كتب- علي عقيلي
لم يعد أمام الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو الخاسرة، سوى الحل، وتفعيل جهاز المترو المستقل؛ وتحقيق رغبة العاملين بالمترو في عودة الأوضاع المستقرة على ما كانت عليه آنفًا، و"الهلال اليوم" إذ تتبنى هذه الحملة؛ فهي تتصدى لمسئوليتها المهنية أمام قرائها المحترمين، والرأي العام كافة؛ حيث تكشف – في حلقات مسلسلة - من خلال المستندات التي حصلت على نسخة منها، وحققتها بكامل الموضوعية، ومعايير الحيادية، أن حل الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو بات ضرورة ملحة؛ لتصحيح المسار، والعودة إلى السير على القضبان، ووقف نزيف الخسائر، وتجنب اللجوء مرة أخرى لن تكون بعيدة إلى التفتيش في جيوب البسطاء الذين طحنهم الغلاء؛ لأخذ ما بها تحت زعم الخسائر وغلاء الأسعار.
فيما لم تمتلئ بعد كروش ثلة قليلة ممن ينافحون عن هذا الكيان الخاوي على عروشه، الذي أوشك أن تتداعى أركانه على من فيه؛ جرّاء نزق إداراته الفاشلة؛ ومراهقة التعامل هذا المرفق الحيوي الذي يمثل طوق النجاة لملايين المواطنين، والقفز على حقوق الغلابة من العاملين بجهاز المترو.
ويبقى السؤال مطروحًا.. لماذا يصر وزير النقل الحالي المهندس هشام عرفات على أن يعيش في جلباب الآباء السابقين من وزراء النقل، ويبقي على استمرار الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق رغم نزيف الخسائر المتوالية التي وصلت إلى مليار جنيه؟!؛ طبقًا لتصريحاته؛ ما دفعه إلى اللجوء لأيسر الحلول ألا وهو تحميل كاهل ما يقرب من خمسة ملايين راكب من البسطاء أخطاء رؤساء مجالس إدارات الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، والوصول بهذا المرفق الحيوي إلى هذه الحالة المزرية التي لا يحسد عليها من تهالك الأصول والثوابت التي باتت تهدد قدرته على الاستمرار، وخاصة أعتق الخطوط وهو الخط الأول "المرج – حلوان"، فضلًا عن الديوان المتراكمة التي وصلت أيضًا إلى حد يهدد استمرارية تشغيل المترو.
ما يثير الدهشة هو أنه منذ تشغيل الخط الأول لمترو الأنفاق عام 1984، وحتى عام 2007، بداية تسلم الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، كان الجهاز المستقل محافظًا على أصوله، وحقوق العاملين به، وحقق فائضًا في صورة ودائع بالبنوك وصلت لـ 60 مليون جنيه، بحسب تصريحات بعض العاملين في جهاز المترو، ومازالوا على درجاته المالية والوظيفية.
"الهلال اليوم" حصلت على العديد من المستندات التي تؤكد فشل الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، في إدارة وتشغيل المترو، وأدت إداراتها الفاشلة في تهالك أصول وثوابت المترو، وإهدار حقوق العاملين بالمترو؛ رغم تشكيل اللجنة الوزارية، التي أوصت بتوفيق أوضاع العاملين بالمترو بما يتناسب مع قانون ولائحة الشركة المصرية إلا أن شيئًا من ذلك لم يحدث، وتفرق دم العاملين بين جهاز المترو المستقل، والشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، والهيئة القومية لسكك حديد مصر.
محضر الجمعية العمومية غير العادية للشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، المنعقد بتاريخ 14/2/ 2016، الذي حصلت "الهلال اليوم" على نسخة منه، أن حجم الخسائر بلغ 162,2 مليون جنيه عن العام المالي 2014/ 2015، بما يزيد عن نصف رأسمال الشركة المصدر والمدفوع البالغ 60 مليون جنيه، وطبقًا للمادة رقم 69 من القانون 159 لسنة 1981، والمادة رقم 227 من اللائحة التنفيذية للقانون 159 لسنة 1981، والمادة رقم 47 من لائحة النظام الأساسي للشركة؛ ما يؤدي إلى حل الشركة؛ حيث بلغت خسائر الشركة في سنة مالية واحدة أكثر من نصف رأس المال المصدر.
لكن كانت المفاجأة؛ حيث قررت الجمعية العامة غير العادية للشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، استمرار الشركة في ممارسة أعمالها، ومخاطبة الهيئة القومية لسكك حديد مصر، لعرض الموضوع على مجلس إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر؛ لتحملها بقيمة خسائر الشركة المصرية باعتبارها مالة لرأس مال الشركة بأكمله.
وأفادت ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات عن العام المالي 2014/ 2015، أن صافي خسائر الشركة حتى 30/6/2015، 222 مليون جنيه، بما يمثل نسبة 370% من رأس المال المصدر والمدفوع؛ حيث أظهرت الموازنة التقديرية لعام 2015/ 2016، عجزًا بنحو 273 مليون جنيه؛ "ما يشير إلى وجود عدم تأكد هام قد يؤدي إلى شك جوهري في قدرة الشركة على الاستمرار ولم يتوفر لدينا ما يثبت موافقة المساهم على تقديم الدعم المالي الكافي للشركة لتمكينها من الاستمرار في نشاطها، الأمر الذي يوجب على مجلس الإدارة دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر في حل الشركة أو استمرارها طبقًا لما تقضي به أحكام المادة 69 من القانون رقم 159 لسنة 1981، وتعديلاته بإصدار قانون شركات المساهمة وشركات التوصية، بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة التي تقضي بأنه "إذا بلغت خسائر الشركة نصف رأس المال المصدر وجب على مجلس الإدارة أن يبادر إلى دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر في حل الشركة واستمرارها".
كما تضمنت ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات إهدار دم المترو بين طرفين بسبب عد وضوح العلاقة التعاقدية؛ ما ترتب عليه مشكلات تنظيمية وإدارية ومالية؛ حيث نصت ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات على "لم يتم حتى تاريخه تفعيل وتنفيذ قرار اللجنة الوزارية رقم 9/10/09/2 الصادر بتاريخ 15/ 10/ 2009، الذي يقضي بإعادة صياغة علاقة تعاقدية واضحة ودقيقة بين الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، والهيئة القومية للأنفاق المنقول إليها أصول المترو، ووزارة النقل من جهة أخرى، وكان نت نتاج ذلك إفراز العديد من الأثار السلبية، والمشاكل الإدارية، والإشكاليات التنظيمية والمالية.. نتحدث عنها بالتفصيل الحلقة المقبلة.