خلال كلمته بالمؤتمر الأول لكلية الدراسات الإسلامية بنات بكفر الشيخ:
أهم ما يميز شريعتنا إقرارها حقوق الإنسان في وقتٍ كانت الإنسانية فيه حائرة
الكيل بمكيالين حوّل الإنسانية إلى سلعة قابلة للبيع والشراء والمساومة
رسالة الإسلام بما فيها من عقائد وعبادات ومعاملات رسالة إنسانية
قال فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، إن الله بعث المصطفي -صلى الله عليه وسلم- نبيًا ورسولًا، ومبشرًا ونذيرًا، وخاتمًا للأنبياء والمرسلين حين ظهر الفساد في الأرض، وخبا نور النبوات والرسالات فيها، فكانت بعثته –صلى الله عليه وسلم- وما جاء معه من وحي شريف ضرورة إيمانية وإنسانية وحضارية، تضمن الخير للبشرية كلها.
وأضاف الدكتور الضويني خلال كلمته في المؤتمر الأول لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بكفر الشيخ، والذي يعقد تحت عنوان «البعد الإنساني في التراث العربي والإسلامي»، أنه منذ اللحظة الأولى كانت البشرية هي مقصود هذا الوحي، وكانت الإنسانية هي القيمة العليا التي نزل خبر السماء لحمايتها.
وبين وكيل الأزهر أن أهم ما يميز شريعتنا أنها أقرت حقوق الإنسان في وقت كانت الإنسانية فيه حائرة، وما زلنا نفاخر بهذه الحقوق التي تميزت بها، وتفردت بشموليتها، وبخاصة في زماننا الذي ظهرت فيه أصوات خادعة أعلنت حماية الإنسان والمحافظة على حقوقه، لكنها تعاملت مع بني الإنسان بشكل انتقائي، واستخدمت الحقوق المطلقة والمكفولة للجميع بشكل نسبي، يحضر حينا ويغيب أخرى، ويستقر في مجتمعات ويغيب في أخرى، ويعترض على ممارسات ويسكت عن أشباهها!.
وأضاف فضيلته أن هذه الطريقة العرجاء التي تكيل بمكيالين -بل بمكاييل- حولت «الإنسانية» وما يتعلق بها من حقوق وقيم إلى سلعة قابلة للبيع والشراء والمساومة والمفاوضة، وعادت بها إلى ما يشبه شريعة الغاب –إن كان للغاب شريعة!، مؤكدًا أن رسالة الإسلام بما فيها من عقائد وعبادات ومعاملات رسالة إنسانية، ومن يتأمل كتاب الله تعالى وموضوعاته يستطيع أن يقرر بثقة تامة أن القرآن كتاب الإنسان: إما حديث إليه، أو حديث عنه.
وأكد وكيل الأزهر أن من يختصر العبادات في حركات يؤديها بجسمه دون أن يظهر أثرها الإنساني في المجتمع من حوله فإنه لم يفهم مقاصد العبادة، لافتا إلى أن الرصيد القيمي والأخلاقي والإنساني في أي أمة أو حضارة يشكل المرتكز الأهم لاستحقاق الوجود، وضمان الاستمرار والسيادة، وكلما قل هذا الرصيد في أمة أو حضارة فهي إلى الزوال أقرب، مشيرًا إلى أنه إذا كان هناك وعي تام بأن الإسلام يتعرض لحملات منظمة وشرسة؛ فينبغي أن يكون هناك وعي بأن ما تستهدفه تلك الحملات هو المنظومة القيمية الإنسانية فيه، وهي لب الإسلام وروحه، ومكمن عالميته، وسر تأثيره.
وأضاف فضيلته أنه بعيدًا عن الأسباب والعلل الكامنة وراء العمل على تشويه الإسلام فإنه لابد على أبناء الأزهر وعلمائه الذين شرفهم الله بحمل أمانة دينه والبلاغ عنه، أن يصوغوا للعالم خطابا إنسانيا حضاريا مؤصلا يرقى لمقومات الانفتاح الحضاري، مؤكدًا أن الإنسانية تعد إحدى خصائص الإسلام التي تميز بها، والتي انتقلت من النصوص والألفاظ إلى دنيا الناس حقيقة حية، محسوسة مشاهدة، وتجاوزت التنظير والفلسفة إلى التطبيق والواقع، وظهرت في كل مجالات الإسلام عقيدة وشريعة وسلوكًا.
واختتم فضيلته بالتأكيد على أن الإنسانية في الإسلام ليست فكرة مثالية تحلم بها بعض العقول، ولكنها ركن عقدي، وواقع تطبيقي، وثمار نافعة، مبينًا أن دراسة علوم الإسلام بعيدًا عن إظهار الملامح الإنسانية التي ملأت جنباتها ظلم بين للتراث، وعجز عن استثمار خيراته في الدعوة إلى الله، مؤكدًا ضرورة تربية النشء على العالمية والإنسانية منذ نعومة أظفارهم حتى لا تؤثر فيهم عزلة، ولا وهم، فضلًا عن وضع مقرر جامعي عن الإنسانية خاصة ما يفيد في مجال العلاقات الدولية، وتدريسه للعاملين في المجالات الخارجية، مثل المبعوثين، وفي المعاهد الدبلوماسية.