الخميس 16 مايو 2024

يسرا.. إغراء «بنات الأصول»

22-5-2017 | 11:38

بقلم – محمود قاسم
بالنظر إلى مجموع أعمال الممثلة يسرا بين عامي 1977/2017، نلاحظ أن الكثير من هذه الأفلام تدخلها ضمن إطار نجمات الإغراء، أو ما يسميه البعض بملكات الإغراء الذي تمارسه بنات الأصول، وهي الطبقة التي عبرت عنها الممثلة كثيراً في أفلامها فهي إحدي فاتنات السينما التي عملت لسنوات طويلة دون أن تفقد جاذبيتها أو سحرها كأنثي، فمجموع أفلام الممثلة يعكس تنوعاً في أفلامها، وأدوارها. من العاشقة الرومانسية، إلى الابنة البريئة، والمدرسة الملتزمة والأم الثرية، والحماة الفاتنة الغيورة، وقد ساعدها في ذلك براءة الوجه، والجسم النحيف الذي لا يوحي بالمرة بأية إثارة فيما يتعلق بالمقاييس الجسدية لممثلات الإغراء..
ولكن، بالنظر إلى مجموع أفلام راحت الممثلة تجسدها بداية من نهاية الثمانينيات، فإننا سوف نلاحظ أن يسرا هي الملكة المتوجة للإغراء والإثارة في سينما التسعينيات..
إذن، فقد قدمت يسرا هرماً مقلوباً بالنسبة لملكات الإغراء السابقات عليها، حيث يتم اكتشافهن كنجمات إثارة بعد أفلام قليلة قامت فيها كل منهن بأدوار عادية، مثلما حدث مع هند رستم، وبرلنتي عبدالحميد، وسهير رمزي، وكما نعرف فإن أعمار الإغراء في حياة هؤلاء الممثلات تبدو قصيرة،  لا تتعدى السنوات السبع، حيث يلتصق الأمر بجمال الممثلة..
ولكن الأمر تغير بالنسبة ليسرا على مستوى  دوام الأنوثة، فقد كان عليها أن تنتظر أكثر من عشر سنوات لتعتلي عرش الإغراء في مصر، فهي الفتاة البريئة الرومانسية في أفلام «ابتسامة واحدة تكفي»، و«شباب يرقص فوق النار»، و«عشاق تحت العشرين»، و«الجنة تحت قدميها»، و«قصر في الهواء»، و«الإنسان يعيش مرة واحدة»، و«حكمت المحكمة»..
 ولعل أول مرة كشفت فيها الممثلة عن ساقيها بشكل عابر هو فيلم «ليلة شتاء دافئة» إخراج أحمد فؤادعام 1981، هذا طبعاً إذا استثنينا دورها  في «ألف بوسة وبوسة» عام 1977.
في فيلم «ليلة شتاء دافئة» رأينا فتاة تقف مع الصحفي الشاب على طريق الصعيد العام، وعلى طريقة الممثلة الأمريكية «كلوديت كولبرت» في «حدث ذات ليلة» عام 1934. كشفت عن ساقيها لإحدى السيارات العابرة، كي تقف لها، وتنقلها إلى حيث تريد مع رفيقها..
في تلك الفترة، كانت يسرا تقوم بدور البطولة أمام محمود عبدالعزيز في فيلم سوري تركي باسم «شيطان الجزيرة» قامت فيه بدور ليلى، الفتاة التي جاءت لتكشف سر مقتل ابن عمها. وارتدت مايوه بيكيني طوال أحداث الفيلم، وبدت في مشاهد حب ساخنة مع محمود عبدالعزيز، وقد تم قطع أغلب هذه المشاهد في النسخة التي عرضت على أشرطة الفيديو في مصر..
لكن يسرا لم تقدم كثيراً مثل هذه الأدوار، ولم ترتد المايوه البيكيني في أفلامها المصرية، ورأيناها في أفلام من طراز «على باب الوزير»، و«دماء على الثوب الوردي» لحسن الإمام، و«الثأر» لمحمد خان، و«أرزاق يا دنيا» لنادر جلال، تقوم بدور الفتاة المصرية المعتدلة. وفي هذين الفيلمين الأخيرين، تم اغتصاب الشخصية التي تجسدها  في مشاهد شديدة الوحشية، وتحت عينّي زوجها، لكنها بشكل عام لم تكن أدواراً تعتمد على الإغراء، أو الجنس..
ولذا فإن دور بنت الليل الذي جسدته في فيلم «درب الهوى» لحسام الدين مصطفى عام 1983، ولم يكن من أدوار الإغراء قدر ما هو حول فتاة قهرتها الظروف، ويحاول الفيلم هنا أن يثبت أن من نراهم وقورين فوق مكاتبهم، وفي الحياة هم في الحقيقة الداعرون، أما بنات الهوى، فهن بريئات، اضطررن إلى ممارسة هذه المهنة الأزلية لأسباب قهرية.
والشخصية التي جسدتها يسرا هي لفتاة  دفع بها إلي العمل بهذا المكان ظرف بالغ القسوة. فهي التي زج بشقيقها في السجن لإتجاره في المخدرات. تجد في عنقها مجموعة من الأشقاء الجوعى، وأم عجوز. فتضطر إلى الانخراط في المهنة كي ترسل إليهم ما تسد به رمقهم. وفي بيت الدعارة تتعرف على أستاذ جامعي، وعلى أحد الباشوات. الأول يقوم بتدريس الفلسفة، والثاني صاحب منصب سياسي مرموق. عندما يدخل غرفتها، ومعه حقيبة، يقوم بنزع ملابسه كي يظهر أمامها بملابسه الداخلية،  ويفتح الحقيبة  كي يخرج منها طبلة، يحمل الصاجات في إصبعه. دون أن يخلع طربوشه، ثم يدخل في رقصة خليعة أمامها. أما الأستاذ الجامعي الذي يؤمن بنظريات الفيلسوف «فيخته»، فإن العاهرة هي التي تعلمه كيف تكون الحياة..
وقد جعل الفيلم من كبراء رجال المجتمع هم الذين يمارسون الدعارة الحقيقية، بينما كسا الداعرات الحقيقيات بالأخلاق، وجعل منهن بريئات  أمام ما يمارسه الرجال، سواء ذلك القواد الذي يجبرهن على الرقاد في فراش الرجال من أجل تدبير المعيشة، أو الصبيان الذين يبدون مختلين في سلوكهم العام..
والنساء الداعرات في الفيلم يأملن في الخروج من المستنقع الذي يعشن فيه ..  فالفتاة تهرب من الفندق لتنتظر أستاذاً جامعيا في أحد الكازينوهات. أما زميلتها، فإنها تماطل قوادها حتي تنال منه ماتريد، وهي المخدوعة بحب ابن إحدي الأسر الراقية، تهرب من اللوكاندة أولاً، ثم تهرب إلى شقة حبيبها ثانياً. ويهرب الشاب الذي تغرم به العاهرة ليلة فرحه من خطيبته الخائنة ليذهب إلى حبيبته. ويهرب  القواد من المعلمة صاحبة الماخور ليعيش مع  عاهرته.
ورغم أن الفيلم حول عالم الدعارة وبنات الهوى، فإن دور يسرا هنا لا يدخل ضمن الإغراء، ولذا فإن بقية أدوارها التالية في سنوات الثمانينيات لم تعط انطباعاً أننا أمام ممثلة إغراء، سواء في «الأفوكاتو» لرأفت الميهي، وفيه كانت الزوجة المليئة بالشبق والتي تتحين فرصة للمضاجعة، وفي أي مكان، و من هذه الأفلام أيضا: «لا تسألني من أنا» لأشرف فهمي،   و«الصعاليك» لداوود عبد السيد، وفيه ضاجعت صديق زوجها أثناء وجود الزوج في السجن لمرة واحدة،   وهناك أفلام عديدة منها : «البداية»، و«كراكون في الشارع»، و«موعد مع القدر»:، و«قبل الوداع»، و«وصمة عار». ولكن بين الحين والآخر كنا نرى الممثلة في دور فاتنة، تكشف عن مواهبها وحسنها، مثل دورها في فيلم «الجوع»، حيث رأيناها في دور امرأة ثرية، تسكن قصراً فخماً، تعشق فتوة الحارة الجبالى. وتطلبه لنفسها، وفي القصر تتزوجه، ويبدو مفتوناً بجسدها الشهي، الذي يختلف تماماً عن جسد زوجته التي عاش معها سنوات طويلة، وجسدتها سناء يونس، وأمام هذا التباين، فإن الفتوة يعرف المياه الساخنة لأول مرة عند الاستحمام، كما يعرف الحمام والتدليلك . ولاشك أن هناك قوة جنسية تربط بين المرأة الثرية، وبين فحولة الفتوة ما جعلها توافق على الزواج به، فالمرأة لم تأت به إلى قصرها  فقط من أجل أن يهتم بأعمالها العامة، وإدارة شئونها الاقتصادية. ولكن أيضاً من أجل فحولته..
وبين أكثر من خمسين فيلماً قامت يسرا ببطولتها حتى عام 1989، فإن الممثلة بدت صاحبة الوجه البرئ، ولم يرها المشاهد في أدوار إغراء متتابعة بنفس الصورة التي عرفناها بها منذ فيلم «المولد»: لسمير سيف عام 1989، أمام عادل إمام، ففي هذا الفيلم، جسدت دور فتاة فقيرة، ابنة لرجل محتاج دوماً، وتعرف أن إبراهيم، ليس أخوها، وإنما قام أبوها بسرقته وهو طفل صغير . ولذا فإن  عواطفها نحوه تتغير من الإخوة إلى  المشاعر الحسية، والعاطفية، وتبدو الأحاسيس هنا ذات معنى جنسي أكثر من معناها الرومانسي العاطفي، خاصة أنها تنمو في البداية من طرف واحد.. فهي التي تشتهيه، وتحبه، دون أن يعرف الحقيقة، وعندما يقوم أخوها بتدليك جسدها، كشقيق، بالروائح الثمينة، فإنها تتلذذ دون أن يحس بها، وتحول اللمسات إلى حس، ثم إذا بها تلتفت إليه، وتقبله بكل شهوة، هذه القبلة تصدم إبراهيم، فيصفعها. كي تكشف له الحقيقة..
وقبل هذا المشهد رأيناها، وهي تنتقل من الفقر إلى الثراء الذي جلبه معها أخوها العائد من السفر بعد سنوات، وقد تعرت، وراحت تستحم في البانيو. وبدا جسدها فاتناً، كانت يسرا هنا قد بلغت سن النضج، وامتلأ جسدها، ولم تعد تلك الفتاة النحيفة، لذا جاء الإغراء الذي مارسته في الفيلم ليكشف عن مولد نجمة إغراء، سرعان ما يضعها المخرجون في هذا الإطار في أفلامهم التالية، مثل «الراعي والنساء» لعلي بدرخان عام 1991، و«الإرهاب والكباب» لشريف عرفة عام 1992، و«امرأة آيلة للسقوط» لمدحت السباعي عام 1992، و«المنسي» لشريف عرفة عام 1993، و«مرسيدس» ليسري نصرالله عام 1993، و«ضحك ولعب وجد وحب» لطارق التلمساني، ثم «المهاجر» ليوسف شاهين عام 1994، و«طيور الظلام» لشريف  عرفة عام 1995، و«نزوة» عام 1996 لعلي بدرخان،  و«دانتيلا» عام 1998 لإيناس الدغيدي، و«كلام الليل» عام 1999، و«حسن وعزيزة» عام 2002 .وحتي فيلم «بوبوس» 2010.
وفي هذه الأفلام مثلت يسرا قصص إغراء ذوات سمات خاصة، فهي المرأة الارستقراطية الجميلة صاحبة القوام الرشيق. التي تبحث عن تجربة عاطفية، وفي بعض الأحيان فإنها مصابة بشبق الجنس وجنونه، ويمكنها أن تفعل أي شيء من أجل إشباع هذا الجنس الملتهب في جسدها ..
ويبدو هذا واضحاً في شخصية عزة في فيلم «الراعى والنساء»، فهي إحدى ثلاث نساء يسكن منطقة صحراوية نائية . تعاني من حرمان، وشبق، يأتي إليهن رجل خارج من السجن لتوه، هو أيضاً محروم من النساء، وعليه إشباع رغباته، ليس من جسد واحد من بين هؤلاء النسوة، ولكن منهن جميعاً، فهن جميعاً محرومات جنسياً، يمثلن ثلاثة أجيال مختلفة..
والشخصية التي جسدتها، عزة ترفض دخول الرجل إلى عالمهم، إنها امرأة سبق لها الزواج من قبل،  تشهر في وجه الرجل الغريب سكيناً، وتناصبه العداء، وأمام إلحاح الرجل للبقاء، تبدأ كل منهن في معاملته بحذر، ثم يبدأ في الدخول لقلوبهن الواحدة تلو الأخرى، وأمام امرأة محرومة، شبقة، فإنها تقدم نفسها في شكل فاتن، حيث تتسلل إلى حجرته ليلاً، وتسلمه جسدها، ويصل صوتهما إلى الابنة الصغيرة، ويبدو الجنس هنا لدى عزة بالغ القوى، فهي أشد النساء الثلاثة حباً له، وهي تطلب من الآخرين أن يتركاها معه كي تتمتع به، كما أنها أكثرهن صدمة حين يموت..
علي بدرخان، هو المخرج الأكثر استفادة من فتنة يسرا في السينما، وهو الذي قدمها بهذا الشكل المثير في ثلاثة أفلام، بعد «الجوع»، و«الراعي والنساء»، ففي «نزوة» بدت في أقوى حالاتها الحسية، امرأة من نار، ما أن تنظر إلى المهندس من خلال مقياس المساحة، حتى تدرك أنه رجل على مقاسها، وهو زوج وفي، سافرت امرأته لأسبوعين إلى أسرتها بالإسكندرية، وتركته وحده كي تكون الأرض ممهدة لقيام علاقة بالغة الحسية مع المهندس صلاح..
ونرى في هذا الفيلم امرأة مجربة، متحررة، نعرف أنها تزوجت لبعض الوقت وعاشت في الولايات المتحدة،  لديها شبق حسي، وتتمتع بتوتر يبدو واضحاً أثناء الجنس وبعده..
ولذا فما أن تلتقي به، حتى تدعوه إلى تناول البيرة معها في محل عام، بعد صدام شكلي، وهي في صحبة صديقة لها. وما أن يقبل الدعوة، حتى تعطيه من جسدها كل ما هو شهي، وممتع، فهي تتعامل معه كذكر متوج، ويبدو ذلك من مشاهد بالغة الجرأة جمعت الاثنين معاً فوق الفراش، إنه لا تريده أن يهجر فراشها، تدعوه دوماً إلى المزيد من لحظات الحب. وتبدي له من الفتنة ما لا يراه في زوجته. سواء في ملابسها، أو في أوضاع الالتصاق به . ونبرات صوتها، وحركة عينيها..
وقد أثبتت الممثلة في هذا الفيلم كم تتمتع بحس عال، وقدرة على تجسيد مثل هذه الأدوار فتبدو كما أشرنا، امرأة راقية، مثقفة، عاشت خارج الوطن المتحفظ، وليس لديها حس خلقي بمسألة الجنس، إنها تمارسه بكل ما لديها من أفكار عن الحسية. ومن المعروف أن الفيلم مقتبس عن الفيلم الأمريكي «الجاذبية القاتلة» لـ«أدريان لين»، وأن الممثلة «جلين كلوز» كانت في هذا الفيلم في أكثر حالاتها إثارة، وربما أكثر من يسرا بكثير، فهي تود الممارسة في أي مكان تذهب إليه مع عشيقها، ولعل مضاجعة المصعد يعكس ما تتمتع به المرأة من شهوانية، ومثل هذا المشهد غير موجود في الفيلم المصري، فأغلب الجنس الذي تم كان في شقة ندى، وبين جدران غرفة النوم، أو في الحمام. وهناك بالطبع فارق كبير بين الحسية التي رأينا عليها  المرأة في الفيلم الأمريكي وبين ندى، لكن رغم هذا، فإن الممثلة قدمت مشاهد بالغة الإثارة، وأذكر أنني كنت أشاهد الفيلم في سينما «ريفولى» بالقاهرة، وإلى جواري صديقي عدلي عبدالسلام (60 عاماً) الذي أبدى دهشته من تلك الجرأة التي ظهرت عليها الممثلة في هذا الفيلم ..
أما المخرج الثاني الذي قدم يسرا في أكثر من فيلم، كممثلة إغراء، فهو شريف عرفة، ففي فيلم «الإرهاب والكباب» رأيناها تؤدي دور فتاة ليل تهرب من التحقيقات الملفقة التي تقوم بها إدارة الآداب في مجمع التحرير، باعتبار أن الضابط يود إلصاق التهمة بالعاهرات، ووسط أحداث ساخنة تقفز العاهرة على السلم، وقد بدت بالغة الفتنة، مما يثير الانتباه إليها، وهي تردد على إيقاع راقص: مساء الخير يا حلوين ..
وكعاهرة، فإنها تبدو طيلة أحداث الفيلم، مكشوفة الجسد، سواء من ناحية الجونلة البالغة القصر، أو الكتف العاري، ولكن يبدو الماكياج هنا خفيفاً، قياساً إلى ما نعرفه في السينما عن العاهرات، مما يؤكد أننا أمام ابنة ليل ارستقراطية..
وهناك فرق شاسع بين صورة العاهرة هنا، وبين ما كانت عليه الممثلة في فيلم «درب الهوى» فنحن في «الإرهاب والكباب» أمام عاهرة محترفة .، ثم تبدو ملامحها الإنسانية، حيث تقف إلى جوار المدرس مدحت الذي يحتجز مجموعة من الرهائن في المجمع، بعد أن ارتبكت الأحداث، ولم يتمكن مدحت من  التوقيع على طلب خاص بنقل ابنه..
وشخصية ابنة الليل هنا، تبدو ثانوية قياساً إلى الحدث، فهي مجرد واحدة من شخصيات عديدة تواجدت في المجمع، لكل منها دور في الحدث الأساسي، ولأن رجال مباحث الآداب قد حاولوا تلفيق التهمة لها، فإنها وقفت إلى جوار مدحت، وحملت معه السلاح..
وتقدم نموذجاً مختلفاً لابنة ليل أخرى، في فيلم «طيور الظلام» لنفس المخرج، إنها سميرة التي يتم القبض عليها بتهمة دعارة، وعلى الصحفي فتحي نوفل أن يقف بجانبها، فيدفع بزميله الملتحي إلى الدفاع عنها وإثبات براءتها ويكون المقابل هو إقامة سميرة في بيت المحامي فتحي. وفي شقته المتواضعة، تبدو سميرة بالغة الفتنة، تتصرف كعاهرة، وتعطي للرجل من جسدها، تغسل له الملابس وقد انكشف فخذاها وهي تجلس أمام الطست . وتبدو الممثلة في قمة فتنتها في هذه المشاهد، و هناك لقطة دفعت بأحد الشيوخ إلى رفع قضية على الممثلة جذبتها إلى المحاكم فترة، وليس مجالنا هذا الحديث عن هذا الأمر، لكن يسرا بدت في هذا الفيلم أيضاً نموذجاً لنجمة إغراء، ليس فقط، وهي تجسد دور العاهرة الفقيرة، التي تحفظ الجميل للمحامي، بل بعد أن انتقلت اجتماعياً مع فتحي، وأصبحت من سيدات المجتمع الراقي، وتبدو في قمة إغرائها،  وهي تخلع ملابسها أمام الوزير في محلها، كي تفتنه بجمالها، وهي تقتل تردده، وتصبح عشيقته بعد ذلك..
وفي كل المستويات الاجتماعية التي مرت بها سميرة، فإنها تبدو قادرة على إحداث الإثارة فيمن حولها، ومن الواضح أن شريف عرفة وضع يسرا في أدوار متشابهة، فرغم أنها موظفة وقورة في فيلم «المنسي» فإن ملابسها، وقوامها الممشوق يجعلان أحد المدعوين في الحفل الذي يقيمه المدير ينظر إليها فينظر  المليونير أسعد ياقوت،  إليها كجسد، أو عاهرة راقية، لذا يطلب قضاء ليلة متعة معها. ولكن غادة ترفض هذا العرض، حتى لو أدى هذا إلى الهروب في تلك الليلة عبر مكان موحش يحيط بالفيلا التي يقام بها الحفل..
وغادة ترفض أن يكون جسدها ثمناً لإتمام صفقة يعقدها رجل الأعمال الذي تعمل لديه. ورغم موقف غادة الجاد، المحترم، فإن المخرج يجعلها ترتدي ثوباً يكشف ما تتمتع به من جمال، لاشك أنه جذب أنظار المستثمر، بأن الفتاة أكثر من سكرتيرة..
ورغم ما تبدو عليه الفتاة من وقار، وجدية، فإن الملابس التي  ارتدتها في الفيلم، قد  تناقضت بشكل ملحوظ مع سلوكها. ولذا فإنها تصدم المنسي، عامل التحويلة المحروم عاطفياً وجنسياً، والذي تأتيه ملكة الجنيات الجميلة كل ليلة، فإذا به يفاجئ بغادة، الاسم والمرأة، وقد دخلت عليه مبنى التحويلة، بملابسها الفاتنة، تطلب منه حمايتها من رجال أسعد الذين يطاردونها، ويسعون إلى إعادتها للفيلا من أجل إتمام الصفقة الجنسية..
ويكتب حليم زكريا مليكة عن أداء الممثلة في نشرة نادي السينما أنه: «كان أداء يسرا الطبيعي المقنع وقسمات وجهها الهادئ المعبر ونبرات صوتها العاطفي تلعب دورها في تكامل، وتجعلك اللقطات الحميمة البالغة العذوبة والجمال التي تجمع بينها وبين المنسي من اللقطات التي تغزو أحاسيسك بالدرجة الأولى»..
ولاشك أن فيلم «ضحك ولعب وجد وحب» من الأفلام التي توجت يسرا كنجمة إغراء في السينما المصرية، هناك مشهد للمرأة الناضجة أش أش، وهي راقدة فوق سريرها، تمر الكاميرا ببطء شديد فوقها، وفي الخلفية أصوات طابور الصباح في المدرسة المجاورة، وتبدو «إش إش» في هذا المشهد بالغة الحسن أو الفتنة، ومن الواضح أن طارق التلمساني قد قدم المرأة بشكل مقارب لما رأيناه عليها في أفلام أخرى، فهي امرأة ثرية، مطلقة، تعيش حياة لاهية. إذا خرجت إلى الشرفة في الصباح، كان ذلك كفيلاً بأن ينقلب حال المدرسة بتلاميذها، ومدرسيها، ومديرها، و«إش إش» تعشق أحد طلاب المدرسة الذي يصغرها سناً بأعوام طويلة، والعلاقة بينهما حسية، تبدو أثناء ممارسة الحب مع المرأة المحرومة التي تشبع جسدها من شاب، في بداية حياته، يتسم بقوة وعنفوان..
وهناك علاقة حسية بين كل الطلاب، وبين المرأة التي تبدو في قمة فتنتها، كل صباح، وهي في غرفتها، حيث يلجأ الطلاب إلى استخدام المراية لتعكس أشعة الشمس في غرفتها، فتخرج لهم ضاحكة، تلوح لهم بيديها ..
و«إش إش» تمارس الحب بجنونه، وشكله اللامألوف، فهي تدخل مع أدهم حجرة مبطنة الحوائط من أجل أن تنطلق صارخة، ثم تتمرغ فوق الأرض، وتتشاجر مع الطالب الذي تحبه أدهم، قبل أن يمارسا الحب. وبعد أن تتوطد علاقة إش إش بهذا الطالب، فإنها تتصرف كأم لزملائه الطلبة، تحاول مصالحة المتخاصمين، كما تتدخل لدى أهل فتاة أخطأت مع حبيبها من أجل أن يتزوجا. وتتحول إش إش من امرأة شهية تمارس الحب مع أدهم وتسعى لأن تتزوجه رغم معارضة أبيه الذي يعمل في جهاز أمني حساس، إلى امرأة أكثر التزاماً تحب الشاب، وتدافع عن مصالح زملائه. وبالتالي فإن صورتها تتغير ..
ومن بين الأعمال التي يمكن الوقوف عندها أيضاً ليسرا كممثلة إغراء، دورها كملكة فرعونية في فيلم «المهاجر» ليوسف شاهين، ودورها كأميرة في فيلم «إسكندرية كمان وكمان» ولكنها في الفيلم الأول جسدت دور زوجة لفرعون العنين العاجز عن الاتصال الحسي بها منذ أن تزوجها، لذا فهو يسمح لها أحياناً بالتواصل مع الشاب الغريب رام الذي يحبه، وسلمه مفاتيح المملكة. وتحاول الملكة إغواء رام، وجذبه إليها، تدعوه إلى فراشها، لكنه لا يمتثل لها في البداية، و«سيميت» هذه امرأة محرومة من الارتواء الجنسي، وتبدو في بعض لقطات الفيلم، وقد كشفت أغلب المسموح به رقابياً، حيث برز صدرها نصف عار من فستانها الأبيض، كما أنها في بعض اللقطات التي بين يدينا، تبدو وقد سلمت نفسها للشاب الذي راح يخاصرها بيده اليسرى، وراحت تقبله في خده، بينما برز نهدها وراحت تعانق جسده العاري، وهي تغلق عينيها في نشوة بادية ..
ومثل هذه المشاهد لاشك أنها قد توجت يسرا كنجمة إغراء في التسعينيات، فهي تفعل ذلك دون اللجوء إلى الابتذال، لأنها لا ترقص، ولا تتعمد كشف جسدها قدر ما يسمح به الدور، وهي تنطق أقل قدر من الكلمات. لكن فتنتها تبدو في جمالها الملحوظ، وأيضاً في تناسق جسدها، وأناقتها، وقدرتها على اختيار ملابسها التي تبرز مفاتنها. وكما أشرنا من قبل، فإن هذه المرأة توحي بالحس الراقي دون ابتذال أو افتعال الإغراء..
وقد بدت هذه السمات واضحة في فيلم «مرسيدس» ليسري نصر الله عام 1993، وفيه تقوم بدورين، الأول وردة، وهي امرأة وقعت في غرام دبلوماسي أفريقي خلال سهرة برجوازية قاهرية، تحمل منه فتجبرها أمها على الزواج من ثري عجوز خوفاً من الفضيحة، وعندما تلد طفلاً أبيض تطلق عليه اسم نوبي، كما أن الممثلة تجسد دور عشيقة بنت ليل لهذا الشاب نوبي حين يكبر في السن..
ووردة كما نراها في أغلب مشاهد الفيلم، امرأة تجاوزت الخامسة والخمسين، منعت أن تعيش أحاسيسها ومشاعرها الخاصة، فآثرت الاحتماء خلف مكياجها وأناقتها الزائدة. وحسبما يقول المخرج في حديث له إلى مجلة «فن»: «ولأنها مكبوتة، تبدو مبتذلة جداً. رغم أنها لم تمارس الجنس المحرم سوى مرة واحدة من كهل عجوز . وبقيت بداخلها رغبة دفينة في الانتقام»..
أما الشخصية الثانية فهي عنيفةـ يسرا أيضاًـ وهي شخصية تقف على النقيض من شخصية وردة. وإن قاربتها في الشكل، فهي امرأة ولدت لتكون عاهرة. ومن ثم تشارك الملايين رغبتهم المستعرة في الثراء الشديد. ولكن المثير في هذه الشخصية أنها شديدة الاعتزاز بنفسها. فهي لا تعطي نفسها سوى للرجل الذي تريده. ولا يمكن أن نطلق  عليها العاهرة  العذراء. ويتغير حالها بلقائها بـ«نوبي»، فتحبه من النظرة الأولى، وتشعر أنه الرجل الذي انتظرته طويلاً، على الفور تقرر أن تهبه نفسها من دون قيد أو شرط..
وكما نلاحظ فإن المخرجين الذين عملت معهم يسرا في السينما قد وضعوها في إطار ابنة الهوى، تختلف صورها، وذلك من أجل أن يستخرجوا منها كل ما لديها من قدرات على الإغراء، ومع ذلك فقد قدمت شكلاً خاصاً، وغير مكرر من هذه المرأة المثيرة.
أفلام يسرا الأخيرة، كان هناك ارتباط قوي مع إيناس الدغيدي، التي سبق أن قدمتها في «امرأة واحدة لا تكفي»، وقد قدمت المخرجة، ممثلتها المفضلة  من خلال إعجاب ملحوظ بجسدها لتقدمه بشكل ملىء بالإثارة، والقوة في عدة أفلام منها : «دانتيلا» عام 1998، و«كلام الليل» عام 1999، ثم «الوردة الحمراء» عام 2000.