الأحد 23 يونيو 2024

في ذكرى 23 يوليو.. كيف دعمت الكنيسة الثورة؟

رجال الكنيسة ومجلس قيادة الثورة

تحقيقات23-7-2021 | 22:44

حازم رفعت

تظل الكنيسة رمزًا وطنيًا ساهمت وتساهم في العديد من المواقف الوطنية داعمة للمواقف السياسية لخدمة الوطن وتبدي شغفها في استقرار الوطن ووحدة الشعب.

بدأت الكنيسة المصرية في دعمها للدولة المصرية منذ ثورة 23 يوليو 1952، حيث دعم البابا الراحل يوساب الثاني، الثورة المصرية من خلال توعية المواطنين بعقد مؤتمرات لتوعية ودعم الثورة في الكنائس، تلك الإسهامات التي عززت من موقف الكنيسة تجاه الدولة ونشر التقارب الفكري مع مؤسسة الأزهر الشريف، حيث تُعبر هذه هي البذرة التي نشأت بين الكنيسة والأزهر.

الكنيسة والثورة

يُعتبر البابا الراحل  يوساب البابا الـ ١١٥ أول من سعى في عام ١٩٥٣م إلي جعل الدولة تقوم بتحديد أعياد الأقباط وجعلها إجازات رسمية مصرح بالغياب فيها للمواطنين الأقباط، حيث قام برفع مذكرة بذلك إلى جمال عبد الناصر رئيس مجلس الوزراء وكان وقتها محمد نجيب رئيسًا لمصر وبالفعل وافق مجلس قيادة الثورة و صدق عليها عبد الناصر في الأول من يوليو قبيل الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة بمنح العاملين الأقباط في الدولة بالسماح بالتأخير ساعتين كل يوم أحد حتي العاشرة صباحًا لحضور صلوات القداس، وخمسة أيام إجازة خاصة بأعياد الأقباط وهى عيد الميلاد والغطاس وأحد الشعانين وخميس العهد وعيد القيامة المجيد.

زيارة عبد الناصر للبابا يوساب

في 8 يناير 1953 وكان عيد الميلاد المجيد الأول بعد قيام ثورة يوليو؛ قام البكباشي جمال عبد الناصر عضو مجلس الثورة من الضباط الأحرار ونائب رئيس الوزراء وقتها بزيارة خاصة إلى البابا يوساب الثاني في غرفته الخاصة في البطريركية القديمة بكلوت بك، إذ كان لقاءًا باسمًا وفيه أهدي قداسته سبحة قيمة للبكباشي جمال وكان البابا وقتها قد تخطي الـ77 من عُمره وكان مريضًا ويرتدي النظارة التي اشتهر بها وكان زيه بسيطا ويرتدي طاقية عادية ولم تكن القلنسوة قد عادت للأديرة القبطية وقتها.

ناصر والأقباط " صدام وصداقة"

كانت الكنيسة  القبطية في أضعف مراحلها، حينما قامت ثورة 23 يوليو 1952، إلا أن الأمر لم يدُم طويلاً إذا أصدرت الثورة قراراً بإلغاء الأوقاف القبطية، الأمر الذى أغضب الكنيسة، وجاء عام 1955 ليصدر الرئيس جمال عبدالناصر قرارًا بإلغاء المحاكم الملّية التي كان الأقباط يحتكمون إليها داخل الكنائس لحل أحوالهم الشخصية، وتختص بالفصل في قضاياهم، واحتجت الكنيسة على ذلك بل إنها تحمّل إلى اليوم الدولة مسئولية تفاقم أزمة «الطلاق والزواج الثاني» للأقباط بسبب هذا القرار حتى اليوم.

وجاء قرار عبد الناصر بتأميم قناة السويس عام 1956، ليُحظى بتأييد الأقباط ودعمهم للدولة في مواجهة الغرب وحرب 1956، قبل أن تمتد عملية التأميم لتشمل الأقباط وشركاتهم، بعد أن طالت الغالبية العظمى من رجال الأعمال الأقباط قرارات الثورة بمحاربة الإقطاع والإصلاح الزراعي، وتسببت تلك القرارات في خسائر اقتصادية باهظة للأقباط قُدرت حسب مصادر قبطية في ذلك الوقت بنسبة تتراوح ما بين 70% و75% في قطاع النقل، إذ طال التأميم شركات «إخوان مقار والأسيوطي، وأبورجيلة، وحكيم مرجان»، و44% في مجال الصناعة، حيث أممت «مصانع فؤاد جرجس، وعطية شنودة، وتاجر، وتكلا»، و51% في مجال البنوك، و34% من الأراضي الزراعية، حيث تم نزع ملكية آلاف الأفدنة من عائلات قبطية، مثل عائلات «دوس، وأندراوس، وويصا، وخياط» الشهيرة في ذلك الوقت.

وبعد أن اعتلى قداسة البابا الراحل كيرلس السادس خلفًا للبابا يوساب الثاني، سٌدة الكرسي المرقسي، في عام  1959، اختلفت الأوضاع بين الكنيسة والدولة؛ فسعى البابا الجديد وقتها لفتح قنوات اتصال مع رئاسة الجمهورية، أثمرت في هذا الوقت صدور القانون رقم 264 لسنة 1960 الخاص بإنشاء هيئة الأوقاف القبطية، وتم رد بعض الأوقاف التي تم تأميمها للكنيسة للإنفاق منها.

وتحولت تلك العلاقة بين الكنيسة والدولة إلى علاقة شخصية بين البابا  الراحل كيرلس السادس والرئيس جمال عبدالناصر، حتى تنقل بعض المصادر الكنسية عن تلك الفترة بأنه كان باب الرئيس مفتوحًا دائمًا للبابا كيرلس يأتي إليه وقتما يشاء، ووصفت تلك الفترة بأنها العصر الذهبي للأقباط الذى لا يضاهيه أي عهد سوى العهد الحالي بين البابا توا ضروس الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي.

بناء الكاتدرائية المرقسية في العباسية

ومن أبرز ما قدمته الدولة في تلك الفترة للكنيسة والأقباط، هي بناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، إذ  قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أن تسهم الدولة بنصف مليون جنيه في بناء الكاتدرائية الجديدة، نصفها يدفع نقدًا ونصفها الآخر يدفع عينًا بواسطة شركات المقاولات التابعة للقطاع العام، والتي يُمكن أن يعهد إليها بعملية البناء، وتم وضع حجر الأساس للكاتدرائية في عام 1965 قبل أن يتم افتتاحها في عام 1968 في حفل كبير حضره  الرئيس عبد الناصر، وإمبراطور إثيوبيا هيلا سلاسى، إلا أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أشارت إلى أن حجم التبرع الذى قدمته الدولة لبناء كاتدرائية  مارمرقس بالعباسية بلغ 150 ألف جنيه فقط.