برنامج تدريبي هام نظمته دار الإفتاء المصرية خلال الأيام الماضية لـ21 من أئمة روسيا للتدريب على الإفتاء ومواجهة التطرف، كان أحد أعضائه يوسف بيبرس، إمام روسي ونائب المفتي في منطقة بينزا الروسية، وهي إحدى المدن الروسية والتي تبعد بنحو 700 كم عن العاصمة موسكو,
تخرج الإمام يوسف بيبرس من جامعة محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وزار مصر مرتين، كانت آخرهما لتلقي العلم والتدريب على الإفتاء في البرنامج التدريبي الذي استمر لنحو 10 أيام، وتم تخريج الأئمة في المؤتمر العالمي السادس الذي نظمته دار الإفتاء المصرية يومي 2 و3 أغسطس الجاري.
وعن هذا البرنامج أكد بيبرس أنه جاء بمثابة الماء البارد ليروي الظمأ، حيث عمل على تجديد العلم الشرعي لديه بعد نحو 10 سنوات من تخرجه وممارسة العمل، موضحا خلال حواره لـ بوابة دار الهلال، أنه خلال هذا التدريب تلقى علوما نظريا وتطبيقا عمليا داخل دار الإفتاء وسيعمل على نقل تلك الخبرة فور عودته إلى بلاده بتنظيم دورة تدريبية للأئمة في منطقته، وإلى نص الحوار:
كيف التحقت بالبرنامج التدريبي لدار الإفتاء للأئمة من روسيا؟
أتيت مع وفد من الأئمة الروسيين للاستفادة من معارف وخبرات دار الإفتاء المصرية، ودرسنا خلال 10 أيام تقريبا قضايا الإفتاء ومواجهة التطرف، حيث حضرنا دورة تدريبية مثمرة.
وكيف أفادك هذا البرنامج التدريبي؟
له فائدة عظيمة للغاية لأنه ليس نظريا فقط كالدراسة في الجامعة، ولكنه في دار الإفتاء مكان العمل التطبيقي للإفتاء وممارسة تلك المهمة من خلال القضايا التي تُعرض على الإفتاء يوميا، ونحن حضرنا في الجانب التطبيقي من الدورة معايشة فعلية لكيفية علاج القضايا التي تهم الشعب المصري وإجابة على الأسئلة التي تتلقاها الإفتاء بشكل يومي في مكاتب المفتين بدار الإفتاء.
وهذا أكسبنا خبرة كبيرة في كيفية استفسار المفتي وكيفية إجابته على السؤال وإصدار الفتوى، كما استفدنا من الناحية الشرعية من محاضرات فضيلة المفتي الدكتور شوقي علام وكذلك من أساتذة الأزهر الشريف والمدربون في دار الإفتاء والذي هم خريجو الأزهر الشريف، مما أفادنا إفادة كبيرة.
وما هي أبرز الجوانب الجديدة التي اكتسبتها بعد البرنامج التدريبي لدار الإفتاء؟
منذ خرجنا إلى ميدان العمل، مضى أكثر من 10 سنوات لتخرجنا من الجامعات العربية وخلال تلك الفترة عملنا على إفادة المواطنين ونشر تعاليم الدين الصحيحة والدعوة، والآن بعد 10 سنوات كان لا بد من التجديد فالعصر يتغير سريعا ويجب تجديد العلم ومواكبة المستجدات، وهو أمر تحقق بعد هذه الدورة التدريبية.
وقد استفدنا من الناحية التطبيقية فحضرنا في جزء من الدورة في التطبيق العملي في مجال الإفتاء وكيفية ممارسة الإفتاء وحضرنا لقاءات مع أسر مصرية الذين توجهوا إلى دار الإفتاء للاستفتاء في بعض الأمور وكيف توجيههم للأسئلة وكيفية استفتار المفتين لهم وإجابتهم.
وما هي خطتك فور العودة إلى بلادك؟
أول خطوة سأقوم بتنظيم دورة في منطقتي لنقل الخبرة التي حصلت عليها مباشرة من برنامج دار الإفتاء للأئمة للإفتاء ومواجهة التطرف.
وما رأيك في مؤتمر دار الإفتاء السادس؟
مؤتمر عالمي وتشرفنا بالمشاركة فيه، فمستوى التنظيمي من الناحية الشكلية والموضوعية والمضمون جميعها على مستوى عالي، وكذلك اختيار القضية الأساسية للمؤتمر وهي الإفتاء في العصر الرقمي كان متميزا ويواكب العصر.
وكيف يمكن للمؤسسات الإفتائية أن تستفيد من العصر الرقمي وتقنياته؟
يمكن للتقنيات الحديثة أن تساعد في سرعة التواصل مع العلماء في مناطق مختلفة وجمع المعلومات وحصدها ورصدها ونشر الفكر الصحيح بسرعة وبطرق مختلفة مثل عن طريق مقاطع الفيديو القصيرة والمختصرة، وخاصة أن كل الشباب الآن يستخدمون الإنترنت.
وما تقييمك للتعاون بين المؤسسات الدينية في مصر كالأزهر والإفتاء والمؤسسات الدينية في روسيا؟
تعاون مهم، ونحتاج للمزيد منه، فالدورة التدريبية التي تلقيناها في دار الإفتاء كانت بمثابة الماء البارد للظمآن، حيث كان ينقصنا الخبرة للعلماء والأساتذة، فضلا عن استنفاذ العلم بسبب كثرة العمل فلم يكن لدينا أي وقت كاف للاستزادة من العلم الشرعي، لكن جاء التدريب ليحقق ذلك.
وماذا عن مؤسسات الإفتاء في روسيا.. هل هناك مؤسسة واحدة جامعة؟
هناك مؤسسات إفتاء متعددة فكل منطقة لها مؤسسة إفتائية، ففي روسيا لم يتم إلى الآن تأسيس أو توحيد الفتوى كما حدث في مصر، لأن مصر هي دولة إسلامية وعربية، لكن روسيا ورغم أن المسلمين من سكان الدولة الأصليين لكنهم يعتبرون أقلية، وقبل ثلاث سنوات أنشأنا مجلس شورى العلماء وهذا المجلس الآن شهد أول خروج لعلماء روسيا لأخذ خبرة دورة تدريبية في مصر، وهذا المجلس تابع الإدارة الدينية الروسية.
وماذا عن أعداد المسلمين في روسيا، وما هي أوضاعهم؟
العدد ارتفع الآن إلى 25 مليون مسلم، الأوضاع بشكل عام جيدة، وإن كان هناك صعوبات تواجهنا في بناء المساجد أما من الناحية القانونية والحقوق والحريات فليس هناك أية مشاكل، إلا أنه قد يحدث بعض المشاكل من قبل المسلمين أنفسهم نتيجة التسرع وعدم الحكمة في بعض المواقف.
في رأيك كيف أثر التطرف على أوضاع المسلمين سواء في روسيا أو غيرها من دول العالم؟
هناك مشكلة أساسية تعاني منها روسيا والعالم الغربي بل والعالم الإسلامي وهي مشكلة عدم فهم الإسلام فهما صحيحا في بداية الالتزام، سواء من المسلمين الأصليين أو من الأشخاص الذين أسلموا حديثا، فدائما يأتي مشاكل من عدم فهم الإسلام فهما صحيحا، وعدم الاعتماد على العلماء وعدم الثقة في المؤسسات الدينية وهذه من أكل المشاكل وكذلك الانفتاح على الإنترنت مما جعل كل شخص يمكنه أن الحصول على معلومات من مصادر غير صحيحة.
تعمل التنظيمات الإرهابية على استقطاب الشباب من خلال مواقع الإنترنت.. فكيف يمكن التصدي لهم ولأفكارهم المتطرفة التي ينشرونها عبر تلك المواقع؟
التنظيمات الإرهابية تحقق ذلك من خلال استخدام الشعارات والألفاظ البراقة، مما يمكنهم من التأثير على الشباب وخاصة الذين أسلموا حديثا فيستخدمون آيات وأحاديث في غير مواضعها كما يحاولون التأثير من خلال الشكل والمظهر كاللحية وغير ذلك، وهم يشكلون الضرر عبر الإنترنت لكنهم لا يستطيعون إعلان أفكارهم علنا، والتصدي لهم يكون بمحاولة نشر العلم الصحيح والوصول إلى الشباب من خلال منصات يستخدمونها بشكل أساسي.