تغلى مواقع التواصل الاجتماعي في العراق حزنا وأسفا على مقتل الشابة نورزان الشمري البالغة 20 عاما في منطقة الجادرية، وسط العاصمة بغداد، والذي أثار موجات واسعة من السخط والغضب في الشارع العراقي، لهول الجريمة التي تعرضت لها الشمري، وسط مطالبات بسرعة إلقاء القبض على الفاعلين وإنزال أشد العقوبات بحقهم.
وبحسب موقع " سكاي نيوز " تعمل نورزان في محل للمعجنات، تعرضت وهي في طريق عودتها للمنزل، لاعتداء من قبل 3 رجال قاموا بطعنه بالسكاكين، وسط تقارير عن تعرضها للتحرش والاغتصاب.
وكشفت وزارة الداخلية العراقية، على لسان اللواء سعد معن رئيس خلية الإعلام الأمني، تفاصيل أولية حول مقتل نورزان.
وبحسب المسؤول العراقي فإن :"الجريمة نفذت من قبل 3 أشخاص بآلة حادة، سكين، حيث كانوا يرتدون غطاء رأس خلال تنفيذها الجريمة".
ويضيف :"كمعلومة أولية، لا يوجد أي اعتداء جنسي على الفتاة، كون الجريمة نفذت في الشارع، وبانتظار تقرير الطب العدلي، وجرى تدوين أقوال الشاهد والمدعي بالحق الشخصي والتي هي والدتها".
تحدثت صفحات وشبكات اجتماعية، عن أن بعض أقارب الفتاة المغدورة، ربما هم المتورطون في جريمة قتلها على خلفية مشكلات عائلية.
وتعيد هذه الجريمة المروعة التي هزت بغداد، طرح قضية تصاعد العنف ضد المرأة في العراق، وارتفاع معدلات الجريمة المتصلة بالعنف الأسري وقضايا الاغتصاب والتحرش الجنسي.
وتحول هاشتاغ "حق نورزان ضحية التحرش" حملة محمومة تجتاح صفحات المواقع الاجتماعية العراقية، لتسليط الضوء على معاناة النساء من التحرش الجنسي بهن في الأماكن والمرافق العامة في البلاد، وضرورة اتخاذ إجراءات تشريعية وتنفيذية، لانصاف المرأة ووضع حد لجرائم القتل والتحرش، وممارسات الابتزاز وامتهان الكرامة بحقها.
وفي هذا السياق ، يقول الباحث الاجتماعي لطيف حسن، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية": "بالطبع هي جريمة مؤلمة ومدينة ارتكبها أناس متوحشون يجب معاقبتهم بأقصى سرعة، لكن ردود فعل الناس المستهجنة لهذه الجريمة بهذا الشكل الواسع والمنظم، ولدرجة إطلاق حملات توعية ومناصرة لحقوق المرأة ومساواتها مع الرجل، هي ولا شك علامة إيجابية رغم بشاعة ما حدث، لجهة الارتقاء بالوعي الحقوقي المجتمعي العام، فيما يخص قضية تحرير المرأة وتمكينها، ورفع الظلم التاريخي عنها".
ويضيف الباحث في علم الاجتماع: "السوشيال ميديا باتت فضاءات واقعيا جدا رغم نعته بـ الافتراضي، فعبر منصاتها ومواقعها يتم تشكيل الرأي العام وكشف المستور، وإماطة اللثام عن المحظورات المسكوت عنها، فكل شيء في عصر الإعلام الرقمي مكشوف، وكل فرد في المجتمع هو فاعل، وبإمكانه تحريك المياه الراكدة، وتحفيز النقاش والجدل حول معالجة الظواهر السلبية الخطيرة في المجتمع والعمل على القضاء عليها".
ووفق بحوث ودراسات حديثة لوزارة التخطيط العراقية بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن امرأة واحدة من بين كل 4 نساء عراقيات، تتعرض للعنف الذي يتخذ أشكالا شتى، تتباين بين الاعتداء النفسي والجسدي والجنسي، مما يعني أن أكثر من مليوني إمرأة عراقية، هي ضحية التعنيف والضرب والتحرش، والحط من الكرامة.
ويعد العنف النفسي أكثر أشكال العنف الأسري انتشارا ضد النساء، و المتجسد في قمع المرأة وحرمانها من تقرير مصيرها الحياتي، وسوء المعاملة والاعتداء اللفظي، الذي لا يقل خطورة وإيذائه عن البدني.
ويرى مراقبون ينتقدون سوء أوضاع المرأة العراقية، أن غياب وضعف التشريعات الرادعة للعنف والتمييز ضدها والضامنة لحقوقها، وتراخي الجهات التنفيذية، في معاقبة مرتكبي جرائم العنف الأسري والجنسي بحق النساء، تحت مسميات جرائم "الشرف" وغيرها من ممارسات جرمية يتم التغطية عليها وفق عادات وتقاليد اجتماعية بالية، يسهم في رفع وتيرة العنف ضد المرأة وفي تشجيع مرتكبيها وإفلات من العقاب.