حصل الدكتور صلاح محمد عبد العاطي، اليوم الخميس، على شهادة الدكتوراه في فلسفة العلوم السياسية من معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية في الجمهورية مصر العربية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولي ، بعد أن ناقش أطروحة الدكتوراه النوعية بعنوان "محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين في ضوء حصول فلسطين على صفة الدولة غير العضو المراقب في الأمم المتحدة".
وتمثلت لجنة المناقشة في الدكتور محمد شوقي عبد العال استاذ العلوم السياسيه في جامعة القاهرة وعضو مجلس الشوري وأمين عام السياسات التشريعية في حزب مستقبل وطن، والدكتور محيي الدين قاسم أستاذ العلوم السياسيه في جامعة القاهرة وأحد أهم الباحثين العرب في مجال القانون والعلوم السياسية، والدكتور عبدالعال سليمان الديربي أستاذ العلوم السياسية في جامعة السويس وكيل كلية الدراسات العليا بالجامعة.
وبحضورومشاركة كبيرة من الأكاديمين والإعلاميين والحقوقيين المصريين والفلسطينيين وتلبية دار الهلال لدعوة رئيس الهيئة الدولية لحشد للحضور.
وتمحورت مشكلة الدراسة في كون الاحتلال الإسرائيلي ما زال جاثماً على الأراضي الفلسطينية وبعض الأراضي العربية ويمارس أبشع الجرائم الدولية، منها ما يتعلق بالقتل الجماعي، وتعمد استهداف المدنيين، ومصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات، وفرض الحصار وجرائم العدوان، والعقوبات الجماعية، وتهويد القدس، وبناء جدار الفصل العنصري، واستمرار الاعتقالات الجماعية والتعذيب وهدم المنازل والاغتيالات وغيرها من الجرائم التي مارسها الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني وما زال يمارسها، لذا بات لزاماً استخدام كافة الخيارات الوطنية والدولية لمحاسبة ومحاكمة المجرمين الإسرائيلي.
وبينت الدراسة أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحصولها على صفة الدولة غير العضو المراقب في بالأمم المتحدة اتاح المجال للانضمام إلى كافة الاتفاقيات والأجسام الدولية وعلى رأسها الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقيات القانون الدولي الانساني، هو ما يعني حق الدولة الوليدة في تحريك الدعاوى الجنائية والمدنية الدولية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ونوهت الدراسة إلى وجود عقبات داخلية وخارجية متعددة تقف أمام دولة فلسطين غير العضو في سبيل ملاحقة المتهمين الإسرائيليين، سواء أكانت تلك العقبات من الناحية القانونية أم القضائية أم البشرية أم المادية، متمثلة في عدم وجود قانون وطني موحد لملاحقة الجرائم الدولية، كما أن الانقسام الداخلي الفلسطيني يعيق قدرة النظام القانوني على التدخل، إضافة إلى ضعف القدرة القانونية والقضائية، وموسمية عمل اللجنة الوطنية العليا للمتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، وضعف القدرة المالية، ونقص الوعي القانوني والحقوقي لدى ضحايا الجرائم الدولية.
وأشارت الدراسة إلى العقبات الدولية التي تواجهه محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين والتي تمثلت في تحكم الدول العظمى في مجلس الأمن، وضعف تنظيم التعاون القضائي الدولية، وتراجع القضاء المحلي حول العالم عن الملاحقات والمحاكمات لأغراض سياسية، إضافة إلى الضغوط الأمريكية والإسرائيلية على السلطة الوطنية الفلسطينية.
وخلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج أبرزها: أنه لا يزال مفهوم المحاسبة لقادة الاحتلال في الحالة الفلسطينية يكتنفه الغموض، في ظل عدم المعرفة الكافية بإطارها الحقوقي والقانوني الدولي والإقليمي، كما أن القيادة الفلسطينية تعاملت مع مسار محاسبة الاحتلال بنوع من الموسمية، و لم تقم السلطة أو المنظمة في أي مناسبة بطلب توفير الدعم والعمل الجاد لتفعيل مسارات المحاسبة على المستوي الوطني والإقليمي والدولي.
ولفتت الدراسة المقدمة إلى إن تأخير وإبطاء مسار محاسبة قادة الاحتلال عن الجرائم والانتهاكات الجسيمة بحق الفلسطينيين، سوف يشجع دولة الاحتلال الحربي الإسرائيلي على ارتكاب المزيد من جرائم الحرب ضد المدنيين الفلسطينيين، كما وسيكرس ثقافة الإفلات من العقاب على الجريمة الدولية، كما أن ملاحقة جرائم الاحتلال الإسرائيلي من خلال محاكمة الجنائيات يتطلب إحالة الوضع في فلسطين وعدم الاكتفاء بدعم الفحص الأولي كما أن استخدام "مبدأ الولاية العالمية" يتطلب جملة من الاعتبارات، أهمها قرار سيادي من طرف السلطة الفلسطينية، إضافة لتوفير الإمكانيات البشرية والمالية ، و لتطوير وتوحيد منظومة القوانين ومرجعية القضاء، وردفها بالإمكانيات المادية والبشرية الكافية، وفي مقدمتها إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي، على أسس القواسم المشتركة، بما يضمن تذليل العقبات الوطنية التي تواجه محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
وبينت الدراسة أن عدم التحلل من التزامات اتفاق أوسلو وخاصة فيما يفرضه من عدم قدرة القضاء الفلسطيني على محاكمة الإسرائيليين رغم التطور في مكانة دولة فلسطين في الأمم المتحدة وانضمامها للاتفاقيات الدولية التي تعد اسمى من الاتفاقيات الثنائية، واستمرار الخلط ما بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية، وعدم مراعاة أن منظمة التحرير تمثل الشعب الفلسطيني خارجيًا، وأن قادتها يمثلون الدولة في علاقاتها الدولية، فيما السلطة الفلسطينية أُنشأت بموجب اتفاق أوسلو، التي تخضع للإكراه السياسي والظرفي من جانب الاحتلال الإسرائيلي.
وأوصت الدراسة بضرورة بناء استراتيجية وطنية تقوم على تدويل الصراع يضمن مسار متكامل لمحاسبة قادة الاحتلال الإسرائيلي ومستندة بشكل رئيسي إلى الحقوق، و من دون تسييس للعدالة المستحقة لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، أو مساومة عليها، وتفعيل كافة الآليات الدولية لتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين، وضمان مساءلة إسرائيل على جرائمها، بما يضمن الاستعانة بخبراء دوليين في مجال القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، ودعوة مجلس الأمن لتحمل كافة مسئولياته في التصدي لجرائم الحرب الإسرائيلية، وما ألحقته من أضرار فادحة بالسكان المدنيين