الثلاثاء 24 سبتمبر 2024

السيسى والمستعمرون الجدد

24-5-2017 | 13:17

بقلم: أحمد آدم

لم تمر مصر فى تاريخها القديم والحديث بمثل ما تمر به الآن من حرب هى بمثابة حرب وجود وليست كمثل الحروب الأخرى التى مرت بها مصر منذ أكثر من سبعة آلاف سنة، فكل الاستعمار على مدى العقود والقرون الماضية كان استعمارا عسكريا من أجل الاستغلال الاقتصادي ونهب موارد الدول، بحجج واهية ولكنها كانت حروبا عسكرية تتطلب من الدول المستعمرة وجود قوات لها على الأرض، وبالتالي هذه الإمبراطوريات المستعمرة كانت تواجه على الأرض بحركات مقاومة عنيفة من الشعوب المحتلة حتى تخرج هذه القوى من المناطق التي استعمرتها. ظل هكذا الحال حتى الحرب العالمية الثانية، وبعد أن حسمتها أمريكا بقصف نجازاكي وهيروشيما في اليابان بالقنبلة الذرية، والتي كانت السبب في وجود عالم جديد تنتهى فيه عصبة الأمم ويبدأ عصر جديد تنبثق منه الأمم المتحدة بشروط جديدة أهمها أن على الدول الكبري بألاّ تتدخل فى شئون الدول الأخرى. ومن هنا بدأت قوى الشر فى العالم تفكر فى طريقة جديدة للاستعمار دون تدخل مباشر منها وهذه الطريقة تتمثل في كيفية ((احتلال الدول الغنية للدول الفقيرة بموافقة الدول الفقيرة نفسها)) !

وهذا فعلا ما حدث فيما يسمي بالربيع العربي.

إلاّ أن وعي الشعب المصري ومخزونه الحضاري فطن إلى هذه اللعبة القذرة وأنهاها في الثلاثين من يونيه بطريقه أربكت هذه الدول الاستعمارية ودمرت ما خططوه على مدى خمسين عاما مضت ولا ننسى أن الإعلام الصهيوني المتمثل في قنوات الفتنة المصروف عليها من قطر شاركت في التضليل، بل وشاهدنا من خلالها أكبر سرقة مصانع وآثار ونفط على مرأى ومسمع من الجميع وبمساعدة داعش الذي أصبح لا يخفى على أي طفل صغير من هم صناع داعش. إذن ما حدث فى الوطن العربي فى السبع سنوات الماضية مما يسمى ثورات الربيع العربي ليس المقصود منها الحرية والعدالة والديمقراطية والملوخية وكل الكلام الزائف الذى هو قول حق يراد به أكبر باطل فى التاريخ، ولكن الموضوع الأساسى هو خناقة غاز ليس لها أى علاقة لا بحرية ولا ديمقراطية ولا عدالة اجتماعية ولا أى حاجة بالتقلية!. ما يحدث لنا هو أكبر خدعة تاريخية مرت بها الكرة الأرضية منذ نشأة الإنسان عليها، ولذلك نحن الآن فى وضع لا يسمح لنا برفاهية الديمقراطية المزيفة التى يريدون فرضها علينا ليس حبا فينا ولا تعاطفا معنا بقدر ما يحققون من ورائها مزيدا من الفوضى الخلاقة التي طالما صارحونا بها منذ عشر سنوات. وأعظم فوضى يتم زرعها في الشعوب هي فوضى تداول السلطة والتي لا يمكن أن يحدث معها أي استقرار ولنا في دول البلقان عبرة ودرسا، فبعد تقسيم يوغسلافيا إلى عدة دويلات لم نعد نسمع عن استقرار في الحكم .

ولذلك مقالي هذا ليس لإقناع أي أحد بانتخاب السيسي لفترة حكم ثانية، فأنا لست بهذه السذاجة ولا السطحية التي يتمتع بها كثير من نخبتنا أو نكبتنا السياسية، والتي لم أحظ أنا بحظ وافر منها. فالشعب المصري قد فهم اللعبة وقد مر بالتجربة، وهو الآن يعلم علم اليقين أن المدنيين في بلادنا لم نعد نثق بهم. بدليل ما حدث في السبع سنوات الماضية، فقد أصبحت ثقته في مؤسسته العسكرية فوق الحدود ولم يعد ينطلي عليه عبارات التزييف والتضليل من نوعية حكم مدني ونفسنا في رئيس مدني وهو يعلم تماما أن على بعد أميال منا عدو يتربص بنا كل حكامه العسكريين وقد سمعتها من مواطن مصري بسيط قالها في منتهى البلاغة والبساطة قال لي: لما تخرج إسرائيل من المنطقة نبقى نجيب مهندس ديكور يحكمنا .

وفي النهاية يحضرني ما لخصه وول ديورانت في موسوعته “قصة الحضارة”

لا تستطيع أي قوة في العالم أن تنهي حضارة إلا إذا أكلت هذه الحضارة نفسها من الداخل. فثابروا وتماسكوا وقفوا وراء رئيسكم، لأن الحمل ثقيل والتحدى كبير حتى نعبر إلى بر الأمان.