الأربعاء 19 فبراير 2025

طلعت حرب راجع..

  • 17-5-2017 | 11:39

طباعة

بقلم –  حمدى رزق

طلعت حرب رجع.. لسه، رجع.. لسه، رمضان رجع وطلعت حرب لسه، حاجة كده مثل مرسى راجع، لا مرسى راجع ولا طلعت حرب راجع،»  يامستنى مرسى يرجع القصر، يامستنى شاكيرا تصلى العصر» ، يضحكون على بسطاء الاخوان برجوع مرسى، ويضحكون من بسطاء المصريين برجوع طلعت حرب، عموما انا لابس الطربوش ومنتظر فى محطة مصر بكره العصر .

افتكاسة بنك مصر، طلعت حرب راجع، لم تجلب على العظيم طلعت باشا حرب إلا شلال من السخرية  المرة على صفحات التواصل الاجتماعى، العبقرى الذى صك العبارة  وأطلقها فى الفضاء المصرى ملغزة تستعصى على الفهم، لم يفطن الى انه اعلان افلاس فكرى لجهابذة البنك الذين يتحصلون على رواتب ومكافات..  اللهم لاحسد. اذا كان طلعت حرب بافكاره الاقتصادية التى تعود الى ثلاثينيات القرن الماضى سيحكم مستقبل البنك فى العالم الرقمي، قل على الدنيا السلام.

لطلعت حرب مكانه فى التاريخ تتحدث بها الصفحات، مؤسس بنك مصر، وعلم من اعلام الاستثمار الوطنى، ومفكر اقتصادى عظيم فى عصره بأفكار التمصير والتصنيع والإنتاج فى مواجهة الامتيازات الاجنبية، متخرج من مدرسة « سوارس» الشهيرة التى سجلت كواحدة من ٩ عائلات يهودية أمسكت بزمام الاقتصاد الوطنى فى حكم الخديوى اسماعيل، شهد طلعت حرب مقدرات الاقتصاد الوطنى بين ايديها فقرر ان يستقل راس المال الوطنى استقلالا يمكن لأصحابه الحقيقيين من إدارته لصالح الشعب المصرى.

كانت تجربة متفردة فى تأسيس راس مال وطنى بمال وطنى عبر بنك وطنى، ورسم نفسه منافسا حقيقيا وجديرا بالاحترام ووضع لبنات بنك أسس لصناعة زاهرة، خليق بالاحتفاء، وتصدر قائمة كتيبات نشرتها وزارة الاستثمار فى العام ٢٠١٠ ملحقة بمجلة « المصور « العريقة فى إقرار بفضل آباء الاستثمار الوطنى المعتبرين.

يصح التذكير بطلعت حرب وطنيا، ولكن رجوع البنك الى عصر طلعت حرب دون فلسفة حاكمة للاستثمار المستقبلى فى مواجهة الشركات العابرة للقارات، المهيمنة على المقدرات، يثير عجبا عجاب، طلعت حرب حاضر فى الضمير الوطنى، ولكن التمسح فى ثيابه، وارتداء طربوشه،  اخشى افلاس فكرى مابعده افلاس، الى هذه الدرجة نضبت افكار مسئولى البنك ليبحثوا فى دفاترهم القديمة عن ما تركه طلعت حرب من افكار بدايات القرن العشرين، أخشى الدنيا تغيرت، لو طلعت حرب بيننا لخلع الطربوش، ولغير طريقه تماماً، الطريق الجديد يحتاج الى فكر جديد .

وفسر الماء بعد الجهد بالماء، ولما وقعت الواقعة وصار الاعلان ملء السمع والبصر، وتطلع المصريون الى صورة طلعت حرب بالطربوش على قارعة الطريق، وقالوا مال طلعت حرب، وتساءلوا ضجرين عن موعد العودة، خرج عليهم  مسئولو البنك يتحدثون عن مغزى العودة  المنتظرة،  بالعودة الى ثنائية الزراعة والصناعة وتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة، وكانها كانت غائبة تماماً عن استراتيجيات البنك، فعادوا الى الأرشيف المحفوظ لتسقط الفكرة كالتفاحة على راس احدهم، فصرخ من الألم وجدتها وجدتها، طلعت حرب راجع، ياسلام على الأفكار والالهامات والفتوحات والكرامات.

عجيب أمرهم، طلعت حرب راجع ، كيف اذن سيعود، هل هناك مذكرة تفسيرية بالعودة الميمونة، هل هناك استراتيجية مكتوبة ومعلنة، الخطوط العريضة لعودة طلعت حرب، هل العودة الى عصر الطرابيش توفر حلا، وهل سيتوفر البنك على حلول،  ان اعلانات البنوك تشابهت علينا، يفكرك بإعلانات الحزب الوطنى المغدور، تحت عنوان « من أجلك انت « لم نعرف من هو انت حتى ساعته !  .

طلعت حرب كان مستثمرا وطنيا عظيما دافعه وطنى صرف فى زمن الامتيازات الاجنبية( راجع مقال الاستاذ محمد فريد خميس فى المصور العدد الماضى)، خلاصته راس مال وطنى فى مشروعات وطنية، لم يكن هادفا للربح بقدر استهداف تأسيس صناعات ومعامل واستديوهات، كان عينه على تنمية العملية الانتاجية بالاساس، هل هناك مثل هذا الهدف فى استراتيجيات بنك مصر او البنوك جميعا !!.

كل ما جلبه البنك من هذه الحملة الغامضة المستمرة بلا انقطاع، عرض مستمر فضائيا، فقط سخرية من الآباء المعتبرين للرأسمالية الوطنية المتحدية ببرنامج تمويلات وطنية لدعم الاقتصاد الوطنى بأفكار تجسدت على الارض وحدات اقتصادية ناجحة، قلقة نومة طلعت حرب الأبدية لم تثمر الا عن تساؤلات شارعية ساخرة ومحزنة.

ان يتحول رمزية طلعت حرب الى حملة دعائية دون إيراد مفردات تبرهن على تلك العودة الميمونة، تخيل سؤال المواطن البسيط : هل يعتزم بنك مصر تمويل انشاء مصنع طرابيش، اقله لما يرجع طلعت حرب يجد طربوشا صناعة وطنية، فى مصر ناس تلبس العمة وناس تلبس الطربوش.. استعدوا إذن  لعصر الطرابيش فى بنك مصر، تدخل تلاقى الموظفين لابسين طرابيش ولغة الخطاب بك وباشا وصاحب المعالى  !. 

معلوم من يقترب من قطاع البنوك ينفخ فى الزبادى كما يقولون، ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم، وهم يعانون حساسية من النقد ، ويمولون برامجا إذاعية وفضائية وصفحات تتحدث عنهم بكل الخير ، وكانهم يصنعون المعجزات فى وطن يترجى الله فى حق النشوق، وحكومته تترجى قرض الصندوق، ولكن طالما استهدفونا بإعلانات شعبوية على غرار طلعت حرب راجع، ومفروض نصدق عودة الغائب، فمتى العودة ان شاء الله، نحن فى انتظار جودو، اقصد طلعت حرب بكامل الهيئة والطرابيش فوق الرؤوس .

 

 

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة