خطفته نداهة الفن الذي أحبه من كل قلبه، وخطف هو قلوب الجميلات بوسامته وخفة ظله، وتربع على عرش النجومية، هو أحد أهم في الفنانين في السينما المصرية، تنوعت أدواره ما بين الشريرة والكوميدية والرومانسية، وصاحب كل الأدوار هو ابن الذوات والباشا والظابط، هو "الريس مجاهد" في "صراع في النيل"، و"أونكل عزت" الشقي الذي يتبدل حاله على يد الطفلة "سوسن" في "ملاك وشيطان"، و"كامل" المخرج الذي يقع في غرام "صغيرة على الحب"، و"حسن" الذي أنكوى بنار حب "تمر حنة"، هو "إكسلانس السينما" و "الدنجوان" الفنان الكبير رشدي أباظة.
ولد رشدي أباظة في 3 أغسطس 1927 في الإسكندرية ينتمي إلي عائلة الأباظية، ولأم إيطالية، أشقائه من الأب هما الفنان فكري أباظة و"منيرة"، حصل على البكالوريا من كلية سان مارك بالإسكندرية، لكنه لم يكمل دراسته الجامعية، وبينما يلعب البلياردو في أحد الأندية في الإسكندرية حتى شاهده المخرج الكبير بركات ليسند له دور فيلم"المليونيرة الصغيرة" 1948، رفض والده دخول الفن وكان يرغب في أن يصبح "رشدي" ضابط شرطة مثله، ومع دخول بعض أبناء العائلات الكبيرة الوسط الفني سمح له باستكمال مشواره.
حصل على أجر 150 جنيها في "المليونيرة الصغيرة" وأنفق على شراء ملابسه الشخصية في الفيلم 200 جنيه، لم يكن يعنيه المال بقدر حبه للسينما والفن، كان يطمح في أن تكتب جملة البطولة أمام اسمه على تتر الفيلم، وبدأ يتحسس مشواره بخطوات ثابتة فتحت له السينما ذراعيها حتى سنحت له الفرصة المشاركة في فيلم "أمينة" بطولة يوسف وهبي للمخرج الإيطالي جوفريدو إليساندريني، حلم بالوصول للعالمية معتمدا على إجادته عدة لغات منها الإيطالية والإنجليزية والفرنسية، ليسافر إلي إيطاليا بمساعدة المخرج "إليساندريني" ونحو 6 أشهر قضاها هناك عمل في أفلام بأدوار ثانوية ليعود من جديد إلي القاهرة.
بداية فترة الخمسينيات قدم عددا من الأفلام في أدوار صغيرة، ومع منتصف تلك الفترة شهدت توهج وتألق "أباظة" وقدم عددا من الأدوار في "إني راحلة، جعلوني مجرما، حياة أو موت، لا أنام" حتى لفت أنظار المخرجين له ليسندوا له أدوار مهمة في "رد قلبي، بورسعيد"، وبلغت ذروة نجاحه عندما قدم دور "حسن" في فيلم "تمر حنة" مع نعيمة عاكف وأحمد رمزي.
كان للمخرج عز الدين ذو الفقار الفضل في اكتشاف موهبة "أباظة" وأسند له بطولة فيلم "امرأة على الطريق" 1958 وأصبح نقلة كبيرة في حياته الفنية.
كان رشدي أباظة على موعد آخر من النجومية عندما قدم دور "الريس مجاهد" في فيلم "صراع في النيل" 1959 مع عمر الشريف وهند رستم، وفي نفس العام في فيلم "الرجل الثاني" في دور "عصمت كاظم"، بداية الستينيات تألق في دور"عزت" في "ملاك وشيطان" وتوالت أعماله لعل أبرزها "وإسلاماه" في دور "بيبرس"، و"في بيتنا رجل، عدو المرأة، آه من حواء، عروس النيل، جريمة في الحي الهادي"، ويعد فيلم "الزوجة 13" أبرز أعماله في تلك الفترة.
فترة السبعينيات قدم رشدي أباظة عددا من الأفلام أبرزها " غروب وشروق، سبع الليل، إبنتي العزيزة، شيء في صدري، كلمة شرف، حكايتي مع الزمان، أريد حلا، آه يا ليل يا زمن، دعوني أنتقم"، وفي بداية الثمنينات قدم 3 أفلام هي "أذكياء لكن أغبياء، بياضة"، وقبل فترة مرضه تعاقد على فيلم "الأقوياء"، ولم ينته من تصوير باقي مشاهده وكان من الاستحالة حذف دوره في الفيلم ليتم الاستعانة بممثل آخر يحمل نفس صفاته الجسمانية ويتم تصوير باقي مشاهده بزوايا معينة ووقع الاختيار على الفنان صلاح نظمي الذي لم يعارض حينها ووافق على أن يكون "دوبليرا" لـ رشدي أباظة.
في حياة "الدنجوان" 5 زيجات الأولى الفنانة تحية كاريوكا، ولم تدم سوى 3 سنوات، والثانية من أمريكية تدعي "باربارا" وأنجب منها ابنته الوحيدة "قسمت" ووقع الانفصال بعد 4 سنوات من الزواج، الزيجة الثالثة من الفنانة الاستعراضية سامية جمال وارتبط معها بقصة حب أثناء تصويرهما فيلم "الرجل الثاني"، وتعتبر أطول زيجة في حياة "أباظة" واستمرت قرابة الـ 18 عامًا.
الزيجة الرابعة والأسرع كانت من الفنانة صباح، ولم تستمر سوى أسبوعين وتم الطلاق، والخامسة كانت من نبيلة أباظة ابنة عمه المستشار سليمان أباظة، وعكفت على رعايته في فترة مرضه، وظلت بجانبه عامين حتى وفاته.
خسر رشدي أباظة معركته مع مرض سرطان الدماغ الذي أنهى حياته ليرحل عن عالما في 27 يوليو 1980 عن عمرناهز 54 عامًا، رحل الرجل الأكثر حبا للحياة وأحبه الجميع في الحقيقة وعلى شاشة السينما، وبقيت أعماله الفنية شاهدة على موهبة أهم فنان في السينما المصرية في عصرها الذهبي.