بقلم: مدحت بشاى
فى ليلة عيد القيامة اللى فات زارنى كالمعتاد جارى وصاحبى «رامى» .. متعودين نقعد حوالى ساعة مع بعض قبل حضور قداس ليلة عيد القيامة وكل عيد، ومطرودين بحكم العادة إلى البلكونات بأوامر مشتركة عليا غير قابلة للجدل من سيدات الأمر والنهى وهوانم الطبيخ المفتخر فى ليلة مفترجة يجتمعن فيها وسيدات العمارة بالمطابخ، وقول عزيزى القارئ زى ما تقول من أسباب لتبرير تلك الإرادة النسوية الجبارة فى ضبط وتفعيل إدارة بيوتنا لضمان إسعاد كل أفراد بيوتات عمارتنا الصغيرة القديمة بتلك المناسبة واحتفالاً بإنهاء حالة صيام ٥٥ يوما وليلة.
ودار الحوار التالى مع جارى الطيب «رامى» بمجرد جلوسنا..
رامى: شفت إزاى ورغم إن قداسة البابا قال إن الاحتفال بمناسبة القيامة ينبغى نفرح ونسعد بيه ونسمو بأحزاننا ونعبرها للاحتفال بيوم عظيم ومناسبة مجيدة، لكن تشوف فى عيون ستاتنا وأولادنا كسرة النفس وقهرة الحزن الدفينة وحتى أولاد العمارة الصغيرين فرحتهم فرحة مطفية باهتة؟!!
أنا: طبيعى، دى كانت مجزرة بشعة اغتالت سعادة ناس شايلة سعف الحب والسلام، وحاسين إنهم مُمثلين للشعب اللى قال فى وصفهم الكتاب المقدس «مبارك شعبى مصر»، فإذا بأحزمة ومتفجرات الغدر والخيانة والخسة والوضاعة تخضب كل مشغولاتهم الإبداعية من سعف النخيل بدماء سواعد وأكف أجساد كانت ضارعة إلى المولى العظيم الأبدى أن يحفظ الله الوطن والنيل والزروع والأشجار والبيوت والأمطار..
رامى: المرة دى الجرح كان غائر وغويط، والألم واصل وسارح للعصب الملطوط، والنتوءات اللى حفرتها مقذوفات انفجارات شياطين الغدر فى جسد الوطن المخطوف كان مكتوبا عليها أسماء شهداء الكشح ونجع حمادى والقديسين والعامرية والعمرانية وماسبيرو والمنيا وكمان اللى ادبحوا فى ليبيا وعموم شهداء الوطن، ده حتى اسم الراجل الشهيد الحى اللى قطعوله ودنه كان مكتوب وكمان ستنا وتاج راسنا الشهيدة الحية سيدة قرية الكرم لقوا اسمها منور أكبر نتوء غائر شاهد على قوة وبأس إيمان عبقرى لسيدة ــ ما أروعها ــ بعدالة السماء بعد ما اتأخرت عدالة الأرض..
أنا: تعرف يا رامى الجرح ليه المرة دى صعيب على الأقباط؟.. لأن اللى بيحصل ده للأسف بيحصل فى زمن حكم أول رئيس مصرى يقرر تكون معركته الرئيسية مواجهة شياطين الإرهاب.. مش هوه اللى قاد جيشنا العظيم فى لحظة تاريخية للانضمام لشعبنا لإسقاط حكم نظام دولة الإرهاب ؟... مش هوه اللى فى زمنه الشعب كتب أعظم دستور فى تاريخ البلاد والعباد واللى نص على إقامة مفوضية لمناهضة ومحاربة التمييز الدينى؟.. مش ده الدستور اللى نص على رفض إقامة الأحزاب الدينية والكلام الواضح عن السعى لإقامة أركان دولة مدنية.. مش ده الدستور اللى نص على عدم التجديد للرئيس ولأول مرة أكتر من مدتين؟ !!
رامى: عندك حق، وهو اللى فى عهده ولأول مرة فى تاريخ البرلمان المصرى تصل نسبة التمثيل المسيحى فيه إلى ذلك الرقم الأعلى نسبياً... وهو «السيسى» اللى أوصى وكرر النداء لتصويب الخطاب الدينى وأعلنها وخاطب رجال المؤسسة الدينية فى مطلع ٢٠١٥ قائلا « والله سأحاجيكم يوم القيامة أمام الله « عن مسؤوليتكم فى تجديد الخطاب الدينى، مطالبا بـ «ثورة دينية» على حد تعبيره ده غير إنه أول رئيس يهنى الأقباط فى ليالى الأعياد بنفسه فى الكاتدرائية...
أنا: عندك حق، ولما تمتد أيادى الجيش المصرى فى عهده إلى خارج حدود الوطن لضرب مركز داعشى هام بنجاح للرد على ذبح تلك الميليشيات لعدد كبير من الأقباط على أساس الهوية الدينية، رافعاً شعار القائد الواثق من أجهزته المخابراتية ومعلوماتها وقواته الدفاعية وبأسها ومقولة «مسافة السكة» ...
رامى: وأخيراً لما غلب السيسى مع وزارة الثقافة وتراجع دورها فى بث رسائل التنوير عبر استثمار كل قوانا الناعمة، وتراجع دور السينما والمسرح والحفلات الغنائية وتماثيل الميادين والجداريات لمكافحة القبح فى العقول والنفوس وفى معظم شوارعنا، ولما زهق من الإعلام بوجهيه.. وجه المطبلاتى الغبى فى مواجهة وجه الإعلام المتاجر بآلام الناس ومتاعبهم بغباوة قلب وضمير، ولما كاد يرفع راية الاستسلام بضيق فى استحداث آليات لتصويب الدور التعليمى والتربوى الأخلاقى المبنى على ثوابت الأديان الداعمة لبناء حالة من السلام الاجتماعى والتوافق الوطنى، ولما غلب الرئيس واحتار دليله مع المؤسسات الدينية لتفعيل آليات للتحديث وتصويب الخطاب الدينى... لما واجه السيسى كل تلك التحديات، قرر إنشاء المجلس الوطنى لمكافحة الإرهاب، فهل يفعلها وينجح ذلك المجلس أم ينضم لإخوته مجالس العدم والغيبوبة؟!!!.. وانتهى الحوار بصرخات نسائية «أنتم منزلتوش ليه القداس زمانه ابتدى» ..
ولعلى أستأذن قارئ «المصور» لأضيف جوانب من حوار آخر تخيلى هذه المرة للكاتب محمد عبد المجيد بين مسيحى ومسلم سلفى للاقتراب من حالة « سوء الفهم والتفاهم « بين الناس، وفرض البعض منا حالة استقطاب غبية لتمزيق جسد الوطن بغباوة، ويعانى منها الرئيس السيسى ومن تبعاتها الخطيرة!!!..
القبطــى: نحن نشارك فى الحركة الثقافية مشاركة فاعلة، ومثمرة، وتاريخ أقباطنا مكتظ بالحكماء والعلماء والأدباء، ولكن ظلم مناهج التعليم هى التى حجبت العصور المشرقة لأقباط مصر. أنت لا تدرك تاريخ شركاء وطنك، ولا تعرف اسم واحد فقط من أسماء قديسينا، وشهدائنا، وفرسان معاركنا ضد الغزو الأجنبى لمصر، ولو كان هناك عدل ومواطنة ومساواة كاملة لخجل أى قبطــى من اللجوء إلى الكنيسة أو الاحتماء بها.
السلفى: إن معركتى ليست معك فقط لكنها ضد الليبراليين والعلمانيين واليساريين والشيوعيين والقرآنيين والناصريين والبهائيين والزاعمين أنهم معتدلون، وأيضا ضد الذين يــُعطون أولوية العقل على النقل.
نحن سلفيون، نرجع إلى الماضى ليردّ موتانا على تساؤلاتنا، وعلاج العقم مكروه لأنه اعتراض على قضاء اللــه وقدره، وتحديد النسل حرام حتى لو أنجب المتسول خمسين طفلا، فاللــه يرزقهم بغير حساب، فينامون تحت الكبارى ويأتى فاعلو الخير فيعطوهم من رزق اللـه... (انتهى الاقتباس من الحوار الافتراضى بين السلفى والمسيحى للكاتب محمد عبد المجيد)..
وعلى كل حال ــ أثق أن الرئيس «السيسى» يدرك أبعاد خطورة استمرار الوجود الشرير لأهل التشدد بيننا دونما تشابك إيجابى، كما أنه يعى فداحة عدم تصويب الخطاب الدينى، وضرورة مواجهة الإرهاب بإسقاط الفكرة الخاطئة فى ثنايا ذلك الخطاب، ويكرر الرئيس بكل وطنية المُعايش للأحداث الساخنة مطالبة الجهات المعنية بتصويب ذلك الأمر، وفى لحظة تفاقم تبعات الأزمة وسقوط المزيد من ضحايا الإرهاب اللعين بداية من تهجير من وقعوا فى دوائر الخطر الإرهابى من بيوتهم، ووصولاً إلى وقوع ضحايا مواجهات باسلة من عناصر الجيش والشرطة، وحتى سقوط العشرات لأنهم فقط أصحاب هوية دينية فى البطرسية والمرقسية وطنطا لا تروق لأصحاب البيت العالى الإرهابى، وكما أسلفنا كان قرار الرئيس بإنشاء مجلس أعلى لمواجهة التطرف والإرهاب، دعونا نتشارك جميعاً للمساهمة عبر كل نوافذ الرأى التى تتيحها معظم وسائط الميديا التنويرية لتصور هوية وأهداف وصلاحيات المجلس وعناصر تشكيله، ولسه الأحلام ممكنة مع رئيس وطنى مخلص يواجه تحديات غير مسبوقة من الخارج والداخل برباطة جأش وتصميم رائع...