أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن بإقرار مجلس الشيوخ الثلاثاء الخطة "التاريخية" للبنى التحتية البالغة قيمتها 1,2 تريليون دولار، مشيدا بنيلها تأييد أعضاء ديموقراطيين وجمهوريين ومؤكدا أنها ستحدث "تحوّلا في الولايات المتحدة".
وقال بايدن إن الخطة التي يتعيّن إقرارها في مجلس النواب لتصبح نافذة، تلحظ تمويل بناء الطرق والجسور والموانئ وشبكتي مياه الشرب والإنترنت الفائقة السرعة، ما من شأنه أن يخلق ألف وظيفة برواتب مرتفعة لا يحتاج معظمها إلى شهادات جامعية.
وفي كلمة ألقاها في البيت الأبيض قال بايدن إن هذا الاستثمار التاريخي في البنى التحتية هو ما يريده الشعب الأميركي.
وتابع إن إقرار الخطة التي حظيت بتأييد في صفوف الحزبين يثبت أنه "يمكننا أن نعمل معا".
وبعد سبعة أسابيع على وقوف الرئيس الديموقراطي مع أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين للإشادة باتفاق مبدئي على إصلاح الطرق والجسور والموانئ وشبكة الانترنت في البلاد، أقر المجلس الخطة.
وحصلت الحزمة على تأييد حزبي ثنائي نادر من النخبة السياسية الشديدة الاستقطاب في واشنطن، حيث أُقرت بـ69 صوتا مقابل 30 بعدما حظيت بدعم ثلث الجمهوريين.
وتواجه حاليا تصويتا حاسما في مجلس النواب متوقعا في الأسابيع المقبلة، لكن مصيرها يبدو ضبابيا مع ظهور انقسامات في صفوف الأغلبية الديموقراطية.
وأرجع زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر الفضل إلى بايدن في إقرار "أول حزمة رئيسية للبنى التحتية منذ أكثر من عقد على أساس غير حزبي" بعد سبعة شهور من توليه منصبه.
وقال شومر "كان الطريق طويلا وصعبا، لكننا ثابرنا".
وتنص الخطة الطموحة على تخصيص مبلغ جديد قدره 550 مليار دولار للإنفاق الفدرالي على البنى التحتية المرتبطة بالنقل وشبكة الإنترنت الفائقة السرعة وجهود مكافحة التغير المناخي.
وتعتمد كلفتها الإجمالية التي تعادل إجمالي الناتج الداخلي الإسباني للعام 2020 على أموال عامة أخرى تم تخصيصها بالفعل لمجالات عدة.
ومن شأن إقرار الخطة في واشنطن أن يشكّل انتصارا كبيرا لبايدن، السناتور السابق الذي يتباهى بقدرته على كسب دعم الحزبين.
لكن في مؤشر على النفوذ الذي لا يزال يحظى به الرئيس السابق دونالد ترامب، أعلن ثلاثة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ شاركوا في المفاوضات على خطة البنى التحتية أنهم لن يصوتوا لدعم الخطة بعدما هدد ترامب من الانتقام سياسيا لمنح انتصار كهذا لبايدن.
إلا أن زعيم الجمهوريين في المجلس ميتش ماكونيل صوت لصالحها، لإدراكه أنها تحظى بشعبية في أوساط الناخبين الذين ملوا الإهمال التاريخي لطرق الولايات المتحدة السريعة.
لكن لا يبدو تمريرها مؤكدا في مجلس النواب حيث برزت خلافات ضمن صفوف الغالبية الديموقراطية الضئيلة بين الجناحين التقدمي والمعتدل.
ويرجّح أن تستغرق المفاوضات وقتا طويلا وقد لا يجري التصويت النهائي في الكونغرس قبل الخريف.
وأشادت دوائر المال والأعمال بتصويت مجلس الشيوخ مشيرين إلى أنها تفتح المجال لاستثمارات طال انتظارها وتخلق فرص العمل.
ووصفتها رئيس غرفة التجارة في الولايات المتحدة سوزان كلارك بـ"الاستثمار التاريخي في البنى التحتية المتهالكة في بلدنا".
وقالت في بيان إن "تحويل هذا الوعد الذي طال انتظاره إلى حقيقة سيساهم في نمو اقتصادنا ويعزز قدراتنا التنافسية لعقود".
ووفق تقرير أجرته هيئة "بزنس راوندتيبل" مؤخرا، فإن كل دولار يستثمر في البنى التحتية على مدى 20 عاما سيضيف أربعة دولارات للنمو الاقتصادي الأميركي، ويزيد دخل العائلات بـ1800 دولار كل عام ويخلق 1,2 مليون فرصة عمل جديدة ويدعم ارتفاع الأجور.
تعد الخطة من أبرز المسائل المدرجة على أجندة بايدن داخليا والهادفة إلى إحداث تحول في الولايات المتحدة عبر إنفاق أكثر من أربعة تريليونات دولار من الخزينة الفدرالية.
ويعمل الديموقراطيون حاليا على المرحلة التالية: إطار عمل للموازنة بمبلغ قدره 3,5 تريليونات دولار يشمل استثمارات كبيرة في الصحة والتعليم والتعامل مع التغير المناخي وتوسيع برامج الرعاية الاجتماعية.
وقال رئيس لجنة الموازنة السناتور بيرني ساندرز الأسبوع الجاري إن حزمة الموازنة "ستكون التشريع الأكثر تأثيرا بالنسبة للعمال والمسنين والأطفال والمرضى والفقراء منذ (عهد الرئيس فرانكلين روزفلت) والاتفاق الجديد العائد إلى ثلاثينات القرن الماضي".
وبعدما أقر الخطة صوّت مجلس الشيوخ على بدء النقاشات حول مسوّدة الموازنة.
وينوي قادة الديموقراطيين اللجوء إلى عملية سريعة تعرف ب"المصالحة" وتسمح بتمرير القوانين المرتبطة بالموازنة عبر غالبية بسيطة.
ومع تكتّل الجمهوريين ضد مشروع قانون الموازنة الأوسع، سيتعيّن على كل ديموقراطي في مجلس الشيوخ دعم الحزمة.
وتعهّدت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي دعم أجندة بايدن التي قالت إنها "تساعد في إعادة بناء الطبقة المتوسطة بينما تعيد بناء البنى التحتية لدينا -- تخلق فرص عمل برواتب جيدة للأميركيين وتمثّل دفعة للتنافسية والنمو في الولايات المتحدة".