قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين، إن "حل الدولتين" هو الحل الوحيد للقضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الفلسطينيين يريدون أراضيهم، ورفع رايتهم فوق بيوتهم.
وأوضح الملك عبدالله الثاني - في حوار أجراه في واشنطن، مع شبكة (سي إن إن) الأمريكية وأوردته وكالة الأنباء الأردنية اليوم /الأحد/ -أن الأصوات القادمة من فلسطين وإسرائيل تشير إلى استعدادهم للمضي قدما وإعادة ضبط العلاقة بينهما، لافتا إلى أن الصراع الأخير كان بمثابة صحوة للجانبين من عواقب عدم التقدم إلى الأمام، وأنه للمرة الأولى منذ عام 1948 بدا أن هناك حربا داخل إسرائيل.
وردا على سؤال حول رأيه بالحكومة الإسرائيلية الجديدة وفرص السلام في ظلها.. قال العاهل الأردني: "كوني أول زعيم من المنطقة يأتي إلى الولايات المتحدة بعد انتخاب الرئيس جو بايدن، كان من المهم أن نوحد رسائلنا لأن أمامنا العديد من التحديات، فكان من المهم أن ألتقي القيادة الفلسطينية بعد الصراع الأخير، حيث التقيت بالرئيس الفلسطيني محمود عباس.. وكذلك أن ألتقي أيضا برئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيليين، لأنه علينا فعلا أن نعيد الجميع إلى طاولة الحوار، ضمن إطار بحثنا عن طرق لإعادة إطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
وأضاف: "ربما علينا أن نتفهّم أن هذه الحكومة قد لا تكون الأنسب لحل الدولتين، الذي برأيي هو الحل الوحيد.. فكيف إذن بإمكاننا بناء جسور التفاهم بين الأردن وإسرائيل، حيث إننا لم نكن على وفاق مؤخرا.. ولكن الأمر الأهم برأيي هو كيف يمكننا أن ندعو الفلسطينيين والإسرائيليين للحوار مجددا.. لقد خرجت من هذه اللقاءات (مع الفلسطينيين والإسرائيليين) متفائلا.. وكما رأينا في الأسبوعين الماضيين، لم يكن هناك تحسن في التفاهم بين الأردن وإسرائيل فحسب، بل أن الأصوات القادمة من فلسطين وإسرائيل تشير إلى استعدادهم للمضي قدما وإعادة ضبط العلاقة بينهما".
وبشأن اعتقاده أنه بإمكان الإسرائيليين الحفاظ على الوضع الراهن، أي أن تكون لديهم السيادة على المناطق التي يعيش فيها الفلسطينيون في الضفة الغربية وغزة ولكن دون أن تكون للفلسطينيين أي حقوق سياسية.. قال الملك عبدالله: "أعتقد أن هذا التصور غير دقيق ويخفي وراءه تعقيدات كثيرة، وأقول ذلك لأنه عندما تنشب صراعات، كما رأينا مسبقا، فإننا نعلم ماذا سيحصل خلال ثلاثة أسابيع من الصراع، فهناك خسارة للأرواح ومآس للجميع.. أما الحرب الأخيرة مع غزة هذه المرة، فكانت مختلفة.. إنها المرة الأولى منذ عام 1948 التي أشعر بأن هناك حربا داخل إسرائيل".
وتابع: "أعتقد أن ذلك كان بمثابة صحوة للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، من عواقب عدم التقدم إلى الأمام وعدم منح الفلسطينيين الأمل.. ومرة أخرى، واحدة من الأمور التي ناقشناها مع نظرائنا الإسرائيليين هو كيفية الاستثمار في سبل معيشة الفلسطينيين، فإذا فقد الفلسطينيون الأمل، ستكون الحرب التالية، أكثر ضررا.. لا أحد ينتصر في هذه النزاعات، وفي هذا الصراع الأخير لم يكن هناك فائز.. وأعتقد أن طبيعة العلاقات الداخلية التي ظهرت لنا في القرى والمدن الإسرائيلية كانت نداء يقظة لنا جميعا".
وحول رأيه بشأن تصريحات دوري جولد، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، التي قال فيها: "إنه على الأردن أن يبدأ التفكير بنفسه على أنه الدولة الفلسطينية.. أي أن هناك حل الدولتين، والدولة الفلسطينية بموجبه هي الأردن".. قال الملك عبدالله الثاني: "مجددا، هذا النوع من الخطاب ليس بجديد.. ولهؤلاء الأشخاص أجندات يريدون تنفيذها على حساب الآخرين.. الأردن هو الأردن.. لدينا مجتمع مختلط من خلفيات عرقية ودينية مختلفة، لكن هذا بلدنا.. الفلسطينيون لا يريدون أن يكونوا في الأردن.. إنهم يريدون أراضيهم، ورايتهم ليرفعوها فوق بيوتهم".
وبشأن لقائه مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، تابع الملك عبدالله الثاني: "لحسن الحظ، تربطني علاقة قوية جدا مع جميع الرؤساء، وهذا هذا لا ينطبق على الولايات المتحدة فقط. ولطالما كانت مباحثاتي معهم مثمرة ومبنية على الاحترام المتبادل والتفاهم.. أنا أعرف الرئيس بايدن منذ كنت شابا أزور الكونغرس عندما كان بايدن عضوا شابا في مجلس الشيوخ الأمريكي، فهذه صداقة قديمة.. وكنت سعيدا جدا لرؤيته في البيت الأبيض، ولا أعرف ما هي الانطباعات التي تشكلت عن اللقاء، لكن أعضاء الوفد المرافق شهدوا التفاهم بيننا".
وردا على سؤال حول الاستقرار في الأردن.. قال: "عادة ما ننظر إلى الأزمات بشكل منعزل دون فهم المسيرة التي خاضها بلد مثل الأردن، خلال الأعوام العديدة الماضية، والتي شهدت عدم الاستقرار في المنطقة، والحروب، وأزمة اللاجئين، وفيروس كورونا.. وقد مر علينا عدد من الشخصيات التي عادة ما تستغل إحباط الناس ومخاوفهم المشروعة وهم يسعون لتحسين سبل معيشتهم، للدفع بأجنداتهم الخاصة وطموحاتهم.. وأعتقد أن ما جعل هذا أمرا محزنا جدا هو أن أحد هؤلاء الأشخاص هو أخي، الذي قام بذلك بشكل مخيب للآمال".
وأضاف: "قامت الأجهزة الأمنية، كما تفعل دوما، بجمع المعلومات ووصلت إلى مرحلة تولدت لديها مخاوف حقيقية بأن أشخاصا معينين كانوا يحاولون الدفع بطموحات أخي لتنفيذ أجنداتهم الخاصة، وقررت الأجهزة الأمنية وأد هذا المخطط في مهده وبهدوء.. ولولا التصرفات غير المسؤولة بتسجيل المحادثات مع مسؤولين أردنيين بشكل سري وتسريب مقاطع الفيديو، لما وصلت فينا الأمور للحديث عن هذه القضية في العلن".
وتابع: "أفخر بأفراد أسرتي عندما يحققون إنجازات وعندما يتواصلون مع المجتمع.. ولكن فيما يخص هذه القضية، إذا كان لدى أحدهم أي طموحات، هناك حد لما أستطيع القيام به من أجلهم.. لكنني أعتقد أنه من وجهة نظر إنسانية، يجب أن تكون النوايا صادقة، فمن السهل جدا استغلال مظالم الناس لتحقيق أجندات شخصية، لكن هل أنت صادق وأنت تحاول أن تقوم بذلك؟ وفي المحصلة، نحن نتحمل جميعا مسؤولية مشتركة في إيجاد الحلول لمشاكل الشعب.. وهذا الأمر لا يتعلق فقط بالأردن، فالعديد من العائلات المالكة حول العالم تواجه هذه التحديات.. إذا كنت أحد أفراد العائلة المالكة، فلديك امتيازات، لكن في الوقت ذاته يقابلها محددات.. والسياسة، في النهاية، هي محصورة بالملك، ولهذا فإن ما حدث كان أمرا مؤسفا، وغير ضروري، وأوجد مشاكل كان بالإمكان تجنبها".