اعربت منظمات غير حكومية دولية، عن قلقها الشديد من الأزمة الإنسانية التي تمر بها جمهورية أفريقيا الوسطى، مع فقدان نصف الشعب للأمن الغذائي، والارتفاع المستمر في عدد النازحين.
وكشف برنامج الغذاء العالمي في تقرير نشرته لجنة تنسيق المنظمات غير الحكومية في جمهورية أفريقيا الوسطى أن الوضع الغذائي في الدولة بات في خطر، إذ أن أكثر من 50% من المواطنين باتوا يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وأشارت اللجنة إلى أنه من بين من كل أربعة مواطنين مواطن بات لاجئا خارج البلاد أو نازحا داخل البلاد، موضحة أن الأشخاص النازحين في جمهورية أفريقيا الوسطى يبلغ مليون و417 ألف و542 مواطنا، وهو عدد لم يتم تسجيله منذ 2014.
ولفتت المنظمة إلى أن أسباب النزوح تفاقمت، ولم تعد قاصرة على غياب الأمن، إذ أن كوارث الفيضانات تسببت في 30% من عمليات النزوح بين مايو ويونيو 2021.
إلى جانب ذلك، حذر تقرير لجنة تنسيق المنظمات، من الهجمات المتكررة ضد المرضى والفرق الطبية والبنية التحتية في البلاد، والتي جعلت من الصعب الحصول على العناية الطبية، مؤكدا أن الوضع مثير للقلق لا سيما مع المؤشرات الخطيرة التي تسجلها البلاد.
ولفتت المنظمات إلى أن جمهورية أفريقيا الوسطى سجلت أسوأ معدل للوفيات للأطفال الأمهات في العالم.
وبحسب المدير الإقليمي لمكتب منظمة "انترناشيونال ميديال كوربس"، كريستيان مولامبا، فإن هذا الوضع الكارثي بات له تأثيرات خطيرة على الصحة العقلية للمواطنين، موضحا "على أرض الواقع، لاحظنا أعراض اكتئاب وضغط وأمراض نفسية".
ولفت مولامبا إلى أن "البلاد فريسة لمرض الحصبة منذ عام 2020، كما تمر بأوبئة خطيرة مثل الملاريا التي باتت المرض الأوسع انتشارا في البلد".
وبعيدا عن الصحة، فإن التعليم يمر بأزمة خطيرة أيضا، جراء القيود الصحية لمواجهة أزمة كورونا، والصراعات التي فاقمت من دمار النظام التعليمي، وغياب التلاميذ وغلق المدارس بسبب انعدام الأمن، وفق تقرير لجنة تنسيق المنظمات غير الحكومية، الذي أشار إلى أن هذا
الوضع يهدد مستقبل الأجيال الشابة في أفريقيا الوسطى، والأطفال النازحين والفتيات اللواتي يعشن في مناطق الصراع.
على صعيد آخر، رصد التقرير زيادة مطردة في حالات الاعتداء الجنسي على النساء والفتيات، في الوقت الذي تعاني فيه النساء والفتيات والأطفال والأشخاص من ذوي الاحتياجات من عدم القدرة على الوصول إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية، مثل التعليم والطعام والرعاية
الصحية الجنسية والإنجابية.
والأربعاء الماضي، أعلن رئيس جمهورية أفريقيا، فوستان آركانج تواديرا، تشكيل اللجنة التوجيهية للحوار الجمهوري، التي تفتح الباب نحو حوار سياسي في هذا البلد الذي يعاني من صراعات دامية مستمرة منذ عام 2012.
وفي 2019، وقعت حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى، اتفاق سلام في العاصمة السودانية الخرطوم، مع المجموعات المسلحة، التي تسيطر على غالبية المناطق في البلاد، بمبادرة من الاتحاد الأفريقي.
وتعاني جمهورية أفريقيا الوسطى من التوترات وتدهور الحالة الأمنية، منذ 2013، وشهدت العاصمة بانجي اشتباكات مسلحة بين جماعة "سيليكا" المتشددة، وقوات مسيحية.
وأنهكت هذه الأزمة الكثير من المواطنين في البلد الغني بالألماس والذهب والبالغ تعداد سكانه 4.7 مليون نسمة.
ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، حتى نهاية يوليو عام 2018، تسبب النزاع في جمهورية أفريقيا الوسطى، بمقتل وإصابة الآلاف، وأُجبر نحو مليون شخص على مغادرة منازلهم.