بقلم – محمد حبيب
لا تستطيع أى حكومة بمفردها أن تحقق كل طموحات الشعب، فـ«العين بصيرة والإيد قصيرة ».. الحكومة عليها واجب مهم ورئيسى فى العمل على رفاهية الشعوب، ولكن هناك دور أيضا للأفراد لاسيما الأغنياء ، والمجتمع المدنى، فى النهوض بالمجتمع، وتوفير جزء من احتياجاته من خلال التبرعات، وهناك نماذج عديدة لأشخاص آمنوا -قولا وفعلا- بأهمية التبرع للأعمال الخيرية، ودوره فى حياة المجتمعات.
يعتبر «بيل جيتس» رئيس شركة مايكروسوفت السابق، الأكثر شُهرة بين المتبرعين فى العالم بثرواتهم لصالح الأعمال الخيرية، حيث تبرع بمبلغ ٢٧ مليار دولار من أصل ثروته الإجمالية التى تبلغ ٨٠ ملياراً، للأعمال الخيرية وبرامج للتنمية فى مختلف أنحاء العالم، وفى مجالات مختلفة، ومنذ عام ٢٠٠٨ قرر جيتس الابتعاد عن إدارته لشركة مايكروسوفت، والتفرغ لمنظمته الخيرية، مؤسسة بيل وميليندا جيتس، والتى تعد أكبر جمعية خيرية فى العالم والممولة من ثروته.
وعلى طريقة بيل جيتس، سار مارك زوكربيرج ، مؤسس موقع فيسبوك، الذى تبرع بـ ٩٩٪ من عائدات الموقع-فيسبوك- للمؤسسة الخيرية التى أنشأها برفقة زوجته، أى ما يعادل ٤٥ مليار دولار، ليصبح مارك الرجل الأكثر تبرعاً فى العالم.
كما تبرع رجل الأعمال المكسيكى من أصل لبناني، كارلوس سليم بما قيمته ٢٧.٣ مليار من إجمالى ثروته التى تصل لنحو٧٢ مليار دولار لصالح الأعمال الخيرية.
وهناك الأمريكى وارين بافيت رئيس مجلس إدارة شركة الاستثمار «بيركشير هاثاواي» الذى يمتلك ثروة تقدر بـ٦١ مليار دولار، وزّع منها ٢٥.٥ مليار دولار من أجل الأعمال الخيرية.
وقام رجل الأعمال الهندى عظيم بريمجى بإيداع ٨ مليارات دولار لصالح مؤسسته الخيرية، التى تهتم بمجالات التربية والتعليم.
أيضا تبرع كارل فرانسيس فيينى بمبلغ ٦.٣ مليار دولار لمؤسسته المعنية بالصحة والشئون الاجتماعية، ليصبح إجمالى ثروته ١.٥ مليار دولار فقط.
ومن النماذج الإسلامية فى التبرع، سليمان الراجحى مؤسس مصرف الراجحى بالسعودية. اشتهر الرجل بحب الخير، وتقديم التبرعات للكثير من المؤسسات الخيرية فى العالم العربي. الراجحى أوصى بتخصيص ثلثى ثروته للفقراء والأعمال الخيرية بما يعادل ٥.٧ مليار دولار.
كما أوصى الراجحى بعدم إقامة عزاء له عند وفاته، قائلًا فى وصيته: «من أراد العزاء فعليه التصدق بمبلغ التعزية للجمعيات الخيرية».
وفى قائمة الأكثر تبرعاً على مستوى العالم، هناك جوردون مور المؤسس والرئيس الفخرى لشركة «إنتل» الذى يمتلك ثروة تقدر بـ٧.١ مليار دولار. لكن حبه للعمل الخيرى جعله يتبرع بـ٥ مليارات دولار منها لمؤسسته ، التى تهتم بمشاكل البيئة والصحة والعلوم.
كما تبرع رجل الأعمال الأمريكى إيلى برود بمبلغ ٣.٣ مليار دولار من إجمالى ثروته التى تبلغ ٧.٤ مليار دولار لمجالات البحث العلمى والتربية والفن.
وفى مبادرة جريئة أعلن الملياردير الصيني، يوبينيان، تبرعه بكامل ثروته للجمعيات الخيرية دون أن يكون لأفراد أسرته أى نصيب منها، وتُقدَّر ثروة «بينيان» بـ٢ مليار دولار جمعها منذ أن كان حمّالاً على عربة حتى أصبح من أكبر رجال الأعمال فى الصين، وأيدته أسرته فى قراره، على الرغم أنهم تفاجئوا ولم يكونوا على دراية مسبقة به.
وذهبت الأموال المُتبَرَّع بها إلى مؤسسة خيرية أسسها بنفسه تساعد فى تمويل القضايا المحببة لقلبه، والتى تتضمن المنح الدراسية للطلاب، إلى جانب تمويل العمليات الجراحية للفقراء المصابين بالمياه البيضاء التى يعانى منها هو شخصيًّا.
وتبرع رجل الأعمال التركى، حمدى أولوكايا، بنصف ثروته البالغة ١.٤ مليار دولار لصالح أعمال خيرية ومساعدة المحتاجين فى أنحاء العالم.
وهناك رئيس الأورجواى الأسبق خوسيه موخيكا الذى لقب بـ«أفقر رئيس فى العالم وأكثرهم سخاء» لأنه تبرع بـ٩٠٪ من راتبه لصالح الأعمال الخيرية، ويعيش موخيكا أثناء فترة رئاسته الأورجواى خلال ٢٠١٠حتى ٢٠١٥، فى بيت ريفى مع زوجته لوسيا توبولانسكى، عضو فى مجلس الشيوخ، التى تتبرع هى الأخرى بجزء من راتبها.
وفى مقابلة أجرتها صحيفة «إل موندو» ، قال موخيكا إن أغلى شيء يملكه سيارته التى تقدر قيمتها بـ١٩٤٥ دولارا ، وأضاف أنه يتلقى راتباً شهريا قدره ١٢ ألفا و٥٠٠ دولار، يحتفظ لنفسه بمبلغ ١٢٥٠ دولارا فقط، ويتبرع بالباقى للجمعيات الخيرية. وأضاف موخيكا أن المبلغ الذى يتركه لنفسه يكفيه ليعيش حياة كريمة بل يجب أن يكفيه خاصة أن العديد من أفراد شعبه يعيشون بأقل من ذلك بكثير.
عربياً، أعلن الملياردير السعودي، الأمير الوليد بن طلال، أنه سيتبرع بكامل ثروته - التى تبلغ ٣٢ مليار دولار- لتمويل مشاريع خيرية وإنسانية بعد وفاته.
كذلك أعلن الرئيس التنفيذى لشركة آبل «تيم كوك» التبرع بثروته لصالح الجمعيات الخيرية، وعلل «كوك» إقدامه على هذه الخطوة بأنه «يريد أن يكون الحجر الذى يُلقَى فى ماء البحيرة ليخلق موجات من أجل التغيير».
وفى مصر هناك بعض النماذج المشرفة فى التبرعات، منها د. حسن عباس حلمى صاحب إحدى شركات الأدوية والذى تبرع بأكبر مبلغ للتبرعات فى تاريخ مصر، وهو ٢٥٠ مليون جنيه لصالح جامعة زويل العلمية، وهناك محمد صلاح لاعب فريق روما الإيطالى والمنتخب الذى تبرع بمبلغ ٥ ملايين جنيه لصالح صندوق تحيا مصر، ناهيك عن قيامه بإنشاء معهد أزهرى ومركز للغسيل الكلوى فى مسقط رأسه بمحافظة الغربية.
هذه النماذج المصرية جزء من تاريخ العمل الأهلى فى مصر، فمنذ بداية القرن الماضى شهدت مصر فورة فى العمل الأهلى، نشأ عنها ظهور مؤسسات مهمة أقيمت بجهود أهلية، أبرزها جامعة القاهرة، عام ١٩٠٨أول جامعة أهلية فى مصر، ومستشفى المواساة بالإسكندرية عام ١٩٣٦، ومشروع مقاومة الحفاء الذى بدأ فى عهد الملك فاروق واستمر بعد ثورة يوليو، ومشروع القرش الذى تبناه المناضل أحمد حسين مع فتحى رضوان عام ١٩٣١؛ وذلك لحث كل مواطن مصرى على أن يتبرع بقرش لإنقاذ الاقتصاد المصرى الذى كان يعانى آنذاك من آثار انخفاض أسعار القطن فى الأسواق.