الجمعة 28 يونيو 2024

أخطرها أزمة ترددات الجيل الرابع.. ٣ قضايا تحتاج تدخل الرئيس فى قطاع الاتصالات خلال «عام الحسم»

24-5-2017 | 14:52

بقلم :عبد اللطيف حامد

الدعم الرئاسى لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لم يتوقف على مدى الثلاث سنوات الماضية من حكم الرئيس عبد الفتاح السياسى، فهو لا يكل من تأكيد أهمية هذا القطاع فى بناء الدولة الحديثة، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وأن الدولة حريصة على مواصلة مساندته بقوة، باعتباره يمثل الأمل بالنسبة لشباب مصر، وقطار التنمية الذى يقود القطاعات الأخرى.

وتكشف الشواهد والمؤشرات أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى بؤرة اهتمام الرئيس على الدوام، ويعتبره فى قائمة المشروعات القومية التى أطلق العديد منها خلال الفترة الماضية، ومنها ما تحول من حلم إلى واقع، والأخرى فى طريقها للإنجاز بحلول يونيه ٢٠١٨، وعلى رأسها قناة السويس الجديدة، ومشروع الإسكان الاجتماعى، والمشروع القومى للطرق، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع المليون ونصف المليون فدان، وغيرها؛ بل إن سلاح التكنولوجيا حاضر ومؤثر فى العديد من تلك المشروعات العملاقة لضبط الأداء، وميكنة العمل، وضمان الشفافية، والأهم قطع الطريق على كافة حيل الفساد المالى والإدارى بها.

الاهتمام الرئاسى بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ليس مجرد شو إعلامى، أو كلام والسلام، بل ينبع من إدراك الرئيس لمدى قدرة استخدام الوسائل التكنولوجية فى حل مشكلات البلاد وفقا لأحدث النظم، والبداية من حيث انتهى الآخرون سواء فى التعليم أو الصحة أو الإسكان أو المرور، وحتى ميكنة إجراءات التقاضى، فهو يمتلك رؤية استراتيجية واضحة لتوطين التكنولوجيا على مستوى الجمهورية من خلال إنشاء المناطق التكنولوجية، وليس القاهرة الكبرى فقط كما تعودنا على مدى عقود طويلة، فزادت عزلة الدلتا، واختفى الصعيد من خريطة الخدمات الحكومية الأساسية، فما بالك بمثيلتها فى مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.

لقاءات الرئيس السيسى مع وزير الاتصالات لمتابعة ما يجرى من تطورات فى القطاع متواصلة ومتكررة، وأولها كان فى شهر أكتوبر ٢٠١٤ مع المهندس عاطف حلمى وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وقتها، بعد فترة وجيزة من تسلمه للحكم رغم صعوبة الظروف وقتها محليا وعالميا، ـ والأمر لا يتطلب توضيحا ـ واستمع الرئيس لعرض متكامل من الوزير لوضع هذا القطاع مع استعراض استراتيجيته التى تستهدف ربط أهدافه بتطلعات المجتمع المصرى وطموحاته بما تشمله من زيادة للدخل القومي، وجذب الاستثمارات، وإتاحة البيانات والمعلومات ومكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، فضلاً عن دعم الخدمات المقدمة لذوى الاحتياجات الخاصة وتطوير الخدمات الحكومية عبر الوسائل التكنولوجية الحديثة، ووجه منذ هذا الوقت البعيد بضرورة الإسراع فى إنشاء وتفعيل الجهاز القومى للمجتمع الرقمي، وإيجاد منظومة متكاملة لدعم الشباب فى مجال الابتكار وتدريبهم وتنمية قدراتهم فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وإيجاد منظومة متكاملة لخدمة الفئات المهمشة والمرأة .

وفى نفس هذا اللقاء طالب الرئيس مبكرا من حلمى التركيز على صناعة وتصميم الالكترونيات والبرمجيات لإيجاد فرص عمل للشباب، والمساهمة فى زيادة الناتج المحلى الإجمالي، مع العمل على تعديل القوانين الخاصة بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وضرورة الاعتماد على خدمات الانترنت فائق السرعة، وتحسين مستوى الخدمة المقدمة للمصريين فى مجال الانترنت، والاهتمام بتدريب وإعداد الشباب المصريين فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتوفير الكوادر المتخصصة به.

بوضوح الرسائل الرئاسية الداعمة لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لا تقبل اللبس، وفى الوقت نفسه تقطع بأن الرئيس على علم بحاله، ومشكلاته التى تؤرق المصريين وعلى رأسها مستوى الخدمات المتدنية سواء فى المحمول أو الإنترنت مع المطالبة بتعديل قوانين اللازمة، والإسراع بتصنيع البرمجيات والإليكترونيات محليا، وتهيئة الظروف للتحول إلى مجتمع رقمى، ولدىَّ قناعة تامة أنه لو نجحت الحكومة ووزارة الاتصالات فى ترجمة تكليفات الرئيس إلى واقع خلال السنوات الثلاث الماضية لتغيرت صورة القطاع كله بل شكل الحياة فى مصر، لكن يبقى الأمل موجود خلال سنة الحسم.

أما عن لقاءات الرئيس مع المهندس ياسر القاضى وزير الاتصالات الحالى، والوقوف فى ظهره، ودفعه إلى اتخاذ قرارات صعبة وحاسمة أخفق غيره من الوزراء المتعاقبين فى اتخاذها ـ من الدكتور طارق كامل إلى الدكتور ماجد عثمان ثم المهندس هانى محمود مرورا بالمهندس عاطف حلمى ـ فهى عصية على الحصر، لأن المقابلات متكررة ومتواصلة، ودائما نجد الرئيس خلالها مبتسما، ومتفائلا بمستقبل هذا القطاع الحيوى بما يتفق مع رؤيته السابقة له، وهذه الثقة الرئاسية تقف وراء القاضى عندما أصر على طرح تراخيص الجيل الرابع للمحمول لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، أولها: دعم الخزانة العامة للدولة بمبلغ معتبر يتجاوز ١.١ مليار دولار إلى جانب نحو ١٠ مليارات جنيه فى وقت كانت فيه وزارة المالية فى عرض كل دولار أو جنيه لمواكبة متطلبات الاستيراد للسلع الأساسية، وتوفير تمويل للمشروعات العملاقة وما أكثرها.

ثانيا: كسر احتكار الشركات الأجنبية لسوق المحمول فى مصر على مدى قرابة ٢٠ عاما، حتى لا تتراجع مكاسبها التى تصل لأكثر من ٣٦ مليار جنيه وفقا للعديد من التقديرات لخبراء الاتصالات، وشعبة الاتصالات بغرفة تجارة القاهرة، فوقفت هذه الشبكات الثلاث بالمرصاد لمنع كل محاولات الشركة المصرية للاتصالات لإنشاء شبكة وطنية للمحمول، ـ وهنا أتذكر عندما تلقينا دعوات من وزارة الاتصالات خلال الفترة الانتقالية فى ظل وزارة المهندس عاطف حلمى كمحررى الاتصالات لحضور مؤتمر عالمى لقيادات شركات المحمول والمصرية للاتصالات ومسئولى القطاع للإعلان عن «الرخصة المتكاملة»؛ لكن قبل اليوم الموعود بساعات فوجئت الوزارة باتفاق سرى بين رؤساء هذه الشركات لإفشال المؤتمر، والاعتذار بحجة السفر إلى الخارج، كلهم فى نفس التوقيت، وللأسف لم تستطِع الوزارة أن تفعل شيئا لقلة حيلتها ـ لكن فى تراخيص الجيل الرابع كان الموقف مختلفا لأن الدولة كانت حاسمة، وأعلن الوزير عن طرح الرخص بشروط أصعب، وفتح الباب لشركات من خارج مصر، فوافقت شركات المحمول صاغرة.

ثالثا: خلق مساحة أكبر من المنافسة بين الشبكات من أجل تحسين الخدمة المنهارة، بينما الشركات ودن من طين وودن من عجين، ولا تسمع ولا ترد على شكاوى المشتركين الذين يصل عددهم لقرابة ١٠٠ مليون عميل، أغلبهم يدفعون مقدما فى حين أن سوء الخدمة وأسعارها لا مثيل لهما عالميا فى ظل عدم وجود خطط دورية للصيانة وغياب التطوير فى البنية التحتية.

رابعا: وجود شبكة وطنية للمحمول يمكن الاعتماد عليها وقت الضرورة لحماية الأمن القومى المصرى لأن الشركات الأجنبية لا يشغلها إلا تحقيق الأرباح، بدليل دورها المحدود فى مجال المسئولية المجتمعية فى الوقت الذى تنفق فيها مليارات الجنيهات على الحملات الإعلانية سنويا.

ومن المؤكد أن تأييد الرئيس يجعل القاضى يمشى واثق الخطى فى مشروع إنشاء وتشغيل سبع مناطق تكنولوجية جديدة، يعارضها البعض بسبب الظروف الصعبة، وفى مقدمتهم الرئيس التنفيذى السابق لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات المهندس حسين الجرتلى، وبالفعل وافقت اللجنة الوزارية الاقتصادية فى ٢٠١٦ على تأسيس شركة لإنشاء المناطق التكنولوجية برأسمال قيمته مليار جنيه، وبدأ العمل فيها بمنطقتى برج العرب بالإسكندرية وأسيوط الجديدة، وافتتحهما الرئيس بالفيديو كونفرانس خلال فاعليات معرض مايرو أى سى تى الأخير، مشيدا بهذا الإنجاز الذى تحقق على أرض مصر فى أقل من عام، علما أن الاستثمار فى تلك المناطق يقوم على توفير نظام متكامل لإنشاء مراكز الاتصالات عن بُعد، وتصميم وبرمجة الدوائر الإلكترونية، وصناعات تجميع الإلكترونيات الدقيقة، ومراكز تدريب وتعليم، بهدف ضم تجمعات جذب لتنمية ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والمتخصصة فى مجال الابتكار وريادة الأعمال، إلى جانب الارتقاء بالخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين فى محيطها.

كما أن الرئيس يدعم خطوة وزير الاتصالات لتصنيع أول هاتف مصرى خلال النصف الثانى من العام الحالى، من خلال بعض المصانع تعمل بالمناطق التكنولوجية، ومن المؤكد أن هذا الأمر أوقف العديد من المؤامرات ضد المشروع من أصحاب المصلحة سواء فى الداخل أم الخارج.

ويعد تكليف الرئيس السيسى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتحديدا قطاع البنية المعلوماتية بقيادة مشروع إنشاء قواعد البيانات المتكاملة مع وزارات وجهات أخرى دلالة واضحة على تقديره لمنظومة العمل بها؛ لأنه يتعامل معه كمشروع قومى يستطيع أن يقضى على فوضى قواعد البيانات على مستوى كل الوزارات، والمجالات، فكل جهة لديها قاعدة معلومات بمفردها، بل وهناك أكثر من قاعدة بيانات داخل الوزارة الواحدة، ربطها ببعضها تفتح الباب لتبصير صانع القرار بالصورة الشاملة لكل بيانات قطاعات الدولة، ونوعية المشكلات، فلا تتخذ القرارات عشوائيا أو بالصدفة من التعليم إلى الصحة مرورا بالاستثمار والصناعة والتجارة، وغيرها من الملفات.

لكن فى العام الرابع من فترة الرئيس السيسى الأولى مازال قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يحتاج إلى عدة دفعات جديدة، أخطرها توفير ترددات الجيل الرابع لشركات الاتصالات حتى لا تسيء لسمعة الاستثمار فى مصر، إذا لجأت للتحكيم الدولى، مطالبة بتعويضات ضخمة كما سبق أن حذرنا على صفحات «المصور».

لكن فى العام الرابع من فترة الرئيس السيسى الأولى مازال قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يحتاج إلى عدة دفعات جديدة، أخطرها توفير ترددات الجيل الرابع لشركات الاتصالات حتى لا تسئ لسمعة الاستثمار فى مصر، إذا لجأت للتحكيم الدولى، مطالبة بتعويضات ضخمة كما سبق أن حذرنا على صفحات «المصور»، لأنه على ما يبدو سندخل حلقة جديدة من الخلاف بين جهاز التنظيم الاتصالات والشركات بعدما يتردد أنه لن تمنح لها هذه الترددات إلا بعد أن توزع الشبكات الثلاثة الترددات التى لديها على مستوى الجمهورية، وحسم مسألة التجوال المحلى مع الشركة المصرية للاتصالات، لنعود إلى ما يشبه مشكلة النقاط الخلافية الستة فى الرخصة الموحدة التى أستمرت عدة سنوات دون حل وسط بين الطرفين.

وثانياً: سرعة تحريك تعديلات، قانون الاتصالات رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣، لأن القانون مازال حبيس أدراج مجلس الوزراء على مدى قرابة ٦ سنوات فى حين تتعدد المطالبات بتمريره للبرلمان خاصة أنه بوضعه الحالى به العديد من الثغرات بحكم الطفرة المتواصلة فى وسائل الاتصالات، إلى جانب ضرورة وضع ضوابط وعقوبات لتجريم خدمة الاتصالات السيئة حفاظا على حقوق المصريين فى مواجهة تجاهل شركات المحمول والإنترنت، ثالثا: صدور قانون الجريمة الإليكترونية لمطاردة المحرضين على العنف والإرهاب بشكل قانونى، والتصدى لمحاولات التشهير والابتزاز الإليكترونى.. والله أعلم.