قبل أن ندخل إلى المزيد من «الأرقام والحقائق البترولية» التى تبدو عند البعض جافة، وتبدو عند البعض الآخر أخبارًا تستحق البهجة.. نقول إن وراء النجاحات المتتالية لقطاع البترول فى ثلاث سنوات مضت من عصر الرئيس السيسى، رغبة من الدولة المصرية ليس فقط فى الاكتفاء الذاتى من الغاز والزيت الخام وتحقيق تقدم فى صناعة البتروكيماويات وغيرها.. وإنما الهدف الأبعد - أو الاستراتيجى - من سياسة قطاع البترول الراهنة هو تحويل مصر إلى (مركز محورى لتجارة وتداول الطاقة)، عينا أى خبير بترولى تلمح هذا الهدف إذا قرأ بعناية ما تحقق فى السنوات الثلاث الماضية فى قطاع البترول.
أخيرًا.. عرفت مصر «حقول الغاز العملاقة»، إنها الحقول التى تسهم بصورة مباشرة فى زيادة إنتاج الغاز زيادة حاسمة وسد الفجوة فى احتياجات السوق، نستطيع كذلك الاعتماد على هذه الحقول فى تغذية محطات الكهرباء، الأمر الذى بدأ ينعكس على حياة المصريين اليومية، التى لم تعد تشهد انقطاع التيار على النحو الذى كان قبل ثلاث سنوات من الآن.
ففى السنوات الثلاث الماضية من عصر الرئيس «عبدالفتاح السيسى» شهد ملف الطاقة - وبخاصة البترولية - تقدمًا ملحوظًا، سواء فى عصر الوزير السابق المهندس شريف إسماعيل (رئيس الوزراء الآن) أو المهندس طارق الملا الوزير الحالى، وفى أول سطور هذا التقدم الملحوظ، يمكنك أن تقرأ أن نتيجة (الاتفاقيات) التى تم إبرامها هناك ٣ حقول أساسية دخلت إلى مجال «الإنتاج»، تعد (حقولًا استراتيجية) إذا جاز التعبير: نورس (مليار قدم مكعب من الغاز) وهو من حقول الدلتا.. (شمال الإسكندرية) والذى يعطى ٧٠٠ مليون قدم مكعب من الغاز وينتظر أن يصل هذا الرقم إلى ١.٢ مليار قدم مكعب نهاية ٢٠١٨، وحقل (ظهر) الشهير الذى يعد باكورة الاتفاقيات فى ٢٠١٤، وسيدخل الإنتاج نهاية العام الجارى بـ٢.٧ مليار قدم مكعب.
هذه الحقول ليست كل حصيلة قطاع البترول من (الغاز) فهناك العديد من المشروعات التى يتم المضى فيها قدمًا، لقد تم تنفيذ ٢١ مشروعًا لتنمية حقول الغاز خلال السنوات الثلاث الماضية بهدف إضافة كميات إنتاج تصل إلى ٣.١ مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز و٢١.١ ألف برميل متكثفات يوميًا بإجمالى استثمارات ٧.٤ مليار دولار، وزير البترول م. طارق الملا أكد أن مصر ستكتفى ذاتيًا من الغاز مع نهاية ٢٠١٨.
أما (الزيت الخام).. فهناك مشروع إعادة الإنتاج من حقل (هلال) البحرى بخليج السويس (شركة جابكو) بهدف إنتاج نحو ٥ آلاف برميل يوميًا من الزيت الخام.. ومشروع إعادة تأهيل البنية التحتية (المرحلة الثالثة) بخليج السويس (جابكو) بهدف إعادة التأهيل للمنصة (رمضان - ٦).
وإذا اتجهنا إلى (البتروكيماويات)، نجد أن السنوات الثلاث الماضية قد شهدت تشغيل أكبر مشروعين فى مجال هذه الصناعة (باستثمارات ٣.٩ مليار دولار)، وافتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى كلا المشروعين.. فأما المشروع الأول فهو (توسعات موبكو - دمياط) فى مايو من العام الماضى، وينتج (اليوريا) و(الأمونيا) بطاقة إنتاجية تصل إلى ١.٣٨ مليون طن سنويًا من اليوريا التى تدخل مباشرة فى صناعة الأسمدة (بتكلفة ١.٩٦ مليار دولار).. وأما الثانى فهو مشروع إنتاج الإثيلين ومشتقاته بالإسكندرية، وقد افتتحه الرئيس السيسى فى أغسطس من العام الماضى بطاقة إنتاجية تبلغ ٤٦٠ ألف طن فى السنة إثيلين، و٤٠٠ ألف طن فى السنة بولى إثيلين وبتكلفة استثمارية نحو ١.٩٣ ملياردولار.
وقد جرى إنشاء «محطة كهرباء بشركة إثيدكو» بهدف توليد الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل مجمع الإثيلين ومشتقاته.. بقدرة ١٠٠ ميجاوات وتكلفة ١٢٥ مليون دولار وبدأ ربط المحطة بالمصنع فى ٢٥ مارس الماضى بنجاح.
هذا الاهتمام بـ”البتروكيماويات” وراءه تعظيم القيمة المضافة من الغاز.. سواء فى الوفاء باحتياجات السوق المحلية أو التصدير.
الحقيقة أن مصر مؤهلة لقيام صناعة بتروكيماوية متميزة من خلال توافر عدة مقومات تشمل المادة الخام والموقع الجغرافى المتميز والبنية الأساسية القوية، بالإضافة إلى الخبرات والكوادر الفنية المتميزة والسوق المحلى المتنامى، كما أنه فى إطار هذه المقومات وضعت وزارة البترول والثروة المعدنية استراتيجية لتطوير وتنمية صناعة البتروكيماويات تعتمد على عدة محاور تشمل توفير احتياجات البلاد من المنتجات البتروكيماوية للحد من الاستيراد وزيادة الصادرات ومساندة خطة الدولة فى إقامة تجمعات صناعية صغيرة ومتوسطة اعتمادًا على المنتجات البتروكيماوية وتشجيع الاستثمار المحلى والعربى والأجنبى للمشاركة فى مشروعات البتروكيماويات، بالإضافة إلى توفير العديد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة وتفعيل سياسة التكامل بين شركات قطاع البترول فى كافة المجالات.
وصناعة البتروكيماويات تسهم فى دعم الاقتصاد المصرى من خلال إقامة الصناعات الصغيرة والمتوسطة التى تعتمد على المواد الخام البتروكيماوية لتصنيع العديد من المنتجات النهائية المستخدمة فى مختلف نواحى الحياة وتعظم القيمة المضافة وتوفير فرص العمل وإعداد كوادر بشرية مدربة بما يزيد من القدرة التنافسية بالأسواق المحلية والعالمية، لاسيما أن الاستثمارات المطلوبة للصناعات الصغيرة والمتوسطة تتراوح ما بين ٥٠ ألف و١٠ ملايين جنيه، قطاع البترول قام بمبادرة بالتنسيق مع محافظات البحيرة وكفر الشيخ والقليوبية والإسكندرية بإعداد دراسات تفصيلية لتحديد أنسب الأنشطة الصناعية للمجمعات المقترح إقامتها فى كل محافظة، وأنه جار التنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة لاستكمال الخطوات اللازمة لإنشاء هذه المجمعات، هناك إمكانية لقيام قطاع البترول بتوفير المادة الخام البتروكيماوية دون وسطاء، بالإضافة إلى توفير خدمات الدعم الفنى المطلوب.
وفيما يتعلق بمشروعات التكرير والتصنيع البترولى، نجد السنوات الثلاث الماضية قد سجلت مشروعين مهمين: المشروع الأول هو تحديث وتطهير معامل التكرير فى شركة أسيوط للبترول وفى معمل تكرير (ميدور).. فأما التحديث فى معامل تكرير أسيوط فقد بدأ تشغيله فى نوفمبر ٢٠١٦، وأما الذى فى معمل تكرير (ميدور) فتم التشغيل التجريبى له فى يناير الماضى.. هذا فضلًا عن التطوير فى (معمل مسطرد) للتكرير.
لا ننسى فى سياق حساب ٣ سنوات من عصر الرئيس السيسى فى قطاع البترول أن نقول إنه فى هذه السنوات الثلاث تم الانتهاء من تشغيل ١٦ خطا من خطوط الغاز لتدعيم الشبكة القومية للغاز بإجمالى أطوال ٣٦٧كم وتكلفة بلغت ٢.٣ مليار جنيه.
وهناك - إلى ذلك - مشروعات خطوط الأنابيب وسعات تخزين البوتاجاز، والتى تم خلال السنوات الثلاث الماضية الانتهاء من تنفيذ وتشغيل ١١ خط نقل للزيت الخام والمنتجات البترولية بأطوال بلغت ٣٢٠ كيلو مترا وبتكلفة ٩٤٦ مليون جنيه.
إلى جانب هذا كله.. لا ننسى تعديل قانون «الثروة المعدنية»، وهو التعديل الذى يسهم بصورة مباشرة فى إدخال هذه الثروة كرافد جديد وحقيقى فى الدخل القومى لمصر فى هذا التوقيت الذى تحتاج فيه مصر إلى زيادة روافدها المالية الذاتية، لاننسى كذلك أنه من ضمن خطة تأمين وتنويع مصادر الإمدادات، نجحت هيئة البترول أسوة بالشركات الأجنبية التى تعمل خارج حدودها، فى الحصول على نسبة ١٠٪ فى قطاع رقم ٩ بشمال البصرة فى العراق الشقيق إلى جانب المساهمة بنسبة ١٥٪ فى حقل (سيبا) بالعراق وهو من حقول الغاز.
والحق أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يلقى بثقله كله لدفع العمل قدمًا فى قطاع البترول وتشجيعه ودعمه.. فلا ننسى اهتمامه بمقابلة رؤساء شركات ومؤسساعت عالمية كبرى مثل شركة (إيني) الإيطالية أو (أباتشيى).. هذه اللقاءات تعطى ثقة للشركاء الأجانب، وهناك تعاقدات وصل إجمالى قيمتها إلى ١٠ مليارات من الدولارات فى مجال البحث والاستكشاف البترولى فى مصر فى الفترة القادمة.
أعتقد أن من أهم ثمار السنوات الثلاث الماضية من عصر «عبدالفتاح السيسى» فى قطاع البترول، هو أن مصر جادة فى السير قدمًا فى تنفيذ مشروع تحويل بلادنا إلى (مركز محورى لتجارة وتداول الطاقة) فى الإقليم كله وعالميًا أيضًا، وهو المشروع الذى - حال اكتماله - سيضع مصر على مشارف ازدهار مالى واقتصادى ملموس.. لاسيما أن مصر تمتلك كل المقومات له: كمحطات إسالة الغاز (اثنتين فى إدكو وواحدة فى دمياط)، وتمتلك قناة السويس، فضلًا عن خبرات فى قطاع البترول الذى يصل عمره فى مصر إلى مائة عام.
لقد قدم قطاع البترول فى السنوات الثلاث الماضية من عصر عبدالفتاح السيسى الكثير لمصر والمصريين، وهو ماض على طريق تقديم المزيد لها، مدعومًا فى هذا بإرادة سياسية قوية وواعية ومدركة لأهمية هذا القطاع فى حياة البشر.. أقول بلا مبالغة: حقق قطاع البترول فى السنوات الثلاث الماضية الكثير، وسيحقق فى الفترة القادمة ما هو أكثر.. فانتظروه!