الأحد 23 فبراير 2025

مقالات

فلاح بين البركان


  • 6-8-2021 | 14:23

محمد عبد اللاه محمد

طباعة
  • محمد عبد اللاه

كم يتألم الفلاح المصري هذه الأيام، حرارة عالية، رطوبة كبيرة، أسمدة غالية، مبيدات ضعيفة، وتسويق مهين، والنتائج أرض أنهكت أواصرها وتأن من فقر مكوناتها.

يعيش الفلاح اليوم بين أطلال الهوى تتخبطه الريح في كل مكان، ينظر إلى زرعه بخيبة أمل، وينظر إلى نفقته القليلة بخوف وينظر إلى تسويق محصوله بمجهول، فلا أمل ولا معين ولا ناصح ولا مغيث إلا الله في حياة الفلاح المصري، تركوه لأضغاث الأحلام، يتخبط ويتأرجح فلا ناصح لمستلزمات إنتاج ولا مغيث لتسويق محصول.

يبحث بين ركام هذا البركان عن عود قش ينجده، أو على بصيص ضوء ينقذه، تركوه بلا هوية وجعلوه يركض بلا هدف ورزقه يتخطفه أصحاب الهوى بلا مغيث، ينادي: ألست أنا الفلاح المصري سليل الفراعنة المزارع الأول في هذه الدنيا، ورثت مهنتي كابراً عن كابر، ما حصدناه تأكل منه الدنيا عن بكرة أبيها؟ ألست أنا من علم البشرية كيف تزرع وكيف تروى وكيف تجهز الأرض وكيف تحصد؟ ألست أنا من زرع أنواع الخضر والفاكهة والمحاصيل الكبرى؟ ألست أنا من عمّر الأرض وحافظت على مجرى النيل ينهل منه جيل بعد جيل.

هل يليق ما يحدث لي؟ هل من العدل أن أزرع ويحصد غيري، وأبيع محصولي بأبخس الأثمان؟ لا والله، إنه لظلم عظيم ما يحدث لي، ولكن هل من مغيث؟ هل من منقذ؟ أريد بريق أمل، أريد نقطة مضيئة تنير طريقي.

اسأل نفسي: لماذا أنا ما يحدث لي؟ هل يليق بي أن أتبعثر بين البركان؟ ألا أستحق أن أكون ملكاً في مهنتي؟ ألا أستحق أن أكون حاكماً في زراعتي وحصادي؟

أنا لا أريد شيئا إلا أن أزرع وأبدع في زرعتي، لا أريد أحدًا أن يرهق مخيلتي بأسعار السماد ولا الرش المغذي الورقي ولا صنف مبيد أبحث عنه فلا أجد من يدلني عليه، أو أبحث عن مرشد زراعي يدلني على نوع مرض أو نقص عنصر والحلول، وإذ بي لا أجد مرشدا أو مسؤولا مهتما بالمهنة، والأسوأ من ذلك محصولي يتصيده من لا ذمة له ولا رحمة يتلهف أن يأخذه بأبخس الأثمان، أين زماني الذي يحترق ولا أستطيع أن أطفئ لهيبه؟ أين الحل في مصيبتي؟ أقول لكم اتركوني أزرع فقط وأخرج لكم محصولا ليس له مثيل كمًا وجودة.

 

اختبروني، فأنا الفلاح المزارع، أنا ملك في مهنتي وأرجو ألا تبخسوا حقي، اجعلوني أشعر بتعبي وشقائي، أريد أن أنعم بثمن محصولي بدلا عن أن يتلهفه هؤلاء الوسطاء ويعطوني أقل القليل ويأخذوا هم المكسب أضعافًا، أتدرون لماذا؟ لأني أقف وحدي بين البركان.

مهندس زراعي محمد عبد اللاه محمد مدير شركة المجموعة العربية للخدمات الزراعية والتجارية

أخبار الساعة

الاكثر قراءة