهر الجاري، مشيدًا بتكليف الرئيس للقوات المسلحة والشرطة بإزالة هذه التعديات على أراضي الدولة.
ودعا حساسين إلى عقد اجتماع طارئ للجنتي؛ الزراعة والري، والدفاع والأمن القومي، واستدعاء رئيس الوزراء للحضور للرد على البيان العاجل بالأرقام؛ لمعرفة مساحات الأراضي التي تم التعدي عليها، وكشف مافيا الاستيلاء على أراضي الدولة بالأسماء، وتقديمهم للمحاكمة، واسترداد حق الدولة والشعب.
فيما اتهم النائب رحمي عبد ربه عبد الرحمن نائب شمال سيناء، واضعو اليد على أراضي بئر العبد بشمال سيناء أنهم يسعون لإفشال مشروع المليون ونصف فدان؛ بهدف الاستيلاء على الأراضي بثمن بخس، وتسقيعها، ثم بيعها بأثمان باهظة؛ لافتًا أن الدولة قامت بتوصيل المرافق والخدمات إلى هذه الأراضي؛ من طرق وترع وغيرها؛ وينبغي أن يتم تقنينها وبيعها بالأسعار المناسبة لصون المال العام.
وكشف نائب شمال سيناء، الهدف وراء تهديدات أهالي بئر العبد لمن يسعون لتنمية أراضي شمال سيناء عن طريق التخويف بالنزاع والصراع حتى التخلي عنها، بمحاولة إفشال مزاد وزارة الزراعة؛ حتى لا يرتفع سعر الأرض عليهم، فيستولون عليها بأثمان زهيدة؛ لافتًا ان الدولة قادرة على إنفاذ القانون وحماية المال العام، وهي المسئولة عن تسليم هذه الأراضي للملاك الجدد.
وأوضح النائب أن وزارة الزراعة قامت بعمل حصر شامل للأراضي المملوكة بوضع اليد، وسوف يتم تقنين ذلك؛ فسوف تتيح لهم مساحة لشرائها وفق قدراتهم، وعليهم التخلي عن باقي الأراضي، لافتًا إلى أن بعضهم يستولي على عشرات الأفدنة بوضع اليد، كما أنه سوف يتم مراعاة غير القادرين في إعطائهم ما يكفيهم، وتم الاتفاق مع نواب قسم بئر السبع والشيوخ على تقنين كل هذه الأوضاع.
الأقمار الصناعية.. هي الحل
طالب الدكتور محمد نوفل وكيل وزارة الزراعة، رئيس الإدارة المركزية للأراضي والمياه والبيئة الأسبق باستخدام الأقمار الصناعية في حصر أراضي الدولة التي تم الاعتداء عليها، من خلال وحدة الاستشعار عن بعد بمعهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة التابع لوزارة الزراعة.
وشدد نوفل على ضرورة تصدي الإدارة المركزية لحماية الأراضي؛ حيث إنها مخولة بالحصر والحماية والمراقبة، وتستطيع عن طريق وحدة الاستشعار عن بعد الرصد الدقيق لمساحات الأراضي، عبر تسجيل دقيق من خلال الأقمار الصناعية، لافتًا إلى أن الحصر الكامل يحتاج إلى إمكانات ضخمة، لا تتحملها الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
ورجح نوفل أن تكون مساحات الأراضي التي تم التعدي عليها كبيرة جدًا في معظم محافظات مصر؛ موضحًا أنها تتم بشكل يومي، وبصفة مستمرة، منبهًا أن القضية تحتاج إلى مزيد من الاستقرار؛ لتفعيل الرقابة والحماية على أراضي الدولة.