الإثنين 29 ابريل 2024

أمجاد الأهلي.. بين الإدارة والإرادة

مقالات18-7-2021 | 21:26

على الجميع أن يتعلم الدرس.. ويقرأ أسباب النجاح والإبداع والتفوق.. واعتلاء العرش الإفريقي والعربي والمحلي.. فلا مجال للصدفة أو الحظ أو المجاملات.. هذه التابوهات التى روَّجها الخصوم.. ولتكن شهادة حق من زملكاوي صميم يقول: «ولنا فى الأهلي الدرس والعبرة والنموذج».

الشياطين الحمر أثبتوا أن الفردية لا تُسمِن ولا تُغْنِى من جوع.. وأن الإساءات والصوت العالي لا يصنع تاريخًا.. وأن الاحتشاد خلف الهدف هو الطريق إلى المجد.. ولا عزاء للشتامين وأصحاب الذوات المتضخمة والمتطاولين وصُنَّاع المعارك الوهمية.. فالنجاح هو الأهلي.

أنا زملكاوي وأفتخر.. لكن شهادة الحق لا تعرف زملكاويًا أو أهلاويًا.. فقد توقفت كثيراً بالدروس والعبر والنتائج من فوز الأهلي التاريخي باللقب العاشر لبطولة إفريقيا.. بعد أن نجح فى التهام «كايزر» تشيفز الجنوب إفريقى بثلاثية رائعة.

الحقيقة.. لا مجـــال للحــــديث عن الحـــظ أو المجاملات أو التحكيم.. تلك «التابوهات» التى كان ولا يزال يرددها البعض حول فوز الأهلي الجارف بالبطولات المحلية والإفريقية، وتاريخه فى المباريات مع الفرق الكبرى العالمية؛ فالأهلي كيان مؤسسي عظيم له طبيعته الخاصة، ومبادئه وقيمه التى جعلته مؤسسة وطنية عريقة فى مجال الرياضة عموماً وكرة القدم بوجه خاص.

زملكاويتي لا تمنعني أن أوجه التحية والتهنئة لجماهير الأهلي، وأيضاً التحية والتهنئة والتقدير لمجلس إدارة النادي الأهلي بقيادة الكابتن محمود الخطيب، بل التحية لكل مجالس إدارات الأهلي السابقة التى كتبت تاريخاً وأمجاداً عريقة، ورسَّخَتْ مبادئ وقيمًا منحت الأهلي خصوصية فريدة، وجعلته أحد القوى الناعمة المصرية فى الوطن العربي والقارة السمراء.

ما بين الإدارة والإرادة.. تكمُن أسرار الأمجاد الأهلاوية، والإنجازات المدوية، وتشريف الرياضة والكرة المصرية؛ فالعمل المؤسسي بلا ضجيج أو مهاترات، وبالإدارة المؤسسية والفكر والتخطيط وتحديد الأهداف، وتوفير الإمكانيات، وتوظيف كل العناصر لصالح تحقيق الهدف، وأهم ما يعجبني فى إدارة الأهلي النموذج والمثل فى النجاح، هو ترك الأمور لأهل العلم والتخصص.

ورغم تاريخ الكابتن محمود الخطيب كواحد من ألمع وأبرز المواهب الرياضية فى كرة القدم، لم نسمع أنه تدخل يوماً فى عمل الجهاز والمدير الفني، أو فرض خطة لعب، أو تدخل لصالح إشراك لاعب بعينه، ووفَّر مع مجلس إدارته كافة المقومات والأسباب والإمكانيات لنجاح الفريق، وأن يكون الحساب فى نهاية العام أو نهاية المشوار؛ تلك هي روشتة المجد الأهلاوية، وأسباب قوة القلعة الحمراء.

لا تحدثنى مرة أخرى عن الحظ والمجاملات؛ بل حدثني بالنتائج والبطولات؛ فهناك فرق، ولعلنى أسمح لنفسى بأن يكون الزمالك هو المثل والنموذج الذى سأتحدث عنه بصفتى «زملكاوي»؛ فالنادى دائماً على مدار السنوات الماضية كان بؤرة للأحداث الساخنة والمشاحنات وكثرة الكلام والضجيج والخلافات والتراشقات، والإساءات، والتدخل فى عمل الأجهزة الفنية، والإمساك «بالحديدة الإعلامية» على مدار اليوم للحديث عن الآخرين والإساءة إليهم، وكثرة المعارك التى لا تُسْمِن ولا تُغْنِى من جوع.

 وكان من الأفضل أن يعين رئيس النادي متحدثاً باسم الفريق؛ للرد على أسئلة الإعلام والجماهير ويتفرغ هو لرسم السياسات وتوفير الإمكانيات وأسباب النجاح، وليس الإساءة للآخرين، والحديث فى الإعلام بمناسبة ودون مناسبة، والنرجسية والتعالي، وسب وقذف الآخرين «من فرط حزنى على الزمالك» وإهدار الوقت فى أمور بلا عائد أو طائل؛ فالعمل ثم العمل فى صمت، هو أفضل طريق للنجاح، لكن حرق الكهرباء والمجهود على المهاترات بطبيعة الحال سيؤدى إلى نتائج عكسية.

ربما يكون الزمالك من خلال مجموع لاعبيه وقوام فريقه الزاخر بالنجوم والمواهب والأسماء اللامعة، هو الأفضل فى مصر، لكنها الإدارة وتوظيف هذه المواهب، لم يكن بالشكل المطلوب؛ فهناك تغيير دائم للأجهزة الفنية وتدخل غير مبرر فى عملها، وإشغال اللاعبين والفريق بمعارك تشتت تركيزهم، ولا تجمعهم على تحقيق هدف واحد.

الأهلي مؤسسة عملاقة، أخذت بأسباب العلم والإدارة العبقرية، وأيضاً الإرادة الصلبة التى نطلق عليها «روح الأهلي»، لا يمكن أن تُسلِّم أن الأهلي سيخرج مهزوماً أو متعادلاً إلا بانتهاء المباراة، فريق عظيم يظل يقاتل فى الملعب لآخر ثانية فى المباراة حتى يتحقق الهدف وهو الفوز، لا تتعجب ولا تعلق على شماعة المجاملات والحكام، عندما ترى الأهلي يحسم المباراة فى الثواني الأخيرة من الوقت بدل الضائع.. هل رأيت الخطيب يوماً يتحدث بغير الأدب والاحترام؟!.. هل سمعت أن هناك مدرباً أو مديراً فنيًا أُهين فى الأهلي أو وُجِهَّتْ إليه ألفاظ نابية؟!.. هل هناك لاعب فى الأهلي اشتكى من ضياع حقوقه؟!.. هل وجدت لاعباً يخرج عن النص ويتجــاوز مبادئ الأهلي ولا تصل إليه عصا الأدب، أو التــأديب، أو حتى الرحيـــل، حتى ولو كان مَن كان؟!.. فالأهـلي لا يتوقف على لاعب.. فهو مؤسسة.

هل السر فى مَن يرتدى «الفانلة الحمراء»؟!.. هل كُنت تعرف من قبل محمد شريف أو «أفشة».. أو السولية أو أكرم توفيق أو حتى الشناوى؟!!.. والذين أصبحوا نجوماً لامعة فى الأهلي؟.. هل وصل خيال أي فريق مصري إلى أن يستعين بمدير فنى أفريقي مثل «موسيماني».. وما حققه للنادى الأهلى من إنجازات وبطولات كبيرة؟!.. فهو يتنفس بطولات، ولا يعرف سوى المبادئ والعمل فى صمت.. مجلس إدارة على قلب رجل واحد.

فى اعتقادى أن الأهلى وضع روشتة نجاح لأى عمل.. وهو درس لأى إنسان يريد أن يبلغ النجاح؛ فالنادى يمر بكبوات لكن سرعان ما يقوم وينتفض، فأنا «زملكاوى» ولكن لا أنكر إعجابى بمؤسسية الأهلي، وأتمنى أن تنتقل إلى الزمالك؛ فإذا كان البعض يساوره أي شك فى فوز الأهلي ببطولة الدوري هذا العام، فأنا أؤكد أن الأهلي هو البطل، ولا يعنى فوزه بالبطولة العاشرة فى دولاب البطولات الإفريقية أنه سوف يتراخى أو يتساهل فى السعي للفوز بالبطولة هذا العام؛ فهو واهم، لأن الأهلي يحفظ عن ظهر قلب طريق البطولة ولا يعرف غيره.

فوز الأهلي عشية السبت الماضي ببطولة أفريقيا، وتسجيل رقم قياسي بالفوز للمرة العاشرة هو إبداع كروي ومجد عظيم يجعل من هذا النادي الكبير رمزاً عربياً، ومارداً إفريقيا، وحديث الصباح والمساء فى الأوساط الكروية ليس فى مصر وحدها، أو إفريقيا والدول العربية، ولكن حديث العالم.

مؤسسية الأهلي لابد أن تنتقل إلى اتحاد كرة القدم؛ ليتعلم كيفية إدارة هذا الملف، والذى يشكل قوة ناعمة مصرية، ويدرك كيف تتحقق الأمجاد بعيداً عن التفرقة والازدواجية وعدم الحيادية، ويتمسك بأهداب العدل والجدية.

الأهلي ليس مجرد ناد ولا مؤسسة، الحقيقة نحن أمام نموذج لكل مَن يريد أن يعتلى سلم المجد، عليه أن يدرس الحالة الأهلاوية التى تجمع بين عبقرية الإدارة وصلابة الإرادة؛ فلا تستهن بروح الأهلي أو روح الفانلة الحمراء فى مجال الرياضة، والأهلي امتداد أو جزء من فكرة نجاح الدولة المصرية فى تحقيق المعجزات فى السنوات الأخيرة، ليتأكد الجميع أن مَن يمتلك زمام الرؤية وتحديد الهدف وعبقرية الإدارة وإرادة العمل والتضحية وصلابة التحدى، وهنا يوجد النجاح والإبداع وبلوغ الأهداف.

لن أسمح لنفسي مرة أخرى بالاقتراب من الذات الأهلاوية إلا بالاحترام والتقدير لكل عناصر هذه المؤسسة التى شرَّفَتْ مصر، وأكدت أن كرة القدم واحدة من القوى الناعمة التى نحتاج إليها، وإضافة لعراقة وثقل للقوى الناعمة المصرية.

فى كل الأحوال، فوز الأهلي باللقب الإفريقى العاشر واكتساحه للبطولات المحلية، هو درس واضح لكل نادٍ يريد أن يصل إلى منصات البطولات، ويبلغ ذروة النجاح والإبداع؛ فليس هناك عمل ناجح ومستمر ومتكرر ومتواصل وليد الصدفة، أو درب من دروب الحظ، بل نتاج عمل وجهد شاق وصبر وصمت وكفاح ونضال وروح واصطفاف واحتشاد ومبادئ وقيم.

«الفشلة».. هم من يتشدقون بالحظ والمجاملات والحكام، والعجزة هم من يثرثرون «عمال على بطال».. فتش عن العاملين فى صمت وأدب وإصرار وتحد، والذين لا يتركون أمورهم للصدفة والعشوائية ولا يتبعون سياسات الدم الخفيف والثقيل أو الحب والهوى، وهناك نوع جديد من الإدارة، وهو الإدارة بالاحترام المتبادل.. الإدارة بإعلاء المبادئ والقيم والأخلاق الممزوجة بالرؤية والإصرار والتحدى والروح.

الإدارة الناجحة هي أن تكون إنساناً بمعنى الكلمة، لكن لا تفرط بأي حال من الأحوال فى جودة عملك وإنتاجك، ولا تتهاون فى بلوغ ذروة النجاح وسنام التفوق والإبداع، أن تفعل ما عليك بشرف وأخلاق، وتترك النتائج على رب العالمين.

مبروك للنادي الأهلي ومجلس إدارته الذين منحونا الدرس فى أن النجاح والتفوق لا يأتي صدفة أو ضربة حظ.. ولا عزاء للشتامين والنرجسيين وأصحاب الذوات المتضخمة والعشوائية فى الإدارة.. ولكل الأندية المصرية المثل والدرس والعبرة فى النادي الأهلي.. مبروك لجماهير الأهلي.. ولكن ارحموا جماهير منافسكم، وأنا منهم، والتى أصيبت بكافة الأمراض المزمنة من ضغط وسكر واكتئاب، وربنا يستر على قلوب جماهير مخلصة شعارها: «سنظل أوفياء».. مبرووووووك.. وتحيا مصر.

Dr.Randa
Dr.Radwa