كان للفن نصيبا من اسمه وعاش "مخلصًا" له، لا يعرف سوى أن يتقن أدواره، خطفه التمثيل من الطب وكأنه لا يجب أن يمتهن غيره، لم يشغله حجم الدور ومساحته بقدر أن يضيف له ويترك خلفه بصمة وتقدير كبير من الجمهور، وقف أمام الكبار وقدم أدوار لا تنسى تحمل توقيعه، هو "عم سعد" في "حكايات الغريب" و"الدكتور مصطفى الحفناوي" في "ناصر 56" و "محمد حسنين هيكل" في "أيام السادات" و "الخال وجدي" في "ميت فل"، وفي "أرض الخوف" تجده المعلم "بسيوني أبو صباع" تاجر المخدرات، و "سيد كشري" في "لن أعيش في جلباب أبي"، هو الفنان الكبير مخلص البحيري.
ولد مخلص البحيري في 15 سبتمبر 1943 في البدرشين بالجيزة، التحق بكلية الطب البيطري بجامعة القاهرة، نزولا إلى رغبة والده الذي رفض عمله بالتمثيل، وبعد تخرجه عمل طبيبًا بيطريًا في مجزر البدرشين ثم عمل في إدارة الطب البيطري بالجيزة، كان حلم التمثيل يراوده ليقرر الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية في الستينيات وتخرج منه في 1973.
بدأ "البحيري" مشواره في البيت الفني للمسرح، وفي التليفزيون قدم عدة سهرات تليفزيونية، وكانت الانطلاقة الحقيقية له عندما قدم دور "مدير قصر ثقافة بورسعيد" في مسلسل "ليلة القبض على فاطمة"، ليقدم بعدها مسرحية "حضرات السادة العيال" وتوالت أعماله.
فترة الثمانينات، قدم عدة أفلام أبرزها "السادة الرجال، سمك لبن تمر هندي، سيداتي آنساتي، أيام الغضب" وفي التليفزيون "عصفور النار، الطبري".
كانت فترة التسعينيات هي الأكثر أعمالا في مشوار "مخلص" فقدم للسينما عدة أفلام أبرزها "الأمبراطور" مع أحمد زكي في دور المحامي "طلعت"، و "حكايات الغريب، ناصر 56، ميت فل، رومانتيكا، تفاحة، ست الستات، كوكب الشرق.
بينما للتلفيزيون قدم عدة مسلسلات أبرزها "ضمير أبلة حكمت، النوة، وما زال النيل يجري، ليالي الحلمية 5، الشارع الجديد، التوأم، رياح الشرق، العيش والملح"، وكان "البحيري" علي موعد مع الشهرة التي جاءت متأخرة عندما قدم دور "سيد كشري" في أيقونة الدراما "لن أعيش في جلباب أبي" ليلتصق به اسم الشخصية حتى بات الجمهور يناديه بتلك الاسم، ومع نور الشريف وفي نهاية التسعينيات قدم معه علي المسرح "يا مسافر وحدك".
فترة الألفية الجديدة قدم للسينما "الأبواب المغلقة، جواز بقرار جمهوري، " مع محمود حميدة، وأدوار مهمة في أفلام أحمد زكي فقدم معه في "أرض الخوف" دور المعلم "بسيوني أبو صباع" و "محمد حسنين هيكل" في "أيام السادات"، بينما مع محمود عبد العزيز تألق في دور "طه" في فيلم "الساحر".
في تلك الفترة قدم للتليفزيون عدة مسلسلات أبرزها "يا رجال العالم اتحدوا، زيزينيا 2، أوبرا عايدة، الفجالة، الكومي".
كان مخلص البحيري دائم الابتسامة، خفيف الظل لكن الدنيا كانت قاسية ووضعت له نهاية مأسوية ففي 29 أغسطس 2001 استقل سيارته وبصحبته زوجته السيدة كريمة لبيب وشقيقتها وأولاده "مي ومروان" للذهاب إلي الإسكندرية وعلى الطريق الصحراوي بين الإسكندرية والقاهرة انقلبت سيارته عدة مرات، ليتوفى هو وزوجته ونجله الأصغر "مروان" بينما نجت من الحادث شقيقة زوجته وابنته، رحل مخلص البحيري وترك خلفه أدوارًا لا تنسى وشخصيات تعيش في الوجدان.