كانت المبادرة الرئاسية بتأسيس صندوق لتكريم الشهداء وأسرهم ورعايتهم، واحدة من المبادرات الرئاسية ذات البعد الإنسانى في كيفية رد الجميل لمن بذل روحه فداء هذا الوطن الغالى، تقديرا لعطائهم، وتعظيما لمكانتهم، وصونا لحقوقهم وحقوق أسرهم وذويهم، وتخفيفا عما لحقهم من ضرر مادى ومعنوى بفقدان هؤلاء الشهداء أو تحفيف معاناة المصابين، فكان صدور القانون رقم 16 لسنة 2018 الخطوة الأهم لوضع آلية تنظيمية منضبطة وواضحة لتكريم هؤلاء الشهداء والمصابين.
وبعد ما يزيد عن ثلاثة سنوات على تأسيس هذا الصندوق، يمكن القول إنه قد أثبت نجاحه وتميزه فيما تحمله من مسئوليات وما أُلقى على عاتقه من التزامات، فقد تمكن بقياداته الوطنية التي جمعت بين الخبرات المتخصصة والرؤى المستقبلية في وضع الصندوق في مكانته التي يستحقه داخل المنظومة المؤسسية للدولة المصرية، وهذا كل وفقا للخط الذى رسمه الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ تأسيس هذا الصندوق الذى حظى باهتمام كبير من جانبه، ولعل في توجيهاته الأخيرة التي جاء خلال الاجتماع الذى حضره رئيس الصندوق اللواء السيد الغالى ومديره التنفيذي اللواء احمد الاشعل، ما يؤكد على حجم الاهتمام الذى يوليه الرئيس إلى تفعيل دور الصندوق وتعظيم مهمته، حيث كانت توجيهاته ضرورية في أهمية الإسراع بصرف التعويض المادى المستحق للمستفيدين من اعمال الصندوق على دفعة واحدة خلال هذا الشهر، مع الالتزام بسرعة صرف كافة التعويضات المستحقة لجميع المستفيدين، هذا إلى جانب أهمية العمل على تطوير برامج الصندوق وحوكمة آلياته المالية وتنمية موارده لصالح أسر الشهداء والمصابين.
ويأتى كل ذلك في ضوء التعديلات التي أُدخلت على قانون الصندوق مؤخرا، وهدفت إلى تعظيم مستوى الخدمات ونوعيتها المقدمة للمستحقين، من خلال توسيع مساحات التنسيق والترتيب مع مختلف الجهات الرسمية المعنية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
وغنى عن القول إن ما يميز صندوق تكريم الشهداء أنه لا يقصر اهتمامه ودوره على مصابى العمليات الحربية أو رجال القوات المسلحة فحسب، وإنما يشمل الضحايا من الشهداء من أفراد القوات المسلحة والشرطة والمدنيين أيضًا، وهو ما يؤكد على أمرين مهمين: الأول، شمولية الرؤية واتساعها لمفهوم الشهداء الذى ظل قاصرا في الفترات السابقة على رجال القوات المسلحة ومصابى وشهداء العمليات الحربية فحسب، وهو تطور مهم يؤكد على فكرة العدالة التي يرتكز عليها عمل الصندوق، في ترسيخه لقيمة المساواة بين كل شهداء الوطن سواء المدنيين أو العسكريين أو رجال الشرطة، ومنحهم ذات الامتيازات والحقوق بشكل يرسخ قيمة الانتماء والولاء والتضحية في سبيل صون الوطن والذود عن مقدراته. الثانى، إن التعديلات الأخيرة التي أدخلت على قانون الصندوق أكدت أيضا على أهمية إعادة النظر بين الحين والآخر في حجم الخدمات المقدمة ونوعيتها بما يتماشى مع المستجدات والتطورات.
إجمال ما يمكن قوله عن المبادرة المصرية بتأسيس صندوق لتكريم شهداء الوطن، أنها بمثابة نموذجا يمكن ان يحتذى به في العديد من دول المنطقة التي تشهد صراعات وحروب في مواجهة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، حيث يدفع الجنود ورجال الشرطة والمدنيين حياتهم في سبيل مواجهة الجرائم الإرهابية التي ترتكبها كل تلك التنظيمات، فيصبح من المهم أن يقدر المجتمع والدولة حجم هذه التضحيات في تكريم هؤلاء الضحايا وتقديم العون والدعم المادى والمعنوى لاسرهم وذويهم، تلك هي الرسالة الإنسانية التي يجب ان يحملها الجميع إذا ما اردنا أن نواجه التطرف والإرهاب.