الأربعاء 26 يونيو 2024

بعد «التعويم».. طارق عامر يشعل نيران الأسعار من جديد

23-5-2017 | 16:08

خبير مالي: أسوأ قرار اتخذه طارق عامر

قرار عامر يضرب وعود وزير المالية

القرار أغفل تراجع دخل المصريين

«روشتة» صندوق النقد الدولي تسببت في إقرار ضريبة القيمة المضافة

 

فاجأ طارق عامر، محافظ البنك المركزي، الجميع باتخاذه قرار رفع سعر الفائدة بنسبة 2% خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية الأحد.

 

لم يخطر على بال أحد ما كان يدور في ذهن طارق عامر، بعد هذا القرار، فالرجل برر قراره برغبة البنك المركزي في مجابهة معدلات التضخم التي سجلت نحو 32% في آخر إحصاء رسمي، ورفع سعر الفائدة - التي كانت إحدى الوسائل الناجحة لمجابهة معدلات التضخم - ولكن في حالة واحدة وهي إذا كان التضخم ناتجا بالفعل عن زيادة معدلات السيولة بالسوق، وبالتالي تفوق معدلات الطلب عن العرض وهو الأمر المغاير تماما للواقع.

 

 التضخم الذي تعاني منه السوق المصرية لم ينتج عن زيادة السيولة؛ وإنما ناتج عن تطبيق "روشتة" صندوق النقد الدولي والتي أطلقت عليها الحكومة "برنامج الإصلاح الاقتصادي"، والتي تسببت في إقرار ضريبة القيمة المضافة ورفع أسعار البنزين وخسارة الجنيه لما يقرب من 100% من قيمته أمام الدولار.

 

تأثير القرار على وعود وزير المالية:

محافظ البنك المركزي حينما اتخذ قرار رفع سعر الفائدة؛ لجذب السيولة من السوق في صورة مدخرات المصريين، أغفل تماما أن المصريين لم يعد لديهم ما يدخرونه من الأساس، نظرا لتراجع مستويات الدخول بنحو 30% بعد قرار التعويم في 4 نوفمبر الماضي، وكل ما سيحدث في القطاع إنما هو عمليه نقل للمدخرات من وعاء لآخر ليس إلا.

 

 يشار إلى أن قرار رفع سعر الفائدة؛ يضرب وعود وزير المالية عمرو الجارحي، بخفض معدلات التضخم خلال النصف الأول من العام المالي المقبل.. وفقا للجارحي.. والذي يبدأ شهر يوليو المقبل.. نظرا لأن القرار يرفع تكلفة الإقراض للمستثمرين الذين سيقومون بدورهم برفع أسعار السلع والمنتجات لتعويض ما نتج عن قرار عامر بزيادة النسبة 2% عليهم من تكلفة التمويل، وهو الأمر الذي يظهر غياب التنسيق بين السياسات النقدية والمالية في مصر.. فالجميع يعمل في واد منفصل، وهو ما يؤكده خبراء السوق، حيث وصف أحمد سليم، الخبير المصرفي، قرار طارق عامر برفع أسعار الفائدة بـ"الأهوج".

 

قرار محافظ البنك المركزي يرفع الدين العام:

وقال سليم في تصريحاته لـ«الهلال اليوم»: إن القرار سيرفع نسبة التضخم، وسيزيد العبء على الموازنة العامة، كما سيرفع الدين العام على الحكومة بحوالي 32 مليار جنيه، مؤكدا أنه سيتسبب في زيادة عجز الموازنة العامة لأن الحكومة أكبر مقترض من البنوك، كما أن القرار سيقلل فرص الاستثمار داخل مصر.

 

وتوقع الخبير المصرفي، أن قرار رفع سعر الفائدة، تم إصداره بضغوط من صندوق النقد الدولي، موضحا أن هذا القرار لن يساهم في تقليل نسب التضخم كما يدعي طارق عامر.

إحراج من الرد المغربي على القرار:  

وأضاف أن القرار سيساهم في تقليل نسب التضخم إذا كان هناك – تكالب - من المواطنين على شراء السلع، ولكن هناك تراجع عن الشراء في الوقت الحالي بسبب غلاء الأسعار، وقرار عامر بتعويم الجنيه لم يكن سيئا وإنما كانت أزمته في التطبيق، وعدم قدرة الدولة على السيطرة على الأسواق.. مشيرا إلى أن قرار التعويم استغله بعض التجار في بيع السلع الموجودة في السوق قبل تعويم الجنيه، بسعر الدولار بعد التعويم، وهذا أثر بشكل كبير على المواطن، وقال: «يؤسفني أن مسئولا بالمغرب قال لي إنهم سيطبقون قرار التعويم لعملتهم ولكنهم لن يقعوا في الأخطاء التي وقعت بها مصر».

 

وفي السياق ذاته، قال هشام إبراهيم، الخبير المصرفي: إنه القرار يعد أسوأ قرار اتخذه محافظ البنك المركزي، وسيرفع تكلفة الأموال في البنوك، وسيضر بالبنوك، كما أنه سيرفع الدين العام.. موضحا أن قرار تعويم الجنيه لم يكن بسوء قرار رفع أسعار الفائدة الأخير.

 

رأي رجال الصناعة في القرار:

فيما أكد عدد من رجال الصناعة أن قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة مفاجأة غير سارة، وضربة موجعة للاستثمار، وسيزيد من عبء الاقتراض، حيث قال محمد جنيدي، نقيب المستثمرين الصناعيين: إن القرار سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد ككل، لافتا إلى أن السوق تعاني من الركود ولن يكون القرار علاجا للتضخم.

 

وأضاف، للتضخم أسباب أخرى، أهمها ارتفاع تكاليف الإنتاج، وعلاجها ليس برفع أسعار الفائدة، مشيرا إلى أن قرار عامر سيؤثر سلبًا على إقراض المشروعات الصناعية وجميع القطاعات التي تعتزم الاقتراض.. موضحا أن المزايا النسبية لتحرير سعر صرف الجنيه "تعويم الجنيه"، بدأت تتلاشى واكتملت برفع أسعار الفائدة، ما سيسبب معاناة كبيرة بسبب القرار الحالي، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المنتج المحلي، ومن ثم قد يحدث المزيد من الكساد والركود.

أضرار القرار على المستثمرين:

وأشار جنيدي إلى أن القرار سيؤثر سلبًا على البورصة المصرية أيضًا، حيث سيتخارج صغار المستثمرين من السوق ويتجهون نحو البنوك، لافتًا إلى أن القرار غير مناسب وتوقيته خاطئ تمامًا، وإلى التأثير السلبي الذي سيمتد إلى المستثمرين بالسوق، والجدد الذين يعتزمون ضخ استثمارات جديدة، والقروض من جهة أخرى، وبالتالي ستزداد تكاليف وأعباء الإنتاج عليهم.

 

المشروعات الصغيرة تنجو من قرار زيادة الفائدة:

من جانبه أكد المهندس علاء السقطي، رئيس اتحاد جمعيات المشروعات الصغيرة، أن المشروعات الصغيرة مستثناه من قرار رفع سعر الفائدة واستمرار خضوع قروضها لفائدة 5%.. لافتا إلى أن ذلك يعني عدم المساس بتكلفة الإقراض للمشروعات الصغيرة التي تمثل نحو 99.4% من حجم الاقتصاد المصري وفقا للبيانات المعلنة من المركزي نفسه.

 

واختتم السقطي قائلا: إن قرار رفع سعر الإيداع والإقراض بالبنك المركزي له تأثير اقتصادي رغم أثره السلبي المؤقت على زيادة حجم الدين وعجز الموازنة، كما أنه قد يؤثر على المستثمرين الذين يعتمدون على القروض كجزء من التمويل، لاسيما أنه سيرفع تكاليف الإنتاج على المصنعين.