ظل صامتًا دون أن يتحرك في صحراء جرداء وسط حرارة الشمس تلتهب رمالها التي اشبه بالرمال المتحركه ، واقفاً يصرخ الي الله حاملًا علي رأسه صخره من صخور الجبال؛ وقفًا رافعًا يده اليُسري يمسك بالصخره متحملاً الآمها، وفي يديه اليمني يمسك صليبًا يضعه علي رأس شخصًا امتلئ قلبه بالافعال الشريرة تسكنه أرواح شيطانية لا يعلم أن هذا الشخص قدرة سوف يأتي تحت يد رجل زاهد ترك العالم متجولًا بين جبال البادية ورمالهُا يبحث عن الله لكي يقع تحت ايديه وقدره وأن يخرج تلك الأرواح التي سكنت فيه، أصر ذالك الشخص الذي تحمل قوة الصخرة علي رأسه مُحملاً اياه بيديه اليُسري أنه لن يترل الصخرة من علي رأسه حتي أن يُحرر ذالك الشخص من الأرواح الشيطانية التي تسكنه .
إنه الراهب " بولس البسيط" أحد الرهبان المصريين الأوائل في العالم، كان تلميذًا للأنبا انطونيوس مؤسس الرهبنة في تاريخ المسيحية.
كان فلاحًا ثم اصبح قديسًا
وبحسب كتاب التاريخ الكنسي ( السنكسار)، أن في عام 225 ميلادية، أن بولس كان فلاحًا بسيطًا وتقيًا، تزوج من فتاة جميلة جدًا، وإذ سمع عنها إشاعات كثيرة كان يسألها في لطف فتظهر بصورة الإنسانة الطاهرة؛ وفي أحد الأيام إذ رآها في ذات الفعل ترك لها المنزل وانطلق إلى القديس أنبا أنطونيوس أب الرهبان ليتتلمذ على يديه.
يرفض رهبنته بسبب كبر سنه
التقى القديس أنبا أنطونيوس بهذا الشيخ الفلاح البسيط، وعرف إنه قد بلغ الستين من عمره نصحه أن يعود إلى حقله ومحراثه، إذ يصعب عليه أن يبدأ في هذا العمر الحياة الرهبانية، وعندما ألحّ عليه بإصرار طلب منه أن يذهب إلى أحد الأديرة في الوادي ليسلك مع الإخوة بما يناسب شيخوخته، لكن هذا الشيخ أصرّ ألا يترك الجبل.
يواجه تجارب قاسية
اختبره القديس أنبا أنطونيوس بتجارب قاسية، وكان يتعجب لاحتماله وصبره وطاعته بالرغم من شيخوخته، نذكر منها أنه تركه عند مجيئه أربعة أيام دون طعام وهو يرقبه لئلا يخور، كما سأله أن يبقى عند باب المغارة، فبقي أسبوعًا كاملًا يحتمل حرارة الظهيرة وبرد الليل دون مفارقته للباب؛ وأيضًا طلب منه أن يضفر حبلًا، وبعد أن ضفر حوالي ثمانية أمتار طلب منه أن يفك الحبل ويضفره من جديد؛ وفي هذا كله كان مملوء طاعة، يعمل مجاهدًا في بساطة وببشاشة.
يعيش راهبًا متوحدًا
إذ رأى القديس أنبا أنطونيوس مثابرته بروح التقوى قبله متوحدًا، وطلب منه أن يبني قلاية في الطريق ما بين سفح الجبل ومغارته.
موهبة إخراج الشياطين
وهبه الله عطية إخراج الشياطين، ومن أجل حبه الشديد لخلاص كل نفس وُهب معرفة أفكار الرهبان، ففي إحدى المرات إذ نزل إلى أحد الأديرة على ضفاف النيل رأى الرهبان يدخلون الكنيسة، ووجوههم منيرة وتصحبهم ملائكتهم الحارسون لهم، لكنه شاهد بينهم راهبًا قد حمل صورة بشعة على وجهه، وكان ملاكه الحارس يتبعه من بعيد في حزنٍ شديد بينما كانت مجموعة من الشياطين تسحبه كما بسلسلة، إذ رأى القديس بولس هذا المنظر صار يبكي بمرارة، وكان يجلس عند باب الكنيسة يقرع صدره، فخشي كل راهب أن يكون هذا القديس يبكي على خطيته إذ كان الكل يعلم أنه يرى أفكارهم، وعند انتهاء القداس الإلهي رأى القديس الراهب قد تغير تمامًا، فقد صار وجهه منيرًا وملاكه يصحبه متهللًا بينما الشياطين تبتعد عنه.
يحمل صخرةً علي رأسه
اتوا أًناسًا إلى القديس ألانبا انطونيوس وبصحبتهم شخصًا عليه روح شريرة فأرسلهم الانبا انطونيوس إلى الراهب بولس البسيط؛ فظل هذا الراهب يُصلي ولم يخرج الشيطان فأتى بصخرة ووضعها علي رأسه رافعًا عيناه إلى السماء وقال " يارب يسوع المسيح انا مش هنزل هذا الحجر ولن أذوق الطعام والشراب حتي أن يخرج هذه الروح الشرير من هذا الشخص"، وبالفعل قبل الانتهاء من الصلاة خرج الروح الشرير صرخًا وقالت " اين أهرب من بساطتك يا بولس".