الإثنين 27 يناير 2025

أبرزها "الحلال والحرباية والحساب يجمع ورمضان كريم والدولي" .. الدراما الشعبية في رمضان ظاهرة أم موضة؟

  • 23-5-2017 | 21:55

طباعة

تحقيق: عمرو والى

يشهد الموسم الدرامي الرمضاني المقبل وجود مجموعة كبيرة من الأعمال التي تحمل الطابع الشعبي فى مضمونها، وتدور حكاياتها فى الحارة عبر خطوط درامية متنوعة يطرحها كل عمل تليفزيوني بشكل مختلف، وذلك بعيداً عن الأماكن الأرستقراطية والبيوت الفخمة والملابس الباهرة التي انتشرت خلال الآونة الأخيرة... "الكواكب" تستعرض أبرز المسلسلات الشعبية فى دراما رمضان المقبل، ودلالات وجود أكثر من عمل يمثل تلك النوعية؟ والانتقادات التي تقدم لها بعدم تجسيدها للواقع بشكل حقيقي؟ وذلك من خلال المتخصصين عبر السطور القادمة.

نماذج متنوعة

من هذه المسلسلات "طاقة نور" للفنان هاني سلامة وإخراج رؤوف عبدالعزيز ويتناول مشاكل واقعية في العديد من الحارات الشعبية ويغوص داخل أعماق البسطاء والمهمشين ويقدم عالما جديدا، إذ يتطرق للعديد من الفئات الفقيرة والصعوبات التي تواجهها، ولا يقتصر المسلسل على نماذج بأحياء القاهرة وضواحيها بل تمتد أحداثه للأرياف والصعيد، ليرصد كل ما تحويه هذه الأماكن من مشكلات اجتماعية وإنسانية، ويضم المسلسل بجانب سلامة كلاً من صلاح عبدالله وحنان مطاوع وأحمد حلاوة وميس حمدان ووليد فواز وإيهاب فهمي وعايدة رياض وأشرف عبد الغفور وصفاء جلال وهيدي كرم ومحمد أبو الوفا ونضال نجم وحمزة العيلي وجيهان خليل.

نماذج متنوعة

ومن ضمن هذه الأعمال مسلسل "وضع أمني" للفنان عمرو سعد وإخراج مجدى أحمد علي، ويتناول مافيا تجارة وسرقة الآثار وتهريبها خارج مصر، من خلال شخصية حسن الشاب البسيط الذي يعمل في أحد قطاعات وزارة الآثار، ويورطه رئيسه في قضية رشوة وقبل أن يخرج تمرض ابنته، ولعدم الاعتناء بها داخل أحد المستشفيات، يأخذ منها أحد المرضى رهينة ليبدأ رحلة الهروب والمطاردة من الشرطة، ويشارك فيه رياض الخولي وريهام حجاج وصلاح عبدالله ورانيا منصور وياسر علي ماهر وحمدي الوزير وأحمد عبدالله محمود.

وتقدم الفنانة سمية الخشاب مسلسل "الحلال" للمخرج أحمد شفيق، حيث تؤدي دورا مختلفا عن أدوارها السابقة حيث تجسد شخصية دجالة داخل إحدى الحارات، وتقع في العديد من المشاكل المثيرة التي تقلب مجرى الأحداث. ويشارك في بطولة المسلسل كل من دينا فؤاد ويسرا اللوزي وبيومي فؤاد ولقاء سويدان ومها أحمد وسامية الطرابلسي وفادية عبدالغني وطارق الإبياري وحسن عيد.

وينافس الفنان حمادة هلال بمسلسل "طاقة القدر" للمخرج محمد مصطفى حيث يؤدي دور شاب بسيط من إحدى الحارات الشعبية يضطر لترك قريته وينتقل للعيش في القاهرة بسبب ظروف قهرية لكنه يواجه بعض الصعوبات التي تعرقله في البداية لكنه ينجح في تحقيق هدفه. ويضم المسلسل إلى جانب حمادة هلال كلاً من يسرا اللوزي وحجاج عبدالعظيم وإدوارد وإيهاب فهمي وسهر الصايغ ومي القاضي وحنان سليمان ونيرمين زعزع.

كما يقدم الفنان باسم سمرة مسلسل "الدولى" للمخرج محمد النقلى، وتأليف ناصر عبد الرحمن حيث يتناول حياة مجموعة من الأشخاص يعيشون فى حارة يحلمون بالسفر نتيجة ظروف الحياة القاسية حيث يهاجرون عن طريق عربات النقل الثقيل التى تنقل البضائع. للدول. كما تقدم الفنانة هيفاء وهبي خلال أحداث "الحرباية" شخصية "عسلية"، وهى فتاة شعبية فقيرة تتعرض لضغوط من شقيقتها الكبرى، التى تجبرها على العمل خادمة فى البيوت، كما تدور أحداث مسلسل "رمضان كريم" فى حارة شعبية، عن فتاة تحاول التبرؤ من أهلها، تجسدها الفنانة روبى، ويستعرض المسلسل عادات وأجواء الحارة الشعبية فى شهر رمضان .

بينما تعود الفنانة يسرا إلى الأدوار الشعبية من خلال مسلسلها الجديد "الحساب يجمع" من خلال أم لابنتين تعيش داخل حارة شعبية فقيرة إلا أنها تحاول الخروج من هذه الحارة لتبدأ حياة أخرى، حيث تعمل خادمة ثم تمتلك مكتباً لتوظيف الخادمات ولكنها تتعرض للقهر بسبب ظروف الحياة الصعبة، المسلسل تأليف إياد عبد المجيد ومحمد رجاء وإخراج هاني خليفة، ويشاركها البطولة كريم فهمي وإيمان العاصي، ومحمود عبد المغني وغيرهم.

80% من الشعب يقطن الأماكن

الشعبية

"أنا رجل مصري خرجت من الحارة الشعبية مثل كثيرين، وأعشق المناطق الشعبية بشكل عام، وأحاول دائماً أن أنقل ما يحدث على أرض الواقع من نماذج حقيقية وأخرى من خيالي كمؤلف بشرط أن يكون هناك تماس واضح بينها وبين الواقع" هكذا بدأ السيناريست أحمد عبد الله، مؤلف مسلسل "رمضان كريم" حديثه عن فكرة الدراما الشعبية التي ارتبطت دائما بأعماله سواء فى السينما أو التليفزيون.

وأضاف عبد الله أن مسلسل "رمضان كريم" تدور أحداثه حول الشهر المبارك ومناقشة تفاصيل وعادات الحارة الشعبية فى كل يوم من أيامه، فى سياق درامى اجتماعى، حيث تدور الأحداث مع أول يوم رمضان، وحتى نهايته وما يحدث داخل الحارة الشعبية الممتلئة بالعائلات والجيران، لافتاً إلى أن الجمهور سيرى الدراما داخل هذه الحارة مع الأجواء الرمضانية بشخصيات مختلفة ومتنوعة تعبر عنهم أو نماذج مشابهة له فى الواقع، موضحاً أن الحارة الشعبية مليئة بالتفاصيل الثرية والجديدة والتي لم تخرج بالكامل إلى المشاهد.

وأكد عبد الله أنه في كل عمل يشرع فى تنفيذه يقوم بمعاينة الأماكن على طبيعتها لاكتشاف الجديد وما يستحق إلقاء الضوء عليه لتكون جزءاً لا يتجزأ من العمل الفني، وربما يكون هو محور العمل أو أساسه المتين الذى تقوم عليه الحبكة الدرامية، وكذلك تقديم الشخصيات التي تزيد من فاعلية الجمهور المتلقي مع المكان.

ويرجع عبد الله كثرة المسلسلات التي تضم الطابع الشعبي فى مضمونها هذا العام إلى أن نحو 80 % من الشعب المصرى هم فى الأساس من الطبقة الشعبية، لافتاً إلى أنه مع حصر المناطق الراقية فى مصر ستجد على سبيل المثال أن منطقة الزمالك محاطة بأكثر من 5 مناطق يغلب عليها هذا الطابع، وكذلك منطقة المهندسين وغيرها، وبالتالي يجب الاهتمام بتقديم الدراما التي تعبر عن السواد الأعظم من الناس، لأنهم فى النهاية يستحقون تسليط الضوء على مشكلاتهم ومعاناتهم اليومية، موضحاً أن نشأته في منطقة بين السرايات بالجيزة كان لها أثر على كتاباته المختلفة، واهتمامه بهذه المناطق وليس هذا معناه كره المناطق الراقية، أو ماشابه، ولكن الأولوية لديه لأهل المناطق الشعبية.

الحارة الشعبية الحضارية

وقالت المؤلفة سماح الحريري، والتي تقدم هذا العام مسلسل "الحلال" أن البسطاء في الحارة الشعبية المصرية، يمثلون طبقة كبيرة من الشعب المصري الذي يعاني ظروفاً اقتصادية صعبة، فجعلته فريسة للجهل والدجل والشعوذة، موضحة أن النساء تحديداً يعانين الأمرين ويقعن فريسة للكثير من المشكلات منها الزواج تحت ضغوط كثيرة، فينتج عن الأمر تعدد الزوجات وضياع الحقوق، والمعاناة بسبب قهر المجتمع والأعباء الحياتية المختلفة.

مشيرة إلي أن رغبتها في الخروج من إطار الأعمال التي تتناول قضايا قوية وثقيلة مثل ساحرة الجنوب، والقاصرات كانت الدافع وراء تقديم "الحلال" هذا العام.

وأشارت الحريري إلى أن السيناريو يحمل 3 شخصيات نسائية رئيسية تجسدهن سمية الخشاب، ويسرا اللوزي، ودينا فؤاد، وسيكونوا هن محور الأحداث، لافتة إلى حرصها على إظهار الحارة الشعبية بشكل حضاري لا يقلل من شأن المناطق الشعبية في مصر، ويبتعد عن الصورة الذهنية السلبية التي جعلتها دائماً ما تكون مركزاً للبلطجة والجريمة والتطرف.

الغربة والشباب

وقال الفنان باسم سمرة، والذى يخوض السباق الرمضاني بمسلسل «الدولي»، والذى يحمل الطابع الشعبي أيضا إن العمل يتناول حياة سائقي النقل الثقيل الذين يقطعون مسافات طويلة بين البلدان العربية وعلى الطرق الدولية السريعة، من خلال طرح فكرة الغربة التي يتعرضون لها، ويضطرون للغياب عن وطنهم لفترات طويلة بحثا عن لقمة العيش، حيث يكشف المسلسل تأثيرات السفر الطويل على حياتهم وأضراره من خلال تصاعد الأحداث وارتباطها بسكان الحارة الشعبية بالإضافة إلى الدراما من خلال قصة أخ يبحث عن أشقائه الذين هاجروا لبلاد مختلفة ويقعون في مشاكل كثيرة قد تعرضهم للخطر.

وأضاف سمرة أنه واجه الكثير من التحديات خلال العمل ومنها ما يتعلق بقيادة سيارات النقل الثقيل، لافتاً إلى أن الأمر فى البداية كان صعبًا، نظرًا لضخامة حجم المقطورة، ولكن بعد تلقى تدريبات مكثفة أجاد قيادة المقطورة بمساعدة متخصص قام بمرافقته من قبل الشركة المنتجة، موضحاً أنه استعد للشخصية بشكل جيد بالتنسيق مع مؤلف ومخرج العمل، ناصر عبد الرحمن ومحمد النقلي، حيث وضع يديه على كافة تفاصيل الدور، حتى لا يقارن الجمهور بين أدواره التي لعب فيها شخصية الشاب الشعبي.

موضة أو ظاهرة

يرى الناقد الفني طارق الشناوي أن التعبير عن الحارة المصرية جزء من الثقافة الشعبية، مشيراً إلى أنه لايمكن بأي حال من الأحوال الابتعاد عن تلك المنطقة، حتي ولو كان العمل يدور فى إطار الطبقات العليا أو الأجواء التي تعبر عن الطبقات الراقية، ضارباً المثل بمسلسل الأسطورة، بطولة محمد رمضان والذي قدم العام الماضي، فبطل المسلسل من الحارة وعلى الرغم من ثرائه ووجوده فى أجواء من القصور وحمامات السباحة إلا أن والدة البطل وأشقاءه وزوجاته ظلوا متواجدين فى الحارة الشعبية.

" لاتوجد موضة أو ظاهرة محددة فى دراما رمضان يعكسها عدد المسلسلات المقدم هذا العام من تلك النوعية، فهو المنطق، لأن الدراما الشعبية تعبر عن حياتنا وثقافتنا وجزء حميم ورئيسي فى التركيبة المصرية، وبالتالي الرؤية التي تقدم من خلالها" هكذا علق الشناوي على عدد المسلسلات التى تتناول الدراما الشعبية خلال السباق الرمضاني للعام الجاري، وهل يمكن اعتبارها ظاهرة أو موضة؟

وتساءل الشناوي ولكن هل نقدم الحارة بشكلها الحقيقي والواقعي؟، ليستطرد حديثه قائلاً " أغلب أعمالنا فى الوقت الراهن هي صورة من صورة وليست من الواقع، بما يعني تقليد صورة من عمل سابق وترسيخ صورة ذهنية محددة.

عنصر جذب

وفى نفس السياق قال الناقد الفني نادر عدلي إنه من إجمالي ما يقرب من 35 مسلسلاً أصبح جاهزاً للعرض فى شهر رمضان نجد أن هناك نسبة 15% منها تحمل الطابع الشعبي فهي نسبة طبيعية للغاية، وليست غريبة بأي حال من الأحوال خاصة أن صناع الدراما فى مصر لديهم إحساس أو تصور دائم بأن الحارة أو الأجواء الشعبية هي التي تمثل الواقعية فى المجتمع المصري بشكل أو بآخر، وتمثل السواد الأعظم من الناس.

ويضيف الغالبية العظمي من الأعمال الدرامية مؤخراً لم تعبر عن الأجواء الشعبية المصرية ولم تمثل الحارة بالمعني الدقيق لها، ولكن تظل بكل عناصرها وتفاصيلها أكثر جذباً للجمهور العادي بشكل عام من الأعمال التي تعتمد فى طبيعتها على الكوميديا أو الأكشن والتي ظلت لسنوات طويلة تسيطر على أعمال رمضان دون غيره، ولايمكن تجاهلها بنسبة 100%،لأن البطل الشعبي له مكانة ومردود ذو طابع خاص لدى الجمهور" ، ويواصل حديثه قائلاً: "هناك نقطة هامة للغاية وهي أن كل الأعمال التي تقدم من هذه النوعية لا تعتمد على النجم الأوحد بشكل عام يكون فيها الموضوع أو القصة هي البطل، وبالتالي تعتمد على فريق عمل متكامل من أكثر 3 إلى 4 نجوم يتحملون مسؤولية العمل بشكل كامل، بما يعني أنها ليست مخصصة لنجم أو فنان بعينه، وبالتالي يصبح لدى المخرج الحرية الكاملة فى اختيار أبطاله كما يريد وما يناسب أجواء العمل، ويظل نجاح أو فشل العمل قائماً ويتوقف على مدى حرفية المؤلف فى التعبير عن القصة أو الموضوع بالشكل الأمثل".

الشعبي والعشوائي

وأوضحت الناقدة الفنية ماجدة خير الله، أن الشعب المصري دائما ما يميل إلى الأعمال التي تناقش قضاياه المختلفة، وتلقى الضوء على معاناته التي يعيشها بشكل يومي فى مختلف مناحي الحياة، لافتة إلى أن هناك صورة ذهنية ثابتة لا تتغير عن فكرة المناطق الشعبية والتي دائما ما تعاني الفقر والجوع والمستوى الصحي والتعليمي المتدني، وشكل أهلها وطبيعية ملبسهم، وطريقة تحدثهم، واختلاف ثقافتهم وتعليمهم، ووجود نماذج ثابتة جامدة تبتعد عن المصداقية، وتجعل المسلسلات غير منطقية، متسائلة: هل الحارة المصرية موجودة فى الأساس بالوقت الراهن؟.

وأضافت خير الله: هناك فرق بين تناول الحارة دراميا وتناول المنطقة العشوائية التي تنتشر فيها البلطجة وتجارة المخدرات ، وغيرهما من الظواهر السلبية، مشيرة إلى أن الدراما الشعبية يعد أبرز مكوناتها الحارة وما تمثلها من جزء صميم للمجتمع المصري، وهناك شوارع تحولت بفعل المباني الكثيرة والعالية إلي حوار يسكنها الناس الطيبون والمتعلمون أبناء مصر الحقيقيون، وبالتالي لابد هنا أن يفرق المشاهد بين الحارة المصرية والمنطقة العشوائية في التناول ويجب أن يوضح صناع الدراما ذلك، مشددة على أن العشوائية تعني الخروج عن المألوف وعن الروح الطيبة للشخصية المصرية بما تمتلكها من صفات الشهامة و مساعدة الغير والتي نحن فى أمس الحاجة إليها حاليا، ويجب أن تلعب الدراما دوراً فى عودتها.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة