يعقد مجلس الأمن الدولي بعد غد الاثنين جلسة تشاورية مهمة حول معوقات تنفيذ قرار المجلس رقم 2565 الصادر في 26 فبراير 2021 والخاص بعدالة توزيع لقاحات كورونا حول العالم لاسيما في مناطق الصراعات وبلدان العالم الأقل نموا، وسيتم عقد هذه الجلسة التشاورية بناء على طلب تقدمت به المملكة المتحدة للمجلس .
وذكرت مصادر الأمم المتحدة أن جلسة بعد غد ستعكس شواغل حكومات الدول الأعضاء في المجلس بشأن "انعدام عدالة توزيع اللقاحات بين بلدان العالم الغنية والفقيرة بالمخالفة لقرار المجلس رقم 2565" .
وأوضحت البيانات الصادرة عن تحالف "كوفاكس" أنه كان ما يربو على ملياري جرعة لقاح مخططا لها أن يتم توزيعها على بلدان العالم خلال الفترة المتبقية من العام الجاري، كما كان مخططا كذلك توزيع 1.8 مليار جرعة لقاح على 92 بلد منخفض الدخل على مستوى العالم في مطلع عام 2022، إلا أن بيانا صدر عن كوفاكس أمس كشف عن عمق الفجوة بين ما كان مخططا له وما تم تنفيذه على أرض الواقع، فوفقا لبيان "كوفاكس" لم يتم تقديم سوى 136 مليون جرعة لقاح حتى الآن .
وسيكون فيرنانديز تارانكو مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشئون بناء السلام متحدثا رئيسيا في الجلسة وإلى جانبه رامش راشاسينجام مساعد الأمين العام للشئون الإنسانية وذلك لاطلاع المجلس على مستوى التقدم الحاصل على صعيد توزيع لقاحات كوفيد - 19 والمعوقات التي تشهدها تلك العملية .
وستكون جلسة بعد غد هي أول جلسة يعقدها مجلس الأمن حول تنفيذ قراره 2565 السابق الإشارة إليه منذ صدور القرار في فبراير الماضي، وهو القرار الداعي إلى تسهيل وصول اللقاحات لمناطق الصراعات في العالم والتأكيد في هذا الشأن على وجوب الالتزام بقرار المجلس رقم 2532 الصادر في أول يوليو 2020 الداعي إلى بناء تعاون دولي يضمن وصول اللقاحات لمناطق العالم التي تشهد صراعات ساخنة باعتبار ذلك قضية إنسانية في المقام الأول، وبناء آلية تعاون دولية لإيصال اللقاحات وتوفيرها "آلية كوفاكس" وهى الآلية التي حظيت بإجماع أعضاء المجلس الـ15 منذ تدشينها في مطلع يوليو 2020 .
وتسعى بريطانيا بدعوتها لعقد اجتماع لمجلس الأمن بعد غد إلى بناء توافق دولي على ضرورة محاربة ما وصفته "بكافة أشكال التمييز في كثير من دول العالم على صعيد تقديم اللقاحات، ومستوجبات دعم الطواقم الصحية والبنية الأساسية في بلدان العالم الأقل نموا بما يمكنها من تسريع وتيرة تقديم اللقاحات بعدالة لمواطنيها بما في ذلك المشردين والنازحين من مناطق الصراعات والاقتتال" .
وذكرت تقارير الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية أن بلدان العالم ذات الدخل المنخفض والمتوسط تشهد حركة بطيئة على صعيد تلقي لقاحات كوفيد - 19 وذلك على خلاف ما كان ينشده قرار مجلس الأمن 2565 وتحالف كوفاكس، إلا أن التقارير الأممية التي تتوقع وصول اللقاحات بكميات كافية خلال ما تبقى من العام الجاري وفى مطلع العام 2022 كانت باعثا لمجلس الأمن الدولي للبحث عن ضمانات عدالة وصول تلك اللقاحات في مختلف بلدان العالم الأشد احتياجا لا سيما التي تشهد منها أحداثا ساخنة وصراعات مسلحة وهو ما سيناقشه أعضاء المجلس في جلسة الاثنين .
وتشير التقارير الأممية إلى أن قرار الهند بحظر تصدير اللقاحات الهندية كان أحد العوامل الرئيسية في إحداث تلك الفجوة بين حجم اللقاحات التي كان مخططا توريدها لبلدان العالم الأشد احتياجا وبين ما تحقق فعليا على الأرض، وذكرت "كوفاكس" أن القرار الهندي قد أبطأ من حركتها لتوفير ومن ثم لإمداد دول العالم الأشد احتياجا لها بالسرعة المطلوبة خلال الربع الثاني من العام الجاري، وهو ما عبر عنه "تحالف كوفاكس" في بيان أصدرته في 27 مايو الماضي صادقت عليه كل من منظمة الصحة العالمية وتحالف "جافى" لمؤسسات الدول المنتجة والمصدرة للقاحات، وصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسيف" .
وأثار هذا الوضع المتأزم مشاغل دول العالم الكبرى وفى مقدمتها أعضاء مجلس الأمن الذين سيناقشون في اجتماع بعد غد مجمل الأوضاع المتعلقة بإنتاج وتوزيع لقاحات كورونا إلى بلدان العالم النامية ومناطق الصراعات .
وفي الثاني من يونيو الماضي، عقد التحالف الأممي للقاحات كورونا "قمة افتراضية" حول ما تلك المشكلة استطاع خلالها تأمين معدات تمويل بقيمة 4ر2 مليار دولار أمريكى لتسريع جهود توزيع اللقاحات في البلدان الأشد احتياجا، وتعهدت حكومة اليابان وحدها بتقديم 800 مليون دولار، كما تعهدت بلدان أخرى خلال القمة بتقديم 775 مليون دولار لهذا الغرض .
وفى 13 يونيو الماضي تعهدت مجموعة الدول السبع بتقديم 870 مليون جرعة لقاح عبر آلية "كوفاكس" لإيصالها إلى بلدان العالم الأشد احتياجا للقاحات .
كانت روزمارى ديكارلو وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لشئون السياسة وبناء السلام قد أكدت في إفادة لمجلس الأمن بتاريخ 25 يناير 2021 وجود تفاوت فى مستويات التعافي من كورونا في مناطق العالم التي تشهد صراعات نتيجة إخفاق الجهود الدولية في إيصال اللقاحات للمدنيين من ساكني تلك المناطق، معتبرة أن ذلك من شأنه "تهديد السلم والاستقرار العالمي" في وقت بدأت فيه جائحة كورونا في الانقشاع النسبي في مناطق أخرى من العالم أكثر استقرارا .
من جانبه، قال رامش راشاسينجام مساعد الأمين العام للشئون الإنسانية، في تصريحات له استبقت جلسة بعد غد الاثنين، إنه سيطلع المجلس على معوقات عمل شبكات الإمداد بلقاحات كورونا بما في ذلك نقص الكميات، وعزوف بعض ساكني مناطق الصراعات عن تلقيها حال وصولها إليهم، وعدم تجاوب بعض حكومات الدول التي تشهد مناطق توتر مع جهود الأمم المتحدة لمواجهة ذلك .