صاحبة أطول مسيرة فنية في تاريخ السينما العربية، اشتهرت كأفضل أم في السنيما والدراما المصرية، جسدت الأم المكلومة، والحنونة، والصابرة، تميزت بإبداعها المتواصل والتجديد من موهبتها، حققت نجاحًا وشهرة واسعة بثوب الأمومة، شاركت في عشرات الأعمال، نجحت بجدارة في الفصل بين الأداء المسرحي والسينمائي، وأطلق عليها "راهبة الفن"، بعدما ضحت بالزواج من أجل الفن، حيث لم يشغلها سواه خلال حياتها، هي "سعاد الغجرية" و"كليوباترا"، هي الفنانة القديرة أمينة رزق.

ولدت أمينة محمد رزق في 15 إبريل 1910، ورحلت عن عالمنا في مثل هذا اليوم، 24 أغسطس 2003، وولدت بمدينة طنطا، بدأت دراستها في مدرسة طنطا في عمر السادسة، وكانت تشاهد السيرك في إحتفالات مولد السيد البدوي، وقدمت عدة استكشات علي المسرح، ما جعل قلبها بتعلق بالفن، وفي عمر الثماني سنوات، رحل والدها عن عالمنا، فإنتقلت للعيش بصحبة والدتها بمحافظة القاهرة مع خالتها الفنانة أمينة محمد، وإلحقت هناك بمدرسة "ضياء الشرق".

وقفت علي المسرح لاول مرة مع خالتها التي تكبرها بعامين فقط، علي خشبة مسرح "روض الفرج" ضمن منشدين في كورس فرقة "علي الكسار"، بعام 1922، ولكن جاءت بدايتها الحقيقة علي مسرح "رمسيس" بعام 1924، بحضور الفنان يوسف وهبي من خلال مسرحية "راسبوتين"، لتصبح تلك المسرحية علامة واضحة في حياتها، حيث باتت إحدي الشخصيات الأساسية في المسرحيات التي قدمتها فرقة "رمسيس"، فقدمت "السنيورة"، و"إنها حقًا عائلة مهمة جدًا"، و"يا طالع الشجرة".

وبين المسرح والسينما، حصلت أمينة رزق علي ثوب "الأم" منذ بزغ نجمها في السينما، حيث حظيت علي إحترام العاملين في المجال الفني، الذي رأوا فيها مثالاً للإحتواء والإنضباط، فكانوا ينادونها بـ "ماما أمينة"، بدأت قائمة أفلامها السينمائية بالفيلم الصامت "سعاد الغجرية" بعام 1928، لتندفع بعدها بعدد كبير من الأفلام المميزة والفريدة فوصل رصيدها الفني لـ 130 فيلم خلال حياتها، حيث قدمت "الدفاع" 1935، "قيس وليلي" 1939، "الدكتور" 1939، و"الطريق المستقيم" 1943، وآخرهم "الكلام في الممنوع" 2000.

وجسدت الفنانة أمينة رزق دور الأمومة في أغلب أعمالها، حيث إشتهرت كأفضل أم بالسينما العربية، ومن بين أفلامها التي ظهرت في ثوب "الأم" من خلالها، فيلم "دعاء الكروان" 1959، "بداية ونهاية" 1960، و"قنديل أم هاشم" 1968، و"عودي يا أمي" 1961، وأشهرهم فيلم "أعز الحبايب" بعام 1961.

تعددت مجالات عمل أمينة رزق بتعدد مواهبها، فشاركت بمجال التليفزيون، وكانت بدايتها في التليفزيون بمسلسل "الأفعي" بعام 1977، ووصل رصيدها لـ ما يقارب 120 عمل تليفزيوني، حيث شاركت في "أحلام الفتي الطائر" 1978، و"ليلة سقوط غرطانة" 1979، و"وقال البحر" 1982، و"ليلة القبض علي فاطمة" 1982، وأنهت قائمتها بمسلسل "أدهم وزينات وثلاث بنات".

عُينت أمينة رزق بمجلس الشوري المصري في مايو 1991، وحصلت علي وسام الإستحقاق من الدرجة الأولي من يد الرئيس جمال عبد الناصر، كما حصلت علي علي أوسمة من المغرب وتونس، وحازت عدة مرات علي الجوائز الأولي لأحسن ممثلة عن أعمالها السينمائية.

ارتبطت الفنانة امينة رزق خلال حياتها بالفنان يوسف وهبي، حيث شاركته في أغلب مسرحياته في بدايتها، وارتبطت به فنانًا وأستاذًا، وبالرغم من حبها الشديد له إلا أنها رفضت الزواج منه وكرست حياتها للفن فقط، ممتنعة عن الزواج نهائيًا، ولقبت بـ "راهبة الفن".

دخلت أمينة رزق قبل وفاتها بشهرين، في صراع مع المرض، والذي انتهي بهبوط حاد بالدورة الدموية، أسفر عن وفاتها في 24 أغسطس 2003، عن عمر يناهز 93 عامًا، ورحلت أمينة رزق وبقي فنها ورحلة كفاحها وأعمالها شاهدة علي موهبتها وحبها للفن، الذي أخلصت له حتى النفس الأخير.