الثلاثاء 21 مايو 2024

«اسمي فاطمة».. مقاربة نفسية بين واقع مرير وخيال مدمر

23-5-2017 | 22:35

كتبت – زينب عيسى

العالم البديل في حياة الكثيرين يمثل تنفيثًا عن آلام وشجون ضاغطة علي واقع الشخص فيلجأ الي خلق عالم خاص به يعيش فيه بكامل تفاصيله ،ومن الممكن ان يجره هذا العالم الي كوارث لايحمد عقباها .. الرؤية طرحتها رواية "أسمي فاطمة " الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية مؤخرا للروائي عمرو العادلي .

 يتناول  الكاتب قصة حياة فتاة بسيطة اسمها «فاطمة طاهر» تبدو حكايتها مأساوية حيث كانت تحلم أحلامًا عادية بالحب والحياة الهانئة البسيطة، فإذا بالأقدار تقودها إلى جريمةٍ لم تتخيّل أن تتورط فيها، يسلم المؤلف  مهمة الحكي إلي راوٍ غير موثوق به هو بطلته فاطمة هي ذاتها  الهائمة بين عالمين، الأول واقعها الضحل والمضجر والثاني دنيا خيالاتها وتوهماتها التي تفصلها علي مقاس أحلامها ورغباتها..

يبدأ "العادلي" الرواية من نهايتها مستخدما الفلاش باك عن طريق استعادة البطلة سيرة حياتها والتي اودت بها الي مصير لم تكن تريده وتتوقعه ، لتدرك أن ثمة عالمًا خياليًا في الأحلام يمكنها أن تلجأ إليه دوما ،فثمة متاهات تعيشها حين تنتقل"فاطمة " بعد الزواج الي المدينة التي تاخذها فيما يشبه "النداهة " بعد ان كانت تعيش حياة هادئة في القرية لتكتشف ان تلك الانتقالة الي هذا العالم لها ثمن كبير وسط مناخ تحكمه المصالح والماديات وهي الفتاة صاحبة المشاعر البكر ليبرز التساؤل هل ستحافظ علي برائتها التي استمدتها من أسم ابيها "طاهر" وهي رمزية تعمد الكاتب من خلالها كشف ماهية بطلته منذ البداية وكيف تحولت من واقع ملئ بالمرارات هربا الي عالم مواز غير مأمون أيضا.

تعامل الكاتب عمرو العادي مع بطلته من الناحية النفسية فصور عالمها البديل غير منقوص فهي تأكل فيه وتشرب وتلعب، تصنع ما يحلو لها وتقيم صروحًا من علاقات مفترضة، ولا ينقص مثل هذه الحياة البديلة إلا الإحساس بالراحة الكاملة حتى تصبح شبيهة بالحياة التي نعرفها، لذلك فهي غير راضية في الحقيقة لان جزءا من ذاتها يري ان ثمة نقص ما يشوب هذا العالم فتلجأ لاشعوريا الي ممارسات غير سوية كان يبتل فراشها كل صباح ..مما يجعلها تحكي الي نفسها بمكنونات لايشعر بها سواها مهمهمة : (سبقتْنى بخطوة، غمرتها هالة من الضياء عند الدخول، التفتُّ إلى جواري فرأيتُ نورًا أزرق أُضيء فجأة، وتماهى مع فُستان أمي النبيتي وشالها الروز، شعرت كأني أغوص فى حلم. مشينا فوق أرضيَّة فيها عناقيد من ضوء أبيض يُفضي إلى بهو كبير. رأيناه جالسًا كما هو، لا يمر عليه زمان ولا تَشيب له شعرة، عمي مختار يجلس مقرفصًا وفى يده مِسبحته العنبر، يدوِّرها بين أصابعه، تُصدر صوتًا كطقطقة حطب جاف يشتعل. كان وجهه مدوَّرًا كأنه أكل وحده خروفًا كاملًا، تلمع ناصيته وترتجف شفتاه بتبتُّل وخشوع الورِعين. اقتربتْ أمي من مجلسه وقالتْ: "فاطمة تقدَّم لها عريس".