السبت 18 مايو 2024

مركز الفسطاط .. الحارس الأمين على الحرف المصرية

20-5-2017 | 11:39

تحقيق : هدى إسماعيل

على بعد خطوات من مجمع الأديان تجده هناك يحاول جاهدا أن يحافظ على حرف توارثها المصريون على مر العصور، حرف تحاول التكنولوجيا أن تجد لها بدائل حتى يصبح التراث المصري بلا هوية أو طعم أو لون أو رائحة، وبين التقدم التكنولوجي والحرف المصرية القديمة يحاول مركز الحرف التقليدية بالفسطاط التابع لصندوق التنمية الثقافية استيعاب واستلهام روح الماضى وإبداع منتجات مستوحاة من التراث وابتكار تصميمات وتنفيذ الوحدات والزخارف الإسلامية «حواء » فى جولة خاصة داخل مركز الفسطاط.

عن سبب اختيار الفسطاط لإقامة المركز ودوره فى الحفاظ على التراث المصرى من الاندثار يقول د. فتحي عبد الوهاب، المشرف على المركز: اشتهرت الفسطاط منذ العصر الفاطمي بصناعة الخزف الإسامى وكانت تضاهي مدن عربية كالرقة فى سوريا بالإضافة إلى وجود عدد من المناطق الأثرية بها، ويهدف المركز إلى الحفاظ على الحرف التلقيدية من الاندثار وتنمية مهارات الحرفين الجيدين من خلال تنظيم دورات تدريبية وورش عمل وتوفير التعامل المباشر بالسوق الخارجية والداخلية بإقامة المعارض، لافتا إلى أن المركز ينظم دورات تدريبية لبعض كوادر مؤسسات المجتمع المدني بجانب الأنشطة المختلفة خارج مصر أو داخلها، ويقتصر التدريب على الشباب الذين يسعون لاكتساب حرفة، مشيرا إلى أن المركز ينظم دورة تدريبية بعنوان «اكسب حرفة » لمدة ثمانية أشهر كانت فى البداية مجانية لكن بسبب عدم جدية المتقدمن للحصول عليها تم فرض رسوم على الحرفين الراغبين فى إصقال مهاراتهم الحرفية .

ويضيف: هناك أيضا دبلومة طبقا للبروتوكول الموقع مع مدرسة الأمير تشارلز فى إنجلترا لمدة عامين ويطلق عليها دبلومة مهنية وهدفها الحفاظ على التراث الإسامي، وتم توقيع البروتوكول مع صندوق التنمية الثقافية لترشيح 20 طالباً للحصول على المنحة دون قيود، مشيرا إلى أنه تم تخريج 7 دفعات وبعد انتهاء الحرفة يصبح لدى الحرفي 3 مجالات يختار العمل منها «الخزف – نجارة – نحاس .»

الحرفة أم الشهادة

ويحذر د. فتحى من اختفاء تلك الحرف قائلا: للأسف أصبحت الحرف التقليدية فى مصر فى خطر بسبب عدم الاستمرارية لعزوف العديد من الشباب عن تعلم الحرفة من والده وبعضهم يتوارث الحرفة كأنها جزء من ميراث والده المادي، لذلك نلجأ الآن مع بعض من الدول العربية لدعم حوالي 50 أسرة يتيمة يتم تعليمها حرفة تكون مصدر رزق لها ويتم إقامة معرض خارج مصر والغرض من هذا المشروع تخريج جيل جديد يحافظ على الحرف التقليدية من الاندثار.

وحول تفضيل بعض الشباب تعلم حرفة على الشهادة يقول د. فتحى: الحرفة شيء والشهادة شيء آخر، فالشاب يحصل على الشهادة لكن الحرفة هى التى توفر له عائدا ماديا، والأدلة على ذلك كثيرة فى الشارع المصري، وهذا ما دفعنا إلى تنظيم دبلومة تقنية لخلق توازن بين الشهادة والحرفة ويشترط على المتقدمين لاجتياز هذه الدبلومة الحصول على الشهادة الثانوية بمختلف أنواعها، وبهذه الطريقة نحقق المعادلة التى يفكر بها الشعب المصري، وهناك الكثير من الدول التى قامت على أساس حرفي مثل «ماليزيا .»

أقسام المركز

وعن أقسام المركز يقول الفنان التشكيلي أحمد عيد أحد العاملن بالمركز: يضم المركز عدة أقسام منها «حلي – نحاس – خيامية – الجبس المعشق – النسيج – الصدف – النجارة » وهى الأقسام الرئيسية في مركز الحرف، فالخزف موروث تراثي يحاول المركز جاهدا على إحيائه والمحافظة عليه من خلال تطويره بشكل علمي سليم حتى يواكب العصر الحديث ولكن يجب أن يكون التطوير والحفاظ على الموروث توجه جماعي وليس فرديا.

وعن صناعة الأرابيسك يقول محمد منير، رئيس قسم الصدف بالمركز: جميع الأعمال اليدوية تسمى أرابيسك حتى إذا كانت مطعمة بالصدف الذى يتم استيراده من اليابان، وتشكل الحرف التي يحتضنها مركز الفسطاط انصهارا لخبرات عديدة تراكمت بمرور السنين وتوالي الحضارات على مصر المحروسة، وهى تحافظ على تراثها ضد أى تدخل أو تغريب، فعلى مدى قرون كان لمصر شهرة هائلة في تلك الحرف التي أصبحت تراثية الآن، وبلغت شهرتها إلى الحد الذي جعل سليم الأول، سلطان الدولة العثمانية يجمع كل البناءين والحرفين المهرة من شوارع القاهرة بعد فتحها ويرحلهم إلى إسطنبول لتشييد عاصمة الدولة الجديدة، ومع طول المهمة لم يعد أي منهم حتى ليدفن في أرضه.