صوت جهوري وضحكة مميزة كفيلة أن تجعلك تضحك من قلبك، كوميديان استثنائي برع في التقليد وغناء المواويل، ومنبع للإفيهات، تعلق قلبه بالمسرح وأخلص له، هو أستاذ الخروج عن النص، يجيد كل الأدوار وأشدها صعوبة، هو "زربيح" في مسرحية "سيدتي الجميلة، و"درويش" في فيلم "أريد حلا"، و "المعلم حلومة الجحش" في "وكالة البلح"، و"خليل الغبي" في "المتسول"، بينما تجده "المستكاوي" الرجل النصاب الذي يسرق "عبد السميع" وزوجته "زينب" في القطار ويتركهما في محطة مصر في "البيه البواب"، وقبل أن تفيق من دهشتك تجده في دور"القص" في "المال والبنون" هو واحد من أهم الكوميديانات في السينما المصرية والمسرح، هو "الذي والذين" صانع البهجة الفنان سيد زيان.
هو زيان عطية سليمان، ولد في 17 أغسطس 1943 بمحافظة الشرقية، عاش في حي حلمية الزيتون بالقاهرة، تخرج من مدرسة الميكانيكا في صيانة طائرات سلاح الطيران، بالتزامن مع عمله في المسرح من خلال فرقة المسرح العسكري، وعلى خشبة المسرح قدم عدة مسرحيات منها "هاملت وعطيل" لينضم إلى فرقة الهواة مع الفنان عبد الغني ناصر، ليسند له دور في مسرحية "إعلان جواز"، وبعدها تلقفه المخرج نور الدمرداش دوربمسرحية "حركة واحدة أضيعك" وكانت بالنسبة له طاقة القدر.
كان على موعد مع الشهرة عندما قدم دور "زربيح" في مسرحية "سيدتي الجميلة" مع فؤاد المهندس وشويكار، بدأت الانطلاقة مع انتقاله إلى فرقة الريحاني التي عمل بها 9 سنوات متواصلة، وبالتزامن وفي فترة السبعينيات قدم عددا من الأدوار الثانوية في السينما في عدد كبير من الأفلام أبرزها "مدرسة المشاغبين، الشياطين والكورة، العنيد، البنات لازم تتجوز، أين عقلي، بنت اسمها محمود، استقالة عالمة ذرة".
فترة الثمانينات شهدت توهج موهبة "زيان" الكبيرة في عدد من الأفلام أبرزها دور "المعلم حلومة الجحش" في فيلم "وكالة البلح" مع نادية الجندي، وأطلق فيه الإفيه الشهير "أنا الذي والذين"، وقدم أيضا مع نادية الجندي فيلم "الضائعة" ومع عادل إمام تألق في دور "خليل الغبي" في فيلم "المتسول"، وأطلق فيه عدة إفيهات منها "كله في الفساكونيا" و "سيبه يا حامد".
ومع أحمد زكي شارك في فيلم "البيه البواب" بدور "المستكاوي" نصاب القطار، ومع نور الشريف ولبلبة في "ليلة ساخنة"، ومن أبرز أعماله في تلك الفترة "السكاكيني، الوزير جاي، عفوا أيها القانون"، وفي السينما كان بطلا لـ 3 أفلام هي "حظ من السماء، دورية نص الليل، كيف تسرق مليونيرا".
بينما كان في المسرح هو بطلا لمسرحياته فترة الثمانينيات والتسعينيات، وقدم عددا من المسرحيات أبرزها "خد الفلوس واجري، البرشوت، واحد لمون والثاني مجنون، سائق التاكسي، الساهي واللومنجي، الغبي وأنا، لعبة جواز، الورثة، البيه السباك"، واشتهر بالخروج عن النص وإطلاق الإفيهات التي كان يعرف كيف يوظفها داخل إطار العمل، وغناء المواويل معتمدا على صوته الجهوري وخفة ظله، وفي فترة التسعينيات قدم على خشبة المسرح الذي عشق كل تفاصيله عدة مسرحيات أبرزها "العسكري الأخضر، زوبا المصري، الفهلوي، يا حلوة ما تلعبيش بالكـبريت".
كان للتليفزيون حظا من موهبة الكوميديان سيد زيان وقدم عددا من المسلسلات أبرزها "الرايا البيضا" في دور "نونو"، و "عمر بن عبد العزيز" بينما يعتبر دور "القص" في مسلسل "المال والبنون" هو أشهر أدواره في الدراما.
تزوج سيد زيان سيدة من خارج الوسط الفني وارتبط معها بقصة كبيرة، وعندما تقدم لخطبتها وافقت أسرتها وكان في سن صغير لم يكن قد تجاوز الـ 16 عاما من عمره بينما كانت هي تبلغ من العمر 15 عاما، وهو ما دفع المأذون أن يرفض توثيق عقد قرانهما بسبب السن وبعد أن اكتمل سنهما القانوني تزوجا، وانجب منها 5 أبناء "منى ومحمد وسامية وحنان وإيمان" ولم يعمل أحد منهم في الفن.
عاني سيد زيان من جلطة بالمخ في 2003 أجبرته على الابتعاد عن الفن لفترة طويلة، وكانت النهاية عندما تعرض لأزمة صحية دخل على إثرها المستشفى، ليرحل عن عالمنا في 13 أبريل 2016، وترك خلفه أدوارًا حفرت أسمه في سجلات السينما المصرية وإفيهات نرددها حتى الآن.