الخميس 20 يونيو 2024

حسن خليل يكتب: عالم بلا أسوار «قناع الدين»

حسن خليل

ثقافة19-8-2021 | 21:25

حسن خليل

عالم بلا أسوار، هو سلسلة مقالات عبارة عن نقد بسيط وصريح لكل ما يدور حولنا من المعاملات، نحاول فيها توضيح المشاعر الزائفة، والعلاقات الوهمية، والتي يخشى الكثير التحدث فيها جهارا، والتي تشمل كل النواحي الحياتية، الاجتماعية والثقافية وحتى الدينية، وغيرها، والتي قد تكون نفوسنا من أوهمتنا بأنها حقيقية، وصورت لنا أننا على الطريق الصحيح، إذا أردت أن تعرف في أي طريق أنت فلتدخل معنا عالمنا الذي بلا أسوار، ولكن قبلها لابد أن نتعرف معا على النفس وما هيتها، ثم نبدأ كتابنا عالم بلا أسوار.

وبعد أن تعرفنا على النفس في المقال السابق نتكلم الآن عن بعض أقنعتها، وأولها قناع الدين وتعريف الديانة اصطلاحا: هو جملة من المبادىء التى تدين به أمة ما اعتقادا وعملا. ومنها ما هو وحى من السماء، ومنها ما هو من وضع البشر، وليس له أصل فى الأثر، فنطلق عليه مجازا ديانة.

وجملة الأديان تدعو إلى عبادة إله، ويصحب هذه العبادة بعد الفروض والمعاملات التى تساعد على رقي الحياة الاجتماعية، وكمال الدين فى إتمام الفروض، وآداب المعاملة بين الناس، فلا يصح دين بدون أدب، وإن صح الأدب بدون الدين، وأشهر هذه الأديان هى الديانات السماوية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام، وكلها تدعو إلى عبادة الله سبحانه وتعالى، ولكن لكل نفس بشرية نظرة إما دنية وإما علية، تستند عليها عند اتباعها للأديان السماوية، فكيف يكون ذلك؟

 

كلٌ يعلم، إما عادة وإما عبادة، وإما استماعا وإما اعتقادا، بأن أصل الأديان، يعود إلى الواحد الديان، وهذا ما يعطيها رغبة، وأيضا يعطيها رهبة، رغبة فى الاستمداد بالقوة عند الضعف، ورهبة من العقاب عند التفريط فى الحق، ولكن النفس البشرية قد تختلف عندها المعايير، فمن النفوس من يتخذ الدين مهربا، ومنها من يتخذه مكسبا، وآخر منصبا، أو ستارا وملجأ، وهذه هى النفوس الدنية، والقليل من يعرف صحيح الدين، ويعبد الله حبا وله يدين، وهؤلاء هم أصحاب النفوس العلية، قال تعالى: (ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ (*) وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ) (الواقعة 13-14) ، فابحث فى أعماق نفسك لتعرف من أيهما أنت، فإن لم تعرف فاقرأ معى وحتما ستعرف.

 

أولا: الدين اضطرارا

وهؤلاء هم الذين نشأوا فى بعض المجتمعات، والتى تتسم بالتدين وإن اختلفت الديانات، فتربوا على العبادات وكأنها عادات، فلا إحساس لهم بفرضيتها، ولا يقدرون لها قدسيتها، فهم لا يعلمون فقهها ولا كنهها، ولكن يفعلون كما يفعل الجميع، فينتظم الفرد منهم فى العبادات، ولكنه أبعد ما يكون عن الدين فى المعاملات، بل والقصور الشديد فى العبادات، وهؤلاء غالبا ما يقيمون العبادات الجسدية، كالصلاة والصوم، والحج إن استطاعوا، لمجرد أن رأو غيرهم يفعل ذلك، فتجد الفرد منهم يبدأ يومه باسم الله، ثم ما يلبث أن يقسم به كذبا، ويسب الدين علنا، فإذا انقضى يومه؛ ختمه بحمد الله، وترى الفتاة مضطرة لارتداء الحجاب، -أو الزى الدينى أيا كان -  إلا أنها تخلت عن المواصفات، وحصرت هذه المجتمعات الحجاب فى غطاء الرأس، وإن شفت وكشفت من خلفه الأجساد، ولا بأس من إظهار القليل من الخصلات، وقد ينزعنه للظهور جميلات فى الحفلات، مع وضع القليل من الألوان على الوجنات.

فهؤلاء تدينوا اضطرارا وإجبارا، وقيدتهم عادات مجتمعاتهم، وصار الدين لديهم عادة لا عبادة.. ولازالت هناك أقنعة كثيرة سنعرضها إن شاء الله في المقال القادم.

يذكر أن حسن خليل سعد الله، كاتب ومؤلف مصري، يعمل رئيسًا لقسم الصارف الآلي في بنك التعمير والإسكان، وبرغم طبيعة عمله البعيدة عن موهبته، فإنه استطاع أن يوجه اهتمامه إليها بشكل كبير ومثمر، حتى حصل على ليسانس الدراسات العربية والإسلامية، ومن ثم الدراسات العليا والماجستير، في علوم الحديث الشريف من المعهد العالي للدراسات الصوفية.