يقع المسرح اليوناني القديم في مدينة أثينا اليونانية، ويعود تاريخه للقرن السادس قبل الميلاد، وعرفت اليونان التقدم والازدهار في مختلف مجالات العلوم والفنون قبل مئات السنين، بل إن بعضها كانت هي أول من وضعت أسسه، ومن بينها فن المسرح الذي لمع في سماء أثينا منذ عام 700 قبل الميلاد.
ونشأ المسرح اليوناني القديم من خلال الاحتفالات الدينية التي كانت تقام في أثينا تقديسا للإلهة "ديونوسوس"، ولم تكن العروض تقدم بشكل دائم بل تقدم في إطار الاحتفالات الدينية فقط، باعتبار العرض المسرحي جزءا من احتفال رسمي مقدس، ومع الوقت امتدت تلك المهرجانات للدول المجاورة وكونت ثقافة إقليمية مشتركة، لذا يعد المسرح اليوناني أصل المسرح الغربي.
ومع مرور الوقت تطور المسرح بعد تدمير الإمبراطورية الفارسية لأثينا في عام 480 قبل الميلاد، وأعيد بناء المدينة وأصبح المسرح فنا رسميا وحظي باهتمام أكبر من ذي قبل فيما عرف بـ"العصر الذهبي للدراما اليونانية"، واعتمد على 3 ممثلين على المسرح فقط، والمأساة اليونانية التي جسدتها المسرحية الأولى في التاريخ كانت مستلهمة من الأساطير القديمة، وهي عبارة عن خليط من الشاعرية والجدية والنزعة الفلسفية، وتحكي قصة البطل الذي يخوض صراعا مع القوى العدوانية دفاعا عن خياراته الأخلاقية لكن دائماً كانت تنتهي العروض بشكل مأساوي سواء بهزيمة البطل أو موتة.
وبنيت المسارح على مساحات شاسعة في الهواء الطلق، وغالبا كانت تقام عند "سفح التلال"، بهدف استيعاب عدد كبير من الجمهور يصل إلى 14000 مشاهد، وتميز بتوظيف العديد من العناصر ذات المناظر الخلابة، وفي عام 465 قبل الميلاد بدأ الكتاب استخدام خلفية أو جدار معلق خلف الأوركسترا، وكانت بمثابة منطقة يمكن للممثلين تغيير ملابسهم فيها.
ومن المعروف عن المسرح اليوناني أنه لم يقتصر على الرجال فقط، ورغم أنه أتاح المشاركة للمواطنين الأحرار فقط "لا يوجد عبيد"، فإن النساء كن يحتفظن بالصفوف الخلفية للمقاعد.