كتبت- أسماء محمد السيد:
في الوقت الذي وصلت فيه الأزمة الإقتصادية إلى ذروتها، تكشف "الهلال اليوم" وجود استثمارات عقارية وسياحية تكلفت من أهالي سيناء أكثر من 800 مليون جنيه لإنشاء 18 الف وحدة شاطئية، مُهملة منذ 21 عام على شاطئ رمانة وبالوظة بالعريش دون مرافق، والنتيجة ساحل سياحي يحوي 36 قرية سياحية معطل بالكامل.
يتفق أهالي قريتين في صوت واحد على شكوى واحدة هي توقف استخدام الساحل وضياع أحلامهم وكل ما يمتلكون من أموال هباءً على شاطئي رمانة وبالوظة، حتى رؤساء الجمعيات القائمة علي البناء أجمعوا على إهمال وتراخي المحافظة في إدخال المرافق وإنشاء البنية الأساسية للساحل.
علي الجانب الآخر، يؤكد مركز معلومات محافظة شمال سيناء أن الإتفاقات والعقود المبرمة بين المحافظة والجمعيات تشترط تحمل المستفيدين إدخال المرافق والبنية الأساسية.
قبل وفاة منير شاش، مستشار رئيس الوزراء السابق لتنمية سيناء والمحافظ الأسبق لشمال سيناء، بثلاث سنوات، نفي بشدة مشيرا إلى أن بداية تمليك الأراضي كان وقت ولايته، وأنه من تولّى بنفسه التوقيع علي عقود تمليك الأراضي نيابة عن الوزير بتصديق من يوسف والي رئيس الوزراء الأسبق، مؤكدا أنه لم يوقع علي عقود بهذا الشكل مطلقا تشترط تحمل الجمعيات لإدخال المرافق وأعمال البنيه الأساسية.
تتعدد الأطراف وتتبادل الاتهامات والنتيجة ملايين الجنيهات مهدرة علي أرض سيناء منذ 21 عام.
يقول الشيخ سالم التوني، شيخ قبيله الأخارسة بقريه 6 أكتوبر برمانة، إن المواطنين دفعوا كل ما تملك في ساحل رمانة وبالوظة، الذي تكلف أكثر من 400 مليون جنيه، ويعد من أنقى السواحل بشمال سيناء، إضافة إلى أنه يخدم مناطق بئر العبد ورمانة وبالوظة، وهو قريب من الإسماعلية والقاهرة وبورسعيد، ومع ذلك توقف المشروع بسبب تراخي المحافظة في إدخال مرافق.
يضيف "التوني": بالنيابة عن الأهالي أرجوا من الوزراء التكاتف لتنمية هذا المشروع، وأقول لهم ناديتم بتعمير سيناء، وكانت الوعود كثيرة بتشجيعنا ومساعدتنا، وبعد أن أنشأنا مشاريع ضخمة وضعنا بها كل أموالنا، لم توفوا بوعودكم معنا، وخسرنا أموالنا التي ظلت ملقاة 21 عاما على الشاطئ، فلو كنا غرسنا شجرة منذ 5 سنوات فقط كان أثمرت لنا إنتاجا".
يشير "التوني" إلى أن توقف مشروع بهذا الحجم بسبب المرافق شئ محزن، لافتا إلى أنه لو تم تشغيله سينقذ مئات الشباب من البطالة التي تستعر نارها في ظل الأزمة الاقتصادية في البلد.
ويوضح أن الدليل القاطع على ذلك عندما بدأ المشروع أيام اللواء منير شاش، أحدث إنتعاشا غير عادي بالمنطقة بأكملها.
تطالب ذكية عبدالرحمن، عضو المجلس القومي للمرأة سابقا عن شمال وجنوب سيناء، المسؤلين بالاهتمام بساحل رمانة، وتقول: دفعنا كل ما نملك والساحل دُفن بالحياة، ساحل لو تم تشغيله سيفتح بيوت العديد من الأرامل كما سيرحم الشباب من مخاطر كثيرة معرضين لها أمام البطالة، خاصة في تلك المنطقة الحساسة من الدولة، كما سيفتح مجال العمل للسيدة بالمنزل وسيدر دخلا للأيتام.
انتقد سعيد فريشح، عضو متضرر من الوضع، تجاهل المسئولين لتلك الأزمة، قائلا: دفعت مبلغ تعدى الـ 200 ألف جنيه، وكل أعضاء الجمعيات تكلف كحد أدني 150 ألف جنيه، مضيفا: لو كانت المرافق دخلت من وقت بناءها لكانت أدارت علينا وعلى الدولة أرباح كبيرة من السياحة الداخلية، مؤكدا أنه بمجرد صدور قرارات التخصيص لأراضي الساحل بدأت الجمعيات في تجميع الأموال منا وتهافتت الجمعيات والشركات علي إنجاز البناء، مضيفا بعد ذلك تم وقف قرار التخصيص بحجة أن الجمعيات يجب أن تدفع مرافق خارجية بخلاف قيمة التخصيص الذي تم دفعه للمحافظة.
ويتابع: المحافظة تريد أن تحمل الشركات والجمعيات المرافق "الخارجية"، رغم أن أي مشروع مصيف يتحمل المرافق الداخلية فقط، ويتم عمل الطرق والمرافق له على حساب ميزانية المحافظة.
ويتسائل "فريشح": هل يعقل أن نتحمل تكلفة طريق يمتد من الطريق الدولي إلى ساحل البحر يتكلف أكثر من 30 مليون جنيه، مستنكرا "كيف نتحمل عمل خط مياه من محطة المياه الي شاطئ البحر؟".
في المقابل، ينفي مدحت صالح، رئيس مدينة العريش التابع لها ساحل رمانة وبالوظة، مسؤلية المحافظة عن إهدار أموال الأهالي، ملقيا بالمسؤلية علي عاتق الجمعيات من ناحية والدولة من ناحية أخرى، معللا ذلك بأن المحافظة لا تلتزم إلا بتوصيل المرافق الخارجية بمد خط مياه وكهرباء للساحل، وعلي الجمعيات أن تقوم بتوصيلها إلى داخل الساحل.
ويتهم "صالح" الجمعيات بالتقصير و تسقيع الأرض من ناحية، وإهمال الحكومه السابقة من ناحية أخرى في تفعيل مخطط تنمية سيناء، مشيرا إلى أن المخصصات التي تصرف للمحافظة لا تكفي لتغطية المشروعات الكبرى مثل الساحل، انما تقتصر على الاحتياجات الضرورية للمحافظة.
وفقا لما أحاطنا به تقرير مركز المعلومات بمحافظة شمال سيناء أنه بعودة السيادة المصرية للإقليم، تعالت الأصوات لتنمية وتعمير سيناء، واقترح البعض توزيع الأراضي على الجمعيات والنقابات بأسعار رمزية دون أن تخطيط، ورضوخاً لهذا المطلب والرأى العام استجابت المحافظة وأصدرت قرارات تخصيص لهذه الأراضى.
ويؤكد تقرير مركز المعلومات أن العقود والاتفاقات المبرمة بين المحافظة والجمعيات تشرط تحمل المستفيدين لأعمال البنية الأساسية.
ويوضح التقرير أنه تم وقف أعمال البناء عام 1997 على طول ساحل البحر المتوسط، بناء على تعليمات اللجنة الوزارية العليا للتنمية السياحية، على أن تتم دراسة كل مشـروع على حدة، والسماح فقط بالمشروعات غير المصيفية، ولكن حرصا من المحافظة علي توظيف إستثمارات الأهالي التى أنفقت على هذه المنطقة، طلبنا من وزير الاسكان والمرافق والمجتمعات الجديدة عبر "جهاز تعمير سيناء" إنشاء البنية الأساسية لهذه المنطقة، إلا أن الأولويات الحرجة منعت الجهاز من تنفيذ هذا المطلب، ومنها على سبيل المثال لا الحصر عدم توفر مياه الشرب النقية فى عاصمة المحافظة ومدنها.