السبت 23 نوفمبر 2024

مقالات

فريال وأخواتها

  • 8-8-2021 | 13:18
طباعة

دائما ما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن ولعل أجمل اللحظات دائما ما لا تأتى إلا بغتة، فبعد إحباط المنتخب الأوليمبى وسوء حظ منتخب اليد لم يشأ الرحمن أن يحرم المصريين الفرحة التى أطلت على يد بطلاتنا العظيمات فريال عبد العزيز وجيانا فاروق وهداية ملاك.. نعم أسعدننا وفرجن همنا ويبدو أن هناك احتكارا نسائيا للفرحة الأوليمبية.

 

وباستعراض سريع لسجل الشرف الأوليمبى نجد أنه ينحاز لبنات مصر بقوة، فقد سبق البطلة فريال وأخواتها عظيمات أخريات، منهن فاطمة عمر بطلة رفع الأثقال البارالمبية، وهى أول لاعبة فى تاريخ مصر وإفريقيا والعرب تحقق 5 ميداليات فى 5 دورات أوليمبية متتالية، والعظيمة هنا جودة لاعبة منتخب تنس الطاولة التى تصدرت التصنيف العالمى للناشئات على مستوى العالم وفقا للاتحاد الدولى ثلاث مرات متتاليات، ومن ينسى تمساحة النيل الذهبية فريدة عثمان أول مصرية تحقق برونزية العالم فى سباق 50 متر فراشة، ومن العظيمات البطلة جيانا فاروق الواعدة التى حصدت 7 ميداليات ذهبية ببطولات العالم وأول مصرية وعربية وإفريقية تنجح فى التأهل للأولمبياد.

مسيرة عظيمة لبنات مصر اللائى أثبتن أن صراع النوع والبطولات الوهمية لمصارعى طواحين الهواء أصحاب البحث عن الأفضلية بين الذكر والأنثى ما هى إلا نطاعة فكرية لا قيمة لها وأن لغة الإنجاز هى الفيصل فى النهاية المسجل بدفاتر التاريخ.

 

العجيب أن تيارا جديدا حاول أن يقتحم فرحتنا ببطلاتنا وبريقهن الأوليمبى فقرر أن يدس أنفه المزكوم وعقله المنتكس المكلوم فى القضية فخرج البعض من كهوفهم معلقين هكذا "شوفت فريال وجيانا وهداية ما شاء الله محجبات".

قول تانى كده يا نابهة زمانك وفريد عصرك إيه اللى جاب القلعة عند البحر (بصوت الفنان محمد سعد فى فيلم عوكل) ما هذه الملاحظة الجهنمية؟.. وهل وصل بكم حد الإعياء العقلى لتبرروا تفوق بنات الكاراتيه بمجرد أنهن محجبات؟!

هكذا تحول مشهد الفخار بكفاح بطلات بذلن العرق والجهد ليال طويلة للوصول إلى هذا المستوى الراقى إلى مشهد من اسكتشات كشافة التبليغ والدعوة وأن عدالة السماء كافأت البطلات لحجابهن وأصابت اللعنة الفريق الكروى ومنتخب اليد علشان مش لابسين "شورت شرعي" مش كده يا حيلة بابا يا جهبذ منك له.

 

إننا أمام محاولة استثمار من انتهازى بجدارة فبدلا من أن نخرج على شبابنا بقصص كفاح بطلاتنا وكيف أنهن اتخذن أسباب النصر وطريقه ودعوة غيرهن إلى سلوكهن ومثابرتهن نختزل القصة فى الحجاب وأنه كلمة السر.

لا يا سيدى الدرويش إن الله حين خلق هذا الكون جعل له نواميس وقوانين من أدركها سخرها وجعلها تدور فى فلك أحلامه فمن أتقن علوم الطيران وأحكامه ستستجيب السماء لصنيعه فتحلق طائرته ويشق صاروخه عباب السحاب بغض الطرف عن عقيدته أو زيه بالطبع هناك توفيق الله لكن الله طلب أولا منا بذل الوسع واستنفاد الأسباب ليمدنا حينها بتوفيقه ومدده بعد أن تعجز أسبابنا أما هؤلاء المتكاسلون الذين أوقفوا انتصار البطلة فريال وأخواتها عند حد ارتدائهن الحجاب فهؤلاء أعدى أعداء الأمة ورقم مخصوم من صناع الحياة الحقيقية التى نتطلع لعيشها فكفوا عنا حكمتكم المزيفة واشغلوا أنفسكم بما ينفع الناس ويمكث فى الأرض.

 

إننا بحاجة اليوم إلى تحويل قصة نجاح فريال وأخواتها إلى حكاية يرددها كل مصرى ومصرية لترتسم رحلتهن فى عيون الجميع لطريق واضح المعالم يبين لنا السبيل لكيف نكون أمة يفخر بها الجميع وأنه لا سبيل إلا بالعمل الجاد أما البقاء فى دنيا الدراويش وضباب البخور ومعارك الفراغ التى يحلو للبعض أن يشغلنا بها فلن يثمر إلا مزيدا من التراجع ومزيدا من الاتكالية المدمرة بل والإحباط الشامل.. كل التحية إلى بطلاتنا الذهبيات فقد توجتن حياتنا بالفرحة والفخار أما الدراويش فتنحوا جانبا قليلا.

الاكثر قراءة