"أيوة الدنيا حلوة.. بس للي يفهمها.. في عز الضيق هي حلوة برده".. الكلام دا أنا بواجه بيه انتقادات كتير قوي.. واللي بيتريق على كلامي.. واللي بيشوف إني ما عنديش مشاكل في حياتي عشان كدا شايفة الدنيا وردي.. وبالتالي طلع عليا ألقاب كتير أولها من والدي -رحمة الله عليه-، كنت طفلة صغيرة وهو كان زعلان ومضايق قوي من مشكلة أتذكر جيدًا ذلك الوقت لأني كنت خايفة عليه من كتر ما هو مضايق ومتعصب.. وبشجاعة طفلة قلت: "طول مانت مضايق مش هتعرف تفكر لازم تهدا عشان تلاقي حل.. الزعل مش هيخليك تشوف الحل".. مش عارفة ساعتها جبت الكلام دا منين بس كنت حساه.. وحينها ارتسمت الابتسامة على وجه حبيبي الغالي وقالي: "انتي بامبي.. يا رب تفضلي كدا على طول" وارتبط معايا اللقب مع كل موقف يمر به أبي الغالي.. وتوالت المسميات من "سندريلا" و"الرايقة" وغيرها وآخر ما أطلقه صديقاتي "بسكوتة".
وإلى هنا ومع اقترابي من الأربعين عامًا أجد ظاهرة الاكتئاب تسيطر على شريحة كبيرة ممن حولي سواء في العمل أو خارجه، مما استرعى انتباهي للتوقف والتأمل والتساؤل: هل فعلًا أنا عايشة في عالم تاني؟ هل هما عندهم حق؟ الشباب الخريجين هل من المنطق يكون عندهم اكتئاب بهذا الحجم؟
لا.. وألف لا.. ولن أقتنع أبدًا بمثل هذا أرفض وبشدة أن يعيش الجيل الجديد ومنهم أبنائي في مثل هذا المرض وهو الاكتئاب أو النظرة التشاؤمية، لم لا ننشر فكرة الرضا والسعادة بما قُسم لنا، لما لا نرضى بما هو متاح الآن حتى نستطيع أن نحقق ما هو أفضل.
أؤكد أن كلامي هذا لم يكن يومًا مجرد كلام إنشاء.. بل عن تجارب عديدة ولا حصر لها.. ومشاكل في الحياة العملية والأسرية، نعم بكيت لحظات.. وحزنت.. وتألمت.. ولكن ضحكت أيضًا.. وفرحت.. وشعرت بالسعادة لحظات أخرى.. هذه هي الحياة التي أتحدث عنها.. ومن غير المعقول على الإطلاق أن ألخص حياتي في لحظة بكاء أو حزن.. ولكن من المهم أن أتذكر دائمًا لحظات السعادة فهي السند الحقيقي للعبور بسلام من هذه الحياة.
لا نتجاهل أبدًا أن مكان العمل الذي تتحدث عنه بأنه أبشع مكان شغل في الدنيا ومش مديك حقك وناس مفترية فيه.. هو برده نفس المكان اللي ارتضيت بيه من البداية وكنت بتتمنى تتقبل فيه وغيرك لا يجد مكان مثله، وكمان المكان دا بيديك خبرة في حياتك اللي جاية.. ليه تخلي من حولك ينفروا من مكان العمل حتى لو كان مبسوط في البداية إلا أن كلامك قد يؤثر عليهم وبالتالي لا يتحملون الاستمرار في العمل.. هل ستشعر بالسعادة حينها.. هي دي رسالتك اللي قدرت تساعد بيها غيرك.. ان المكان وحش جدًا وانت لسة ماسك فيه.. وخليت الشاب الصغير بتمرد عليه.. ويبدأ رحتله مع التمرد والاكتئاب.. مش المكان اللي انت وهي بتتكلموا عليه دا ممكن يكون فتحلك باب رزق في مكان أفضل .. مش دي ميزة برده.. مش ممكن المكان دا تكوني قابلتي فيه شريك حياتك أو صاحبة عمرك؟
أما عن السيدات الكرام اللاتي تسلطن الضوء دائمًا عن سلبيات الزواج وتشكين منه طول الوقت، فهذا الزوج هو نفسه اللي فرحك في أيام كتيرة.. ولكن أنتن لا ترغبن في رؤية الشيء المبهج.. هل تعرفين أن غيرك تتحمل ما هو أسوأ مما تعانين أنتي؟ هل تدركين أن زوجك بمساوئه نعمة لآخرين؟ هل تشعرين بأنك قد تجعلين زوجة راضية عن حياتها ترفضها بكلامك السلبي؟ فقد تكون الزوجة متعايشة وراضية ولكن مع حديثك وذكرك للسلبيات التي تحدث في بيتها أيضًا تدرك أنها متنازلة عن حقوقها وأنها "هبلة" وتبدأ ترفض ما كانت ترضى به من قبل وتتمرد على أفعال زوجها وقد يصل الأمر إلى الطلاق.
وأخيرًا رسالتي.. لا للاكتئاب.. لا للاكتئاب.. لا للاكتئاب.. لا للتمرد.. لا للتمر.. لا للتمرد.. وتذكر دائمًا قوله تعالى: "وأما بنعمة ربك فحدث".. قد تزول النعم التي تتمرد عليها.. دايما نخلي عندنا يقين بأن ما نحن فيه هو أكيد أفضل شيء لحالتنا الآن.. ممكن تكون متوفق في بيتك وعندك والدين صالحين بس عندك مشكلة مادية.. بإيمانك ويقينك بالله هتعدي، ممكن يكون عندك مشكلة في بيتك بس متوفق في شغلك وحياتك العملية.. برده بإيمانك ويقينك بالله هتقدر تحل مشاكلك.. اليقين ثم اليقين ثم اليقين بالله وما قسمه لنا.. حتى لو سيبنا شغل ممتاز أكيد ربنا له حكمة من دا عوض ربنا كبير جدًا.. وأرجوكم ساعدوا الشباب اللي متخرج ادعموهم حتى لو رافضين أماكنكوا ووظيفتكوا ساعدوهم وبلاش إحباط.. لازم نفهم الحياة صح ونفكر كويس لحل أي مشكلة تقابلنا مش نفكر مين السبب وعشان إيه.. نفكر في الحل وهنقف على رجلينا من تاني ندعم بعض نحب من قلبنا.. هنلاقي الدنيا حلوة وجميلة وزي السكر.. وفيها مشاكل برده عشان يبقى لينا هدف.. هو الصبر دا ليه مش عشان نصبر على البلاء بقلوب راضية فتكون المكافأة من عند الله.