مباحثات وتنسيق مشترك مستمر بين مصر والعراق على كافة الأصعدة، في ظل الموقف المصري الراسخ بدعم أمن واستقرار العراق، وهو ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم في اتصال هاتفي تلقاه من مصطفى الكاظمي، رئيس وزراء جمهورية العراق، فيما أكد سياسيون أن مصر حريصة على التعاون ودعم العراق لمواجهة كافة التهديدات، في ظل التحديات والمستجدات التي تشهدها المنطقة بما فيها تطورات الأحداث في أفغانستان وسيطرة طالبان على الحكم هناك وما يفرضه ذلك من تحديات على الأمن العربي.
وتناول الاتصال التباحث حول تطورات عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً مستجدات الأوضاع في أفغانستان، بالإضافة الى عدد من موضوعات التعاون الثنائي بين البلدين.
وأكد رئيس الوزراء العراقي على تقدير بلاده للجهود المصرية الداعمة للشأن العراقي على كافة الأصعدة، والتطلع لتعزيز أطر التعاون مع مصر، خاصةً فيما يتعلق بمواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية، ومن جانبه؛ أكد الرئيس السيسي دعم مصر لكل جهد من شأنه أن يعزز من أمن واستقرار العراق، وجهود مصطفى الكاظمي لتقوية دور مؤسسات الدولة العراقية وصون سيادة وعروبة العراق، مشدداً على أن مصر ستواصل العمل على تعزيز أطر التعاون مع الجانب العراقي الشقيق في مختلف المجالات، سواء على المستوي الثنائي او في اطار آلية التعاون الثلاثي بين مصر والعراق والأردن.
دعم مصري لإعادة بناء العراق
وفي هذا السياق، قال الدكتور أشر ف سنجر، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية وأستاذ العلاقات الدولية، إن الاتصال الهاتفي بين الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي هو استكمال لمحور الشام الجديد الذي يربط بين مصر والعراق والأردن باعتبار أن التناغم الأردني المصري أعطى مجالا لاستيعاب العراق مرة أخرى.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الرئيس السيسي يولي اهتماما كبيرا بتعزيز العلاقات مع كل الدول العربية وخاصة العراق وإعادته إلى الصف العربي بعدما كان بعيدا منذ الغزو الأمريكي في 2003، وما آل إليه العراق بعد ذلك، مضيفا أن الرئيس السيسي تقدم بالمبادرة السياسية والعربية لإعادة العراق للصف العربي وفتح قنوات جديدة للتواصل معه.
وأكد سنجر أن العراق يحتاج الكثير من مصر وهناك توافقا بين البلدين للتعاون الاقتصادي واستثمار الثروات العلمية والنفطية والزراعية لإعادة إعمار العراق، وخاصة أنه منذ فجر التاريخ وهو حائط صائد لحماية الأمة العربية، مضيفا أن كل الاتصالات واللقاءات السياسية بين مصر والعراق والأردن كشفت توافقا في الرؤى والمواقف المشتركة.
وأشار إلى أن مستجدات الأوضاع في أفغانستان أمر مخيف وتعطي رسالة لكل قائد عربي حريص على شعبه وأمن بلاده بضرورة التلاحم العربي وإعادة العراق للصف العربي وأن يكون واحدا بدون انقسام، مضيفا أن مصر تؤكد دعمها للعراق ولأمنه واستقراره وتهتم أيضا بأمن كل الدول العربية وخاصة ليبيا واليمن ولبنان وسوريا.
وأضاف أستاذ العلاقات الدولية أن ما حدث في أفغانستان يجب التنبه له جيدا وعواصم العالم العربي المهمة منها الرياض والقاهرة وأبو ظبي وبغداد تدرك ذلك، لأن سيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان يعطي فرصة للتيارات المتشددة في كل العالم أن يعودوا مرة أخرى لكابول باعتبارها مكان آمن لهم وقد يتم إعادة تصدير هؤلاء مرة أخرى للجوار العربي والخليج العربي.
وشدد على أن مصر تقف حائط صد لتجار الدم والقتل من الإرهابيين الذين حاولوا أن ينالوا من مصر، وستقدم كل ما تملك من دعم لمقاومة الإرهاب والإرهابيين، وكذلك تدعم إعادة بناء العراق ليكون قوة جديدة يضيف للعالم العربي، وخاصة أن العراق الآن جديد في علاقته الجديدة تجاه الخليج العربي والدول العربية.
ووصف دور مصر في المنطقة بأنه دائم ومستمر ولم يخفت أو يغيب عن العالم العربي بكل قضاياه وهمومه بهدف تحقيق السلام والاستقرار.
تعاون عربي لمواجهة كافة التهديدات
ومن جانبه، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن المباحثات الهاتفية بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي اليوم يعكس الاهتمام المصري بالعلاقات مع العراق كدولة عربية، وكذلك في ظل التطورات الجارية الجوهرية والمفصلية في منطقة الخليج العربي، مضيفا أن الاتصال يأتي في إطار حرص مصر على أمن الخليج والعراق تحديدا.
وأضاف فهمي، في تصريح لبوابة دار الهلال، أن الاتصال أيضا يأتي في إطار العلاقات الثنائية ومذكرات التفاهم المشتركة والعلاقات الكبيرة والواضحة بين البلدين وكذلك على مستوى التعاون الثلاثي بين مصر والأردن والعراق، موضحا أن مصر تحرص على دعم علاقاتها بالعراق على كافة الأصعدة والمجالات.
وأوضح أن التطورات في منطقة الخليج العربي وخاصة بعد سيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان ستفرض مسار تعاون وتحرك عربي، لأن كابول قريبة جغرافيا من دول الخليج، مضيفا أن مصر حريصة على أمن الخليج وتعتبره جزءا من أمنها القومي، وهناك حالة من التخوف من أية إجراءات أمريكية قد تقدم عليها الولايات المتحدة في الفترة المقبلة، وما يشاع أن واشنطن ستنسحب من بعض المناطق بما فيها العراق.
وأكد أن مصر تدعم أمن واستقرار العراق وتحرص على ذلك، وهو ما أكدته المباحثات الهاتفية اليوم، والتأكيد على أهمية التعاون ودعم العراق لمواجهة كافة التهديدات والتنسيق في سائر الملفات، وخاصة في ظل قرب أفغانستان من منطقة الخليج، مضيفا أن التطورات في كابول تفرض تحديات على الأمن العربي.
وشدد أستاذ العلوم السياسية أن مصر تؤكد دائما الخيارات العربية في دعم العراق وأمنه، وتؤكد أن أمنها يتماس مع أمن الخليج وفي العراق، وتقف معهم ضد أية تطورات قد تحدث في المرحلة المقبلة، والتنسيق بين مصر والأردن والعراق يكتسب أهمية كبيرة في هذا السياق.