شارك الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي، رئيس اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو – ألكسو – إيسيسكو)، صباح اليوم السبت، في اجتماع رفيع المستوى على هامش الدورة الممتدة الـ44 للجنة التراث العالمي، الذي تنظمه وزارة التعليم واللجنة الوطنية لليونسكو بالصين، بعنوان "تعليم التراث لمستقبل مُستدام"، وذلك عبر تقنية الفيديو كونفرانس، بمشاركة كل من تشين باوشنغ، وزير التربية والتعليم في جمهورية الصين الشعبية،أغابيتو مبا موكوي، رئيس المجلس التنفيذي لليونسكو، شو شينغ، نائب المدير العام لليونسكو، تيان شيوجون، رئيس الدورة الرابعة والأربعين المُوسعة للجنة التراث العالمي، والدكتورة غادة عبدالباري الأمين العام للجنة الوطنية المصرية لليونسكو.
في بداية كلمته، أكد الدكتور خالد عبدالغفار أن مصر تشارك في الاجتماع بصفتها عضوًا نشطًا في لجنة التراث العالمي من بين 21 دولة عضو، حيث تؤمن مصر بأهمية التراث العالمي باعتباره الرابط الذي يربط التاريخ العريق بالمستقبل المنشود.
وأشار الوزير إلى أن مصر تُولي أهمية بالغة للثقافة والمُحافظة على التراث، حيث اتخذت الحكومة المصرية العديد من الخطوات الجادة لإبراز التراث المصري الغني، بما في ذلك تطوير وإنشاء متاحف جديدة في جميع أنحاء الجمهورية، لعرض أكبر عدد مُمكن من الآثار المصرية، باستخدام أحدث طرق العرض التي من شأنها المُحافظة على الآثار، وكذلك رفع كفاءة المواقع الأثرية المتميزة، واعتماد نهج متوازن بين الجهود التنموية والحفاظ على قيمة وسلامة المواقع الأثرية الفريدة.
وأوضح خالد عبدالغفار أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أكد في أكثر من مناسبة على أهمية الحفاظ على التراث العالمي، وحماية الأماكن الأثرية بجميع أنحاء العالم، مشيرًا إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي عقب مرور نحو ثلاثة أشهر من تنظيم مصر احتفالًا مهيبًا برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبمشاركة المدير العام لليونسكو، لنقل مومياوات ملكات وملوك مصر القُدماء، في موكب ملكي مُهيب إلى المتحف القومي للحضارة المصرية، الذي تم إنشاؤه بالتعاون الوثيق مع اليونسكو. وأشار الوزير إلى أن اتفاقية التراث العالمي تعتبر فريدة من نوعها، حيث أنها تدمج مفاهيم حماية الطبيعة والحفاظ على التراث الثقافي في وثيقة واحدة، كما تؤكد الاتفاقية على أهمية دور المُجتمعات المحلية، التي تعد أداة فعالة لمُعالجة قضايا تغير المناخ، والتحضر السريع، والسياحة الجماعية، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية المُستدامة، ومواجهة الكوارث الطبيعية، والتحديات المعاصرة الأخرى.
وأكد عبدالغفار أن تعليم التراث العالمي يعد عنصرًا أساسيًا في تحقيق أجندة التنمية المُستدامة لعام 2030، وهو ما شرعت فيه الحكومة المصرية منذ عام 2014، مشيرًا إلى أن النظام التعليمي المصري نجح إلى حد كبير في اجتياز جائحة فيروس كورونا، كما تقوم الدولة بإعادة تشكيل النظام التعليمي بأكمله على المستويين المدرسي والجامعي، وإدخال نهج حديث للموارد التعليمية، واستخدام أحدث تقنيات تكنولوجيا المعلومات وتوسيع استخدام موارد التعلم الرقمية، بالإضافة إلى تعزيز قدرات وكفاءة المُعلمين وقادة التعليم والمُشرفين لتحسين جودة العملية التعليمية وتحسين مستوى النشء والخريجين.
وشدد الوزير على أهمية توجيه الدعم للمدارس والجامعات لدمج تعليم التراث في مناهجها وتعزيز قدرة المُعلمين والأساتذة المسؤولين عن تدريسها، مشيرًا إلى أن تعليم التراث الفعال قد يساعد في بناء هوية الإنسان، وتمكينه أكاديميًا واجتماعيًا وسياسيًا، حيث يعد التراث أداة مهمة نحو التنمية الشخصية، مما يساعد في تعزيز الفكر لدى أفراد المجتمع بشكل عام، وطلاب المدارس والجامعات بشكل خاص، نحو التعلم مدى الحياة واكتساب خبرات في مختلف المجالات. وذكر الوزير إحدى قصص النجاح في مجال (تعليم التراث)، من قِبّل أربع جامعات حكومية مصرية وهم (جامعة الإسكندرية، جامعة حلوان، جامعة عين شمس، جامعة دمنهور)، ووزارة الآثار المصرية بالإضافة إلى جامعات من فرنسا وإيطاليا واليونان، بهدف إعادة التأكيد على أهمية التربية التراثية في مصر، حيث يُعتبر التراث الثقافي أصلًا مشتركًا وجانبًا أساسيًا لتأكيد الهويات الثقافية كما يُمثل الحِفاظ على هذا التراث تعزيز سياسة التنمية المستدامة للدولة، وإثراء عمليات التعلم لدى الشعوب.
وفي ختام كلمته، أكد د. عبدالغفار أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي دعّمت العديد من المبادرات والبرامج في مجال التربية التراثية، على مستوى البكالوريوس والدراسات العليا، ويظهر ذلك جليًا في تقديم جامعة حلوان برنامج البكالوريوس في "دراسات التراث والمتاحف" وبرنامج الدكتوراه في نفس المجال، كما تُقدم بالتعاون مع جامعتين ألمانيتين برنامج ماجستير مُشترك في "حفظ التراث وإدارة المواقع" وتمنح درجة علمية مزدوجة، وكذلك إطلاق برنامج الماجستير في "دراسات المتاحف"، فضلًا عن إنشاء قسم أكاديمي جديد بجامعة حلوان، لاحتضان كل هذه المبادرات تحت اسم "قسم التراث ودراسات المتاحف" باعتباره الأول من نوعه في مصر، كما تُقدم جامعة الإسكندرية برامج متخصصة في "دراسات المتاحف" وتستضيف كرسي اليونسكو في "التراث الثقافي المغمور بالمياه".