الأحد 24 نوفمبر 2024

مقالات

هى الخناقة على إيه؟!

  • 5-9-2021 | 13:31
طباعة

يحلو للبعض أن يحمل ما لا يحتمل وأحيانا كثيرة يلوك المرء بلسانه ما لم يدركه عقله إدراكا يمنحه القدرة على إيصال الرسائل أو أن يصبح ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، تلك الكلمات السالفة التى يبدو أنها نتيجة ترتبت على مقدمات هى فى الحقيقة مجرد استهلال نتج عن متابعة المعركة الجدلية بين فاطمة ناعوت وعلاء مبارك حول دعوة الرئيس السيسى إلى تصحيح الوعى.

وللحق أن بحث الرئيس السيسى عن بناء وعى حقيقى هو مشروعه القومى الأول، فباستقامة الوعى يستقيم العمل وبغير ذلك تضيع أزمنة ومعها مصائر أمم أخطأت بوصلتها فتبين لها الباطل حقا والحق باطلا، وحين تحدث الرئيس السيسى عن ضرورة أن يراجع كل منا عقيدته ووعيه لم تكن دعوته إلى التشكك فى العقائد التى يدين الناس بها، لا يقول ذلك إلا كل من استغرقه هواه فالملاحدة سيفهمون أن الرئيس يدعو إلى الشك الذى اتخذوه وطنا لهم، وسيفهم آخرون أن الرئيس يعبث بالعقائد وحاشاه لا يمكن لعاقل أن يفهم من كلام الرئيس لا هذا ولا ذاك.

ومن هنا فإن الجدل الذى دار بين متابعى كلمات الرئيس السيسى هو ذاته ما يدعو الرئيس السيسى إلى مراجعته، وهو كيف يمكن للمرء أن يكون مدركا وفاهما للواقع الذى يسقط عليه عقيدته فكما يقول النحويون عن الإعراب إنه فرع عن المعنى فإن فهمت المعنى أحسنت الإعراب والعكس صحيح لا يقبل للجدل.

 

هذا هو ما قصده الرئيس السيسى بكلماته فهو يوجه رسالة لكل صاحب عقيدة سواء سماوية أو غير سماوية إلى مراجعة مساره هو لا مراجعة مسار عقيدته، هل هو فعلا قولا وفعلا يطبق ما يعتقد وما سكن من يقين فى وجدانه أم أنه ورقة شجر يابسة تلهو بها الرياح فتأخذها يمينا ويسارا تتخبطها كمن يتخبطه الشيطان من المس.

إن الساحة ليست ساحة الدفاع عن عقيدة أو الطعن فى أخرى بل الساحة ساحة مراجعة مرحلة تسقيط العقيدة على الواقع ومراجعة سلوك المعتقد وفقا لعقيدته ومدى تطابقها مع سلوكه هل يحدث ذلك التطابق المطلوب هل فهم كل منا مراد الله من دينه أم يعبد الله على هوى أو فهم مغلوط؟! ذلك ما أظنه مقصود الرئيس السيسى من كلماته هو يحذر الجميع من "عمل المفسدين" تلك الفئة الذين يسيئون وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

ليسأل كل صاحب عقيدة نفسه هل حقا فهمت مراد الله وإن غلب ظنى أنه حدث هل بات سلوكا فى حياتى أعيشه وأسير على هديه أم أتخبط فى مسارات جانبية تبعدنى عن الصراط المستقيم الذى ندعو الله خمس مرات يوميا فى صلواتنا أن يهدينا إليه.. إننا نبحث عن الهداية الحقة وهى تطابق ما يصدر من أفعالنا مع عقائدنا وفق مراد الله وليس وفق فهم تيارات أو جماعات أو أفهام نشأت وترتبت على لى العقيدة وفقا للمصلحة والغنيمة.

مسألة شديدة الدقة تشبه شعرة معاوية لكنها هى النجاة، فحين تتماهى أفعالنا مع عقائدنا فقد حققنا العلامة الكاملة فى فهم مراد الله من دينه وساعتها يحدث التوافق الروحى بين النفس والجسد ويتحدث لغة واحدة لا له وصفا أبلغ من كلمات السيدة عائشة عن حبيبها سيد الخلق محمد بن عبد الله حين قالت "كان قرآنا يمشى على الأرض"، هذا هو ما يبحث عن الرئيس السيسى فى دعوته لتصحيح العقيدة ومراجعة الجميع مدى تطابقها مع ما يصدر منهم من أفعال.

إن مثالا خالدا فى تلك المسألة سيظل قبلة كل حائر فى فهم كلمات الرئيس السيسى ألا وهو سحرة فرعون الذين كانوا يظنون أنهم على الحق إلى أن جاءهم موسى عليه السلام بعصاه فأيقنوا أن ما يصدر منهم ليس إلا سحرا يخدع العيون وأن وعيهم كان مزيفا وساعتها راجعوا أنفسهم فخروا سجدا معلنين إيمانهم برب موسى وهارون.

إنها تلك اللحظة التى يبحث عنها الرئيس السيسى فى حياة كل الناس أن يبحثوا حتى يتبينوا وحين يتبينون يعدلون مسارهم ويسيرون بعقيدة صحيحة الفهم كاملة التطبيق.

 

أما من تلقوا كلمات الرئيس حول هذه القضية فهم نوعان الأول لا يرضى بمراجعة عقيدته وهل هى حقيقية أم مجرد أوهام صنعها التقليد والنوع الثانى غلبه كرهه للرئيس السيسى فأراد أن يفهم دعوته لمراجعة العقيدة بأنها طعن فى الدين أو فى حقيقته وكلا النوعين يسيرون بعقيدة خاطئة تستوجب المراجعة التى يرفضونها فالعقيدة إيمان والإيمان تسليم ورضوخ لمراد الله وهذا هو هدف تنشده دعوة الرئيس، فالدعوة دعوة لمراجعة سلوك المعتقدين وليس مراجعة العقائد ذاتها.. الدعوة دعوة إصلاح لا هدم فمن أراد ان يعبد الله فليعبده كما أراد الله جل وعلا لا كما تصور فلان أو توهم علان وفى النهاية إن قول الله عز وجل "إن الله لا يصلح عمل المفسدين" قانون إلهى لا يتبدل ولا يتخلف فلنحلق بركب المصلحين ولنتخل عن المرجفين الفاسدين المفسدين ولتكن مبادرة الرئيس بتصحيح العقيدة بداخل كل منا أولى الخطوات لتعديل المسار من سخط الله إلى رضوانه وبركاته فهما سلعتان غاليتان تستحقان عناء الوصول إليهما.

الاكثر قراءة