الثلاثاء 7 مايو 2024

كل يوم فنان| "سيف وانلي" رسم الموسيقى والرقص وجسد جمال الحياة

سيف وانلي

ثقافة17-7-2021 | 22:27

مريانا سامي

"سيف وانلي" هو فنان تشكيلي مصري، بدأ رحلته الفنية في سن صغير برفقة أخيه أدهم وانلي والذي كان لهما معًا مرسمًا وبصمات متبادلة وتلاميذ ولوحات متفردة متميزة؛ حتى فارق أدهم الحياة واستكمل سيف وانلي مسيرته بمفرده والتي كانت مُرصعة بالنجاح لعبقريته الفذة.

ولد "سيف وانلي" وأسمه الحقيقي محمد سيف الدين إسماعيل محمد وانلي، في الإسكندرية 31 مارس لعام 1906 من أسرة ثرية ولها مكانتها الاجتماعية الكبيرة، فقد كان والده إسماعيل بك محمد ووالدته عصمت هانم الداغستاني، وهو الطفل الخامس بعد أربعة فتيات في أسرته ومن بعده أخيه ورفيق دربه أدهم وانلي.

كان "سيف وانلي" يعيش مع أسرته في الإسكندرية وتحديدًا في قصر جده بمحرم بك، مما كان لهذا المكان تأثيره الشديد عليه وأخيه من حب للحياة والمناظر الطبيعية، فقد عاش مع أخيه حياة الثراء والجمال وكان يحاوطهما لوحات جميلة طبيعية أو غيرها.

كانت أسرة وانلي تحضر المُعلمين إلى القصر حتى تعلم القراءة والكتابة واللغات؛ وحين كان يتدرب هو وأخيه أدهم في أحد الأندية، لاحظ مدير النادي رسوما كانا يخططانها لبطل الملاكمة الإنجليزي (جويكت) فأعجبته رسومهما وطلب منهما رسوما أخرى لبعض الرياضيين وكافأ سيف وأدهم بساعة ثمينة لكل منهما .

في عام 1929 درس سيف وانلي مع أخيه الفن في مدرسة حسن كامل والتي أصبحت فيما بعد "الجمعية الأهلية للفنون الجميلة بالإسكندرية"، وبعدها بعام انتظما الأثنان في دراستهما بمرسم الفنان أتورينو بيكي وقد درسا هناك فن التصوير الزيتي، وبعد رحيل بيكي افتتحا مرسمهما الخاص.

وفي مقال بعنوان: "أسطورة سيف وانلي" ذكر أن في عام 1950، حظى الأخوان بأول معرض فردى لهما بالمتحف المصري للفن الحديث في القاهرة، وقد لقبهما صحفي فرنسي بـ "أحفاد دیجا" إدجار ديجا، وهو فنان تشکیلي فرنسي ومع بداية إنشائهما، أعطت وزارة الثقافة منحة مدى الحياة للأخوين لتكريس كل جهدهما للفن وهو ما مكنهما من ترك وظائفهما الأخرى.

مضی سیف وانلی في تجريب وتطویر أنماطة الفنية بين الانطباعية والتعبيرية والواقعية والتكعيب فيما يعمق تجربته مع العناصر الميتافيزيقية، وبهذا قدم سیف ما يقدر بأكثر من 3 آلاف لوحة وأكثر من 8 آلاف لوحة طوال حياته.

في عام 1959 كانت اللحظة الفاصلة في حياة سيف وانلي حين توفي أخيه ورفيق دربه أدهم، الذي بدأ معه المشوار الفني حتى أخر لحظات حياته ليتركه يستكمل مسيرته الفنية وحيدًا.

لم ينتم سيف وانلي لاتجاه واحد فقط، لكنه كان غزير الإنتاج وكان إنتاجه متنوع في كل الاتجاهات كان يكتشف وينتج في كل المدارس مع إضافة طابعه الخاص، وربما أكثر مايميز أعمال وانلي إنه كان يجسد الحفلات وراقصات البالية والممثلين وعروض الاوبرا، كانت لوحاته ضجيج من غناء والموسيقى والرقص والحياة.

وقد ذكر عنه في كتاب" رجال من بلادي":كـان يرسم في الأسبوع الواحد ما يرسمه الآخرون في عام، ولم أر خطوطا أقرب إلى الموسیقی والشعر من خطوط سیف وانلى .

وفوق ذلك كله لم أر فنانا - قط - يحب الثقافة ويهضمها في سهولة ويسر حتى تتحول في جسمه الفني إلى دماء نقية صافية مثلما رأيت في سيف وانلي .

كانت رسوماته رائعة، وكانت أحاديثه في الفكر والثقافة رائعة، وكانت بساطته في كل شيء رائعة، كان لديه من غزارة المعرفة ما كان يملکه لويس عوض، وكان لديه من شفافية الثقافة وإنسانيتها ما كان ملکه محمد مندور .

لم يهتم أبدا بفكرة المنفعة، وإنما اهتم دائما بفكرة الجمال، كانت أعصابه هادئة، وكان صوته هادئا، وكان الهدوء الذي فيه صافيا جدا وبعيدا كل البعد عن الافتعال، وكان طيبا مع الجميع حتى مع الأشرار.

وقد عمل سيف وانلي بعدة وظائف أهمهم، أستاذا لفن التصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عند إنشائها صيف 1957 ومستشاراً فنياً بقصور الثقافة بالإسكندرية، كما كان رئيساً للجمعية الأهلية للفنون الجميلة.

وحصل على العديد من الجوائز منها : فاز بالجائزة الكبرى في بينالي الإسكندرية عام 1959، وحصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1973 كما حصل على الدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون في أكتوبر 1977.

Egypt Air