أثار قرار السلطات في بنجلاديش بإعادة افتتاح المصانع والأسواق والمراكز التجارية، على الرغم من أن البلاد ما زالت تعاني من أخطر موجة لتفشي وباء فيروس كورونا المُستجد (كوفيد-19)، مخاوف خبراء الصحة من تداعيات هذا القرار.
وحذر الخبراء من أن البلاد لا تستطيع التعامل مع المزيد من الإصابات، لا سيما وأن نظام الرعاية الصحية غارقًا بالفعل، حيث جاء إنهاء القيود في وقت لا تزال فيه الوفيات والإصابات الجديدة في ارتفاع مع انخفاض معدلات الحصول على اللقاحات المضادة للفيروس.
وأنهت الدولة الواقعة في جنوب آسيا، ويبلغ عدد سكانها 165 مليون نسمة، معظم الإغلاقات والقيود ما سمح للعديد من المصانع والأعمال التجارية بإعادة فتح أبوابها أمام الحشود المنتظرة بحماس، بعد أسابيع من الإجراءات الصارمة التي وضعتها السلطات عقب ظهور حالات إصابة بمتغير دلتا شديد العدوى حسبما ذكرت دورية (ذا دبلومات) المتخصصة في الشئون الآسيوية.
وبدأ إنهاء الإغلاق في وقت مبكر من شهر أغسطس الجاري بإعادة فتح مصانع الملابس والمنسوجات الهامة للغاية لاقتصاد البلاد، بعد إغلاق دام أسبوعين وسُمح أيضًا لمعظم الشركات الأخرى وكذلك وسائل النقل العام ببدء العمل الأسبوع الماضي بعد إغلاقها لما يقرب من خمسة أسابيع كما أنه من المتوقع افتتاح المواقع السياحية والمنتجعات والفنادق اعتبارًا من الخميس المقبل.
ونظرًا لأن بنجلاديش تُعد الثانية عالميًا في تصدير الملابس وصناعة المنسوجات، أعفت السلطات مصانع الملابس من معظم عمليات الإغلاق، بخلاف أسبوعين الشهر الماضي و 11 يومًا أخرى في بداية التفشي الجديد في مارس الماضي.
ومع ذلك، يقدر اتحاد مصنعي ومصدري الملابس في بنجلاديش أن الصناعة خسرت 3 مليارات دولار من الطلبات العام الماضي، وأُغلقت بعض مصانع الملابس وتم تسريح ما لا يقل عن 300 ألف عامل، دون الحصول على بدلات إنهاء الخدمة، في حين اضطر العديد ممن احتفظوا بوظائفهم إلى تخفيض رواتبهم.
وأفاد تقرير صادر عن مركز أبحاث القوة والمشاركة ومعهد أبحاث (براك) للحكم والتنمية في بنجلاديش أن ما يقرب من 25 مليون شخص آخر وقعوا في براثن الفقر منذ أن بدأ الوباء، في حين أن حوالي 32 مليون شخص كانوا بالفعل يعيشون في فقر مدقع في عام 2019، وفقًا لإحصاءات بنك التنمية الآسيوي.
ويقول الذين يؤيدون إعادة الافتتاح إن مخاطر الإبقاء على الإغلاقات أكبر، وسوف تدفع عشرات الملايين من المواطنين إلى براثن الفقر في دولة تعتبر بالفعل إحدى أفقر دول العالم.
وأعرب خبراء الصحة عن تفهمهم للتكلفة الاقتصادية لعمليات الإغلاق، إلا أنهم يرون أنه لا ينبغي تخفيف القيود في الوقت الراهن، حيث يبلغ متوسط حالات الإصابة اليومية المسجلة 10 الآف إصابة، وتتجاوز الوفيات اليومية 250 ضحية، بل إنهم يرجحون أن الأعداد على أرض الواقع ستكون أعلى بكثير.
ومن جانبه، قال بي نذير أحمد خبير الصحة العامة والرئيس السابق لمديرية الصحة الحكومية في بنجلاديش إنه لا يوجد منطق لإنهاء الإغلاق وسط التفشي الحالي الذي تشهده البلاد، وأن تخفيف القيود الآن لن يؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة والإصابات وتعثر نظام الرعاية الصحية، بما سيسفر عن إعادة فرض الإغلاق.
وحث أحمد السلطات على الاستماع إلى علماء الأوبئة قبل اتخاذ مثل هذه القرارات، مشيرًا إلى أن الإلتزام بالاغلاق لفترة أخرى سينجم عنه في نهاية المطاف إنقاذ الأرواح والاقتصاد والأعمال التجارية.