الأحد 24 نوفمبر 2024

تحقيقات

زواج البارت تايم مبادرة هادمة تخالف شروط صحّة الزواج.. أزهريون: باطل ويهدم قيم الأسرة والمجتمع

  • 23-8-2021 | 18:36

زواج البارت تايم

طباعة
  • أماني محمد

جدل كبير شهده الرأي العام المصري خلال الأيام القليلة الماضية بسبب ما يعرف باسم "زواج البارت تايم"، والذي تقوم فكرته على أن يتزوج الرجل زوجة ثانية شرط أن يكون المبيت لديها يوم واحد في الأسبوع، حيث رأى صاحب هذه الفكرة أنها أحد الحلول لمواجهة ارتفاع نسبة الطلاق، ليكون لدى الأرامل والمطلقات فرصة في الزواج الثاني.

وأكد أساتذة بجامعة الأزهر الشريف أن هذه الفكرة تمثل إبداعات خاسئة ليست من الإسلام وتمثل خروجا على مبادئ الدين والزواج الذي أسماه الله تعالى في كتابه الكريم باسم "الميثاق الغليظ"، موضحين أن ما يفترضه زواج البارت تايم من شروط تجعل عقده باطلا لأن اشتراط التوقيت في العقد ينافي شروط صحة الزواج.

فيما أصدرت دار الإفتاء تحذيرا بشأن إطلاق أسماء جديدة على عقد الزواج وحب الظهور والشهرة وزعزعة القيم، موضحة أنه لا ينبغي الانسياق وراء دعوات حداثة المصطلحات في عقد الزواج التي ازدادت في الآونة الأخيرة، والتي يَكْمُن في طياتها حب الظهور والشهرة وزعزعة القيم، مما يُحْدِث البلبلة في المجتمع، ويؤثِّر سَلْبًا على معنى استقرار وتماسك الأسرة التي حرص عليه ديننا الحنيف ورعته قوانين الدولة.

وأكدت الإفتاء أن ما يقوم به بعض الناس من إطلاق أسماء جديدة على عقد الزواج واشتراطهم فيه التأقيت بزمنٍ معينٍ ونحو ذلك يؤدي إلى بطلان صحة هذا العقد؛ فالزواج الشرعي هو ما يكون القصد منه الدوام والاستمرار وعدم التأقيت بزمنٍ معينٍ، وإلَّا كان زواجًا مُحرَّمًا ولا يترتب عليه آثار الزواج الشرعية.

إبداعات خاسئة

وفي هذا السياق، قالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، إن فكرة زواج "البارت تايم" هي فكرة مرفوضة وليست من الإسلام، لأن الله سبحانه وتعالى عرف الزواج بأنه "الميثاق الغليظ" ويكون ميثاقا له الديمومة والحياة المستقرة لبناء البيوت وتربية الأبناء، هذا هو الميثاق الغليظ أو الزواج في الإسلام.

 

وأوضحت في تصريح لبوابة "دار الهلال" أن ما يسمى بـ"البارت تايم" و"الكوارتر تايم" وغير ذلك من المسميات كلها إبداعات خاسئة وفكرة مرفوضة، مضيفا أن كل شخص يريد أن يطوع الدين وفقا لهواه ومساحته الشخصية ولا يوجد أي دين يُطوع لمساحة وخدمة كل شخص على هواه ورغبته فهناك مبادئ وقيم ثابتة.

 

وأكدت آمنة نصير أن كل ذلك هراء ومرفوض لأن هذه الأفكار وغيرها تؤثر سلبا على الأسر وتماسكها وقيم المجتمع، مضيفة: "نحن نبحث عن مقومات الأسرة القوية وليست الأسرة التي ستوظف وفقا لحالة كل شخص، وما يروج باسم "البارت تايم" وهو زواج يقوم على عقد الزواج الشخص بزوجة ثانية وتخصيص يوم واحد فقط في الأسبوع لها هي فكرة مرفوضة وغير شرعية".

 

وأشارت إلى مواجهة تلك الأفكار الشاذة يكون برفضها وردها على الفور وعدم ترك المجال لأصحابها أن يروجوا لهذه الخرافات، موضحة أن ما يروج له أصحاب تلك الفكرة بأنها تواجه ارتفاع نسب الطلاق أو ارتفاع سن الزواج فهو ادعاءات خاطئة، لأن هذه الفكرة ليست العلاج، فالعلاج له أوجه أخرى وطريق قويم آخر.

 

ولفتت إلى أن المرأة المطلقة عليها أن تنتظر الشخص المناسب ومن يتقدم لها ويكون متفرغا لها بزواج صحيح وميثاق غليظ واستقرار في بيت فيه الديمومة، مضيفة أن أهم شروط صحة عقد الزواج هي موافقة الرجل والمرأة وموافقة ولي أمر المرأة، لكن ربط العقد بزمن محدد أمر يبطله ومرفوض تماما.

زواج البارت تايم باطل

ومن جانبه، قال الدكتور عبد الحليم منصور، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، إن فكرة زواج البارت تايم والتي تتمثل في أن يتزوج الرجل من امرأة مطلقة وتبيت معه في منزله يوم واحد أسبوعيا تكتنفه من الشروط ما ينافي مقتضى العقد كتأقيت الزواج، وهذا ينافي مقتضى العقد، لكونه يكر عليه بالبطلان.

وأوضح في تصريح لبوابة دار الهلال، أن عقد الزواج في هذه الحالة باطل بما اكتنفه من شروط باطلة، لأنه لا يتفق وبيئة المجتمع المصري التي تأبى هذا الأمر، ذلك أن البيئة المصرية تأنف من هذه الشروط، وتأبى الخروج على قواعد الشرع، وتأبى العبث بالميثاق الغليظ، مضيفا أنه سارعت الهيئات الرسمية التي تعبر عن نبض المجتمع والأسرة المصرية مثل دار الإفتاء المصرية إلى تحريم هذا النوع من الزواج، وبيان عدم صحته.

وأشار إلى أن الهيئات الرسمية عبرت عن المزاج المصري المعتدل فيما يتعلق بشأن الأسرة المصرية، وعدم العبث بها، أو النيل من استقرارها، مؤكدا أن الله عز وجل شرع الزواج لمجموعة من المصالح والمقاصد تهدف إلى إنشاء مجتمع متماسك قوي، فمن مصالحه التي تعود على الزوجين، تحقيق السكن والمودة والرحمة، ومنها: ترويح النفس وإيناسها بالمعاشرة والمسامرة.

وأكد أن العلماء قسموا الشروط المرتبطة بعقد الزواج إلى ثلاثة أنواع الأول شروط تحقق مقصود العقد وتؤكده، كما لو اشترطت الزوجة على زوجها أن ينفق عليها، أو أن يدفع لها المهر كاملا قبل الدخول، وهذه الشروط صحيحة لأنها مؤكدة لمضمون العقد، مضيفا أن النوع الثاني وشروط تنافي مقصود العقد وليست من مصالحه، كما لو اشترط أحدهما على الآخر توقيت عقد الزواج، أو عدم استمتاع أحدهما بالآخر على النحو المقصود شرعا، وهذه الشروط باطلة وفاسدة، ولكن هل يمتد البطلان إلى الزواج أو يقتصر على الشرط فقط ؟ بعض الفقهاء يرى أن هذا الشرط فاسد مفسد للعقد، وبعضهم يرى بطلان الشرط وفساده، لكن لا يمتد الفساد إلى العقد، وبالتالي يلغو الشرط ويصح العقد.

وأشار إلى أن النوع الثالث شروط لا تنافي مقصود العقد وتحقق مصلحة لأحد الزوجين، كأن تشترط الزوجة على زوجها ألا يتزوج عليها، أو ألا تترك عملها بعد الزواج، وألا ينقلها من بلد أهلها، ونحو ذلك، وهذا النوع من الشروط صحيح شرعا ويجب الوفاء به، لقول النبي عليه الصلاة والسلام:" الْمُسْلمُونَ عنْدَ شُرُوطهِمْ " رواه البخاري ، وقوله أيضا :" إنَّ أحَقَّ الشّرْطِ أنْ يُوفى بهِ ما اسْتحْلَلْتُمْ بهِ الْفرُوجَ " رواه البخاري ومسلم.

وأكد أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف أن الزواج من مصالحه الاجتماعية تكوين الأسرة والزواج هو المقوم الأول للأسرة، والأسرة هي الوحدة الأولى لبناء المجتمع، إذ هي الخلية التي تتربى فيها أنواع النزوع الاجتماعي في الإنسان في أول استقباله للدنيا، ففيها يعرف ما له من حقوق، وما عليه من واجبات ، وفيها تتكون مشاعر الألفة والأخوة الإنسانية، وتبذر بذور الإيثار فتنمو أو تخبو بما يصادفها من أجواء في الحياة العامة، وفي الجملة إن المجتمع القوي إنما يتكون من أسرة قوية لأنها وحدة البناء، لذا سمى القرآن الكريم هذا العقد بالميثاق الغليظ في قوله :" وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا".

الاكثر قراءة