كانت السهرة الرمضانية لأهل الفن دائمًا في بيت الفنان فريد شوقى وقد توفرت لها أسباب الطرافة والتسلية وكانت فروع الفن الثلاثة ( مسرح ـ سينما ـ موسيقى ) ممثلة كلها فى هذه السهرة.
قمر الدين .. والنقطة الرابعة !
منذ الساعة التاسعة بدأ صالون فريد شوقى يستقبل الضيوف .. وكان الأستاذ أحمد علام أول من حضر منهم ثم جاء بعده محسن سرحان ونجوى البارودي وصلاح أبوسيف ورمسيس نجيب ثم جاء عازف القانون عبده صالح وبصحبته صفصف وهو شخصية كوميدية محبوبة وبينه وبين الجمال سوء تفاهم.
ولم يحضر فريد شوقى السهرة من بدايتها بسبب ارتباطه بأعمال فى أحد الأفلام .. ومع ذلك كان الجميع يعتبرون أنفسهم فى بيتهم فتحرروا من قيود المظاهر التى تفرضها عليهم السهرة وكانت القفشات الطريفة التى دارت حول أكواب ( قمر الدين ) هى بداية السهرة.
عندما يمثلون لأنفسهم :
قال محسن سرحان :
أنا أعتبر نفسى سعيدا جدا الليلة لأن الأستاذ علام راح يقول حاجة من مجنون ليلى .
وقامت عاصفة من التصفيق تؤيد هذا الاقتراح ولكن علام اعتذر لأنه فى أشد حالات التعب بسبب المجهود الذى بذله فى الاستعداد للحفلة السنوية لنقابة الممثلين.
سر لا يذاع !
ثم التفت علام إلى محسن سرحان وقال :
لكن يا محسن إنت عاوز تسمع حاجة من مجنون ليلى إنت شفتنى زمان فى الدور ده ؟
فسأله محسن :
زمان إمتى ؟
زمان خالص .. ليه ؟ هوانت عامل نفسك صغير فى السن ؟
والتفت الجميع إلى محسن سرحان وسأله أحدهم :
عمرك كام سنة يا محسن ؟
وقال محسن أنه لا يعرف سنه .. لأن شهادة ميلاده فقدت مع بعض الأشياء النفيسة التى استولى عليها جماعة من اللصوص وهوطفل صغير ولكن علام صاح قائلا:
أنا أقول لكم عمره كام سنة ؟
فنظر إليه محسن نظرات فيها استعطاف فقال علام :
مش راح أقول الحقيقة لكن أقدر أقول إن محسن عمره أكثر من ثلاثين سنة، فسأله أخر بكام سنة ؟
بعشرين مثلا لا يمكن بعشر سنين بس، وتحول الحوار إلى مناقصة كل واحد من الحضور يقول السن اللي على هواه.
ومحسن يرد والله العظيم كذب وأخيرا اتفق الجميع على أن سن محسن جاوز سن الثلاثين وأخذ محسن يرجو الحضور بعدم نشر تلك الإجابة لأنه يعتبر عمره سرًا من الأسرار.
ربنا ما يحكم ..
ثم طلب أحدهم من الأستاذ صفصف السينمائى أن يقوم بتقليد بعض الممثلين المشهورين وسرعان ما انطلق يقلد يوسف وهبى وفريد شوقى والمليجى ومحمد عبد الوهاب وأثار عاصفة من التصفيق وسأله أحد الحضور
هل توافق على الزواج من الفنانة نجوى البارودى ؟
وكأنه في انتظار هذا السؤال فأجاب :
أيوه اتجوزها فصرخت نجوى تستغيث وهى تقول:
ربنا ما يحكم بالجوازة دي.
بناء على إلحاح المدعوين ..
وتوجه أحمد علام إلى هدى سلطان بسؤال عن الأغنية التى ستغنيها فى حفلة النقابة فلما قالت له مطلعها طلب منها أن تغنيها فحاولت الاعتذار ولكنها اضطرت أمام إلحاح الجميع وامسك عبده صالح بالقانون مع بعض أفراد التخت وانطلقت الموسيقى وغنت هدى سلطان وعاش الجميع مع سحر النغم وحلاوة الصوت وعظمة الطرب.
وامتدت الهرة بين الوسيقى والحكايات الرمضانية لاستعادة الذكريات.
الكواكب .. 17 يونيه 1952
24 من رمضان