يعد حي الجمالية من أهم الأحياء في مصرنا المحروسة، بما يتمتع به من شهرة تاريخية وأثرية، ويعتبر مجمع تراث القاهرة منذ بنائها، ويحتوي حي الجمالية على جامع الأزهر، وجامع الحاكم بأمر الله، والجامع الأقمر والعديد غيرهم، كما يوجد فيه أيضًا أسوار القاهرة وبواباتها، وخان الخليلي، والصاغة والنحاسين، والمدارس الأيوبية والمملوكية.
يُنسب حي الجمالية إلى أمير الجيوش بدر الدين الجمالي، أو "جمال الدين محمود الأستادار"، ومدرسته الذي بناها في الحي عام 1409م، وكانت وقتئذ من أعظم المدارس في القاهرة.
تصل مساحة هذا الحي العظيم والعريق إلى 2.5% تقريبًا من مساحة القاهرة الآن، يحده من الشرق جبل المقطم، الذي يقع فوقه قلعة الجبل مقر إقامة وحكم سلاطين مصر، وشارع المعز لدين الله الفاطمي، ويحده من الشمال حي الحسينية والظاهر، ومن الغرب باب الشعرية والموسكي، ومن الجنوب الدرب الأحمر وشارع الزهر.
وكانت هذه المنطقة في العصر الفاطمي تمثل خُمس القاهرة تقريبًا، وكانت تحتوي على قصور الخلافة الفاطمية، وأسس بعدها الأمير جهاركس الخليلي أحد أمراء الدولة المملوكية في عهد السلطان "الظاهر برقوق" خان الخليلي عام 1382 بعدما انتهت الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الأيوبي، وبناها على أنقاض تراب الخلفاء الفاطميين في مصر، والتي عرفت باسم "تراب الزعفرانة".
وحل الأمير جمال الدين يوسف الأستادارفي عام 1409 الوقفيات في منطقة رحبة باب العيد، وبنى مدرسته، ومن بعده سكنت عامة الشعب في المنطقة، فظهرت فيه الزقايق التي تشعبت مع مرور الأأيام وظهر حي الجمالية.
يذكر أن جمال الدين يوصف الأستادار من مواليد مدينة البيرة في فلسطين، لأب يعمل واعظًا، ولهذا السبب نشأ من صغره حافظًا للقرآن الكريم وكان مداوم على ارتداء زي رجال الدين، وسافر إلى القاهرة بعد وفاة والده في عام 1368م، وتخلى عن زي الدين لينخرط في وظائف الدولة وقتئذ حتى وصل إلى منصب الأستادار.