تظل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية علي مدار تاريخها هي الحصن الأمين للدفاع عن الوطن والهاوية المصرية، حيث واجه الأقباط منذ عقود الأحتالات المختلفة التي عانت البلاد من بداية العصر الروماني حتي الإنجليز، وتحتفل الكنيسة القبطية، اليوم الإثنين، بتذكار إستشهاد الأمير تادرس الشطبي، أحد ضباط الجيش الروماني في عهد الإمبراطور الوثني الجاحد دقلديانيوس الذي شن هجومًا شديدًا علي الأقباط المصريين لإرغامهم علي ترك هويتهم المصرية والدينية، وتستعرض "دار الهلال" في سطور عن قصة حياة البطل المصري الأمير تادرس الذي ترك كل المناصب من أجل رفضة ترك الديانة المسيحية والدفاع عن الهاوية المصرية واقفًا في وجه الأمبراطور الوثني متحديًا قراراته.
تادرس المُشرقي
الأمير تادرس المشرقي هو شاب مصري من قرية شُطب شمال محافظة سوهاج، إذ تعيد الكنيسة بتذكاره في 20 أبيب من كل عام قبطي يوافق 27 يوليو ميلاديًا، كان والده يوحنا يُقيم في قرية تابور التابعة لمدينة شُطب، في عهد الملك الروماني نوماريوس؛ الذي أرسل الأمير أنسطاسيوس إلى مصر ليختار رجال أشداء يصلحون للحرب في الجيش الروماني لمحاربة الفرس، فوقع الإختيار علي يوحنا ليترك مصر ويسافر إلى انطاكية لينضم الي الجيش الروماني فكان قبل بالرفض من الشاب يوحنا أن يُغادر وطنه؛ إذ قام زوج أخته كيريوس بإقناع الأمير بأن لا يؤديه بسوء إلا أن الأمير قام بالقبض علي يوحنا و القاءه في الحبس، حيث رأه في محبسه رؤية إلهية تطمنه بأن يسافر إلى انطاقية ويوافق بالعرض الذي أتاه به الأمير.
مغادرته مصر وزواجه من ابنة احد الامراء
غاد يوحنا الذي كان يعتنقد الديانة المسيحية الي انطاقية وإذ رأه الملك نوماريوس وأُعجب به، فقربة إليه، بل وزوّجه بأوسانية ابنة الأمير الوثني أنسطاسيوس؛ وزرق منها بطفل دعته " تادرس "، وحاولت الأم الوثنية أن تميل قلب زوجها المسيحي إلي الوثنية ولكنها فشلت فترك إنطاكية وعاد إلى بلده بصعيد مصر.
الشاب تادرس في حيرة بين ديانة والده وديانة والدته
عاش الأمير تادرس في حيرة لفترة طويله مترددًا ما بين اعتناقه ديانة والده ام ديانة والدته، وبعد أن كبر تادرس واصبح أميرًا؛ الحقته والدته بمكتب البلاط الملكي ليتعلم الجندية لكي يصبح ضابطًا في الجيش الروماني، وقد حظا بمكانته الخاصة في البلاط الملكي، خاصةً وانه حمل روح الحكمة والتقوى، عرف خلال اتصالاته أن والده كان مصريًا مسيحيًا طردته الاميرة والدته بسبب إعتناقة الديانة المسيحية ورفضة اعتناق الوثنية، فسأل الشاب والدته عن مصير ومكان والده إلا إنها ابلغت له كذبًا بأن والده قد مات؛ أما هو فكان يُصر إلحاحًا علي والدته لتخبره عن مكان والده لانه يعلم جيدًا أن والده مازال علي قيد الحياة، حيث ابلغها عن إعتناقة بديانة والدة وهي المسيحية، فحاولة الأم اقناعه وعدوله عن القرار واعتناقة للديانة الوثنية ولكنها فشلت.
تادرس يلتقي بوالده
ذهب الأمير تادرس والتقى بوالده حنا في صعيد مصر إلا أن لقاء الإثنان لم يكن طويلًا، حيث توفى يوحنا عقب لقاء ابنه تادرس بخمسة ايام.
الفُرس يعلن الحرب علي الرومان
بعد أن أعلن الفُرس الحرب علي الروم؛ فعاد الامير تادرس إلي انطاكية؛ وجمع جيوشه ونظم صفوفه؛ ودخل في حرب طويلة مع الفرس حتي أنتصر عليهم، فأعجب به جدًا الامبراطور دقلديانوس وعينه واليًا علي أحد المقاطعات الرومانية بعد موت واليها فجعله واليًا على مدينة أوخيطس.
الامير ينقذ طفلين من فم التنين
كان بالمدينة تنين ضخم يرتعب منه كل أهل مدينة أوخيطس، فكانوا من فترة إلى أخرى يقدمون له طفلًا أو اثنين يبتلعهما فيهدأ، فرأى القديس تادرس والي المدينة رئيس الملائكة يدعوه لإنقاذ امرأة تقف من بعيد تحتاج إلى معونته، وبالفعل تطلع إليها القديس وسألها عن سبب حزنها فخافت أن تتكلم لكنه، إذ ذكر اسم المسيح هدأت وأخبرته أنها إنسانة مسيحية، كان رجلها جنديًا وثنيًا، مات وترك لها ابنين قامت بعمادهما سرًا، حيث ثار أهل زوجها عليها جاءت إلى هذه المدينة هاربة ومعها الولدان، فأراد أهل المدينة تقديمهما للآلهة، رفض كهنة الأوثان ذلك وطلبوا من مقدمي الطفلين أن يربطوهما في شجرة بجوار الموضع الذي يظهر فيه التنين حتى متى رآهما يأكلهما فيهدأ، إذ رأى القديس مرارة نفسها ركب جواده وانطلق نحو الموضع الذي يظهر فيه التنين، وعبثًا حاول رجال المدينة العظماء ثنيه عن عزمه، إذ كانوا يخافون عليه من هذا الوحش الضخم العنيف، أما هو فصلى إلى ربنا يسوع المسيح علانية، وانطلق يقتل الوحش وأنقذ الولدين بل والمدينة كلها.
يقدم حياته من اجل انقاذ الهوية المصرية
بالرغم من اتفاق ليسينيوس مع الإمبراطور قسطنطين على ترك الحرية الدينية في البلاد بمقتضى مرسوم ميلان سنة 313 م، لكن بقي الأول يضطهد المسيحيين بعنف حتى هزمه قسطنطين عام 325 م في هذه الفترة استشهد الأمير تادرس، الذي اشتكاه كهنة الأوثان لدى الملك ليكينيوس.