الأربعاء 22 مايو 2024

يوسف مسلم: نجيب محفوظ نقلني من التقليد الأجوف إلى الاحتراف (خاص)

نجيب محفوظ

ثقافة30-8-2021 | 19:40

همت مصطفى

تحل اليوم، الذكرى الخامسة عشر لرحيل الأديب العالمي والأستاذ كما يلقبه الكثير من الأدباء والمؤلفين والكتاب في الحركة الثقافية المصرية والعربية نجيب محفوظ، حيث رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 2006، والذي رحل جسدا فقط وبقي معنا بكل ما خطه بقلمه في الأدب المصري والعربي فأصبح أدبيًا عالميًا، فظل وسيظل باقيا في حياتنا الفكرية والثقافية، وكذلك الفنية، علامة وأيقونة تشهد دائمًا على التفرد والتميز.

والتقت بوابة "دار الهلال" مع الشاعر والكاتب والمؤلف المسرحي  يوسف مسلم ليسطر لنا دور الأديب نجيب محفوظ في رحلته مع الكتابة:

وقال يوسف مسلم، إنه مع غروب يوم الثلاثين من أغسطس 2006، جاءني خبر وفاة نجيب محفوظ، وكنت وقتها موظفًا حديث العهد بهيئة الكتاب، لم أكمل شهري الأول بعد، وكنت أدرك أنني لا أصلح لجلسة المكاتب، ولذا انتويت ترك العمل فور تقاضى أول راتب لي، وإبان ذلك كان منعقدًا في الإسكندرية معرض الإسكندرية للكتاب بإشراف الهيئة، وأمر رئيس الهيئة بوضع اسمي في كشوف العاملين بالمعرض.

 وتابع: "إنها الإسكندرية إذن، امرأتي التي تنام على ساحل المتوسط بلباس بحر شفاف، ساحرتي الحرون، مهربي من إحباطات القاهرة، ولأنني كنت أنتوي ترك عملي بالهيئة اعتذرت عن العمل في المعرض متحججًا بضرورة وجودي في القاهرة لمباشرة بروفات أول عرض مسرحي من تأليفي، ذلك الذي لم يعرض حتى الآن، لأسباب ربما تتعلق بسوء الحظ، أول ربما تتعلق بفساد الوسط المسرحي، ولذا كنت موجودا في القاهرة في ذلك اليوم".

 وأضاف: "رن جرس تليفون المكتب فجأة وكنت الأقرب إليه، رفعت السماعة وجاءني الصوت "يوسف.. الأستاذ مات" فرددت: "أستاذ مين؟" فرد الصوت: "نجيب محفوظ.. قول للناس محدش يمشي .. الدكتور ناصر الأنصاري هيرجع من إسكندرية على الهيئة" وأغلق خط التليفون.. وكأن مطرقة ضخمة هبطت على رأسي.. كما تهبط على رأس القط في أفلام الكارتون".

وكان أول كتاب التقطه للقراءة في حياتي هو رواية "الباقي من الزمن ساعة"، كنت وقتها طفلًا لم يتجاوز الثامنة، وبالطبع لم أفهم شيئًا، ولكن هذا الرجل قضى على طفولتي بالضربة القاضية، فلم تعد لي علاقة بعالم الطفولة إلا من خلال أفلام الكارتون التي لا زلت أدمنها حتى الآن، نجيب محفوظ جعلني أنتقل في فعل القراءة من حالة التقليد الأجوف لأخي الأكبر إلى حالة الشغف ثم الاحتراف، تعرفت على المسرح من خلاله، كانت "الشيطان يعظ" أول مسرحية أقرأها وبها أدركت أن المسرحيات التي أشاهدها في التليفزيون لها مؤلف تمامًا كما الروايات، ومن هنا اتخذت قرارًا بكتابة المسرح، فالحكاية الممثلة شكلت لي غواية أكبر من الحكاية المسرودة، والفضل أيضًا لنجيب.

واستطرد: "عاد الدكتور ناصر الأنصاري من الإسكندرية وكلفني بكتابة كلمة لتأبين محفوظ خلال ساعة أو ساعتين على الأكثر.. أمسكت الورق والقلم وكتبت الكلمة التي لم أحتفظ بنسخة منها، وفي منتصف ليل ذلك اليوم عدت إلى منزلي، وهناك استقبلني أبي: "هو صحيح نجيب محفوظ مات؟!" رددت: "أيوة"، وكان أبي يعارض فكرة تركي للعمل بالهيئة والبقاء عاطلًا عن العمل، وكنت متشبثا بهذه الفكرة كي أتفرغ لكتابة المسرح والشعر، لكن نجيب محفوظ كان له دورًا في الأمر مثلما كانت له أدوار في كثير من مراحل حياتي.

وأضاف يوسف مسلم: "وقال أبي أهه نجيب محفوظ الناس بيقولوا إنه فضل في الوظيفة لحد سن المعاش، وأهه في النهاية أخد جايزة نوبل" أدركت ما كان يرمي إليه والدي وامتثلت لرغبته وكانت هي المرة الأولى التي امتثل فيها لشيء خارج إرادتي، ظللت أعمل بالهيئة أربع سنوات، أربع سنوات عجاف، أخرج من بيتي في السابعة والنصف صباحا لأعود قرب منتصف الليل منهك من العمل، لا قراءة لا كتابة ولا من يحزنون.. وكان السبب أيضًا هو نجيب".

الشاعر والمؤلف  السرحي يوسف مسلم