الأربعاء 27 نوفمبر 2024

الشيخ عبد الباسط يأكل «جاكارتا» ويتكلم بالإشارة

  • 25-5-2017 | 10:55

طباعة

في هذا الشهر الكريم.. شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن .. يطيب لنا أن نقدم لك صف الطليعة الذى يشارك في الترحيب به وإحيائه بترتيل آيات الذكر الحكيم.. نقدم ثلاثة من كبار المقرئين بين أسرهم وذويهم في جلسات سمر حافلة بالطرائف والذكريات والموسيقى.. وإليك مات يسر …

سيارة أنيقة حمراء موديل 1956 استقبلتنا في منطقة الروضة.. عند بابا العمارة الأنيقة الفخمة التي يسكنها الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، في مواجهة بيت الدكتور عبد الرازق صدقي وزير الزراعة.

كانت سيارة المقرئ الشهير.. وهو يحب اقتناء الألوان الزاهية، ولذلك تراه يتمتع بذوق سليم في انتقاء ألوان ثيابه.. حتى التليفون تراه بلون أخضر 

والشيخ عبدالباسط شاب في التاسعة والعشرين من عمره، من أبناء أرمنت التابعة لمديرية قنا، وقد تعلم التلاوة على يد الشيخ محمد سليم حماده مدرس علم القراءات، وزاغ صيته كمقرئ سنة 1950، عندما حضر مولد السيدة زينب في القاهرة، وأراد شيخ المسجد أن يكرمه فقدمه ليتلو ماتيسر، وإذ الناس تتعلق به، وتستبقيه أمام الميكرفون من بعد العشاء حتى الساعة الخامسة صباحا.. ومنذ تلك الليلة بقى في القاهرة..

سألته: ما السر في أن عدد المعجبات بك أضعاف عدد المعجبين؟

واحمر وجه الشيخ وأطرق يداعب حبات مسبحته الأنيقة ثم قال مبتسما:
- هذا توفيق من الله .. والحمدلله

- هل عرفت الحب في حياتك؟
- إنني رجل صعيدي.. وقد زوجني والدى وأنا في الحادية والعشرين من ابنة عمي، وعندي منها خمسة أولاد، ثلاث بنات وتوأمان من الذكور، أحدهما سميته جمال عبد الناصر تيمنا بالرئيس، والثاني محمد تيمنا بالرسول. 

- كم يبلغ دخلك الشهري؟ وما أكبر أجر تتقاضيه؟

- مستورة والحمد لله.. وأذكر أن أكبر أجر تقاضيته كان 300 جنيه مقابل قراءة في إحدى ليالي رمضان بالقطر الشقيق لبنان. 


- ما هى أطرف الأحداث التي صادفتك في حياتك؟

- كنت موفدا من قبل المؤتمر الإسلامي إلى إندونيسيا مع الشيخ المنشاوي.. ونحن الاثنين لا نعرف غير العربية، وكنت قد أعددت العدة للطوارئ، فطلبت من أحد أصدقائي أن يعلمني كلمتين أو ثلاثا بالإنجليزية، حتى أستعين بها عند اللزوم في سبيل التفاهم.. فعلمني اسم "جاكارتا" عاصمة أندونيسيا وجائع hungry وماء  water.
وفي الطائرة مرت بنا المضيفة، ووجهت لي سؤالا، فظننتها من قبيل الفطنة أن تسأل عن وجهتنا، فقلت لها "جاكارتا" وعندئذ انفجرت ضاحكة، فقد كانت تسألنا ماذا نأكل! .. ولكنني حمدت الله عندما رافقنا في الطائرة من مطار كراتشي رجل طيب، استطعت أن أتفاهم معه بالرسم والإشارة، فكنت اذا أردت أن أسأل عن الوقت رسمت له ساعة، فيرسم لي الأيام بأصابع يده .. حتى إذا بلغت جاكارتا استقبلني وزير الشؤون الدينية مرحبا، وبقيت في إندونيسيا شهرا أقام لي بعده نائب الرئيس سوكارنو حفلة وداع كبرى، ثم ركبت الطائرة عائدا من طريق "بانكوك".. 

وفى مطار بانكوك قلت لمن فيه: "السلام عليكم"، ولكن أحدا لم يفهم السلام.. وكان لا بد أن أنتظر يوما في بانكوك.. ولكن كيف والقوم لا يعرفون العربية؟ ونزل جميع الركاب إلا أنا، فقد بقيت وحدى في المطار، وأخيرا عثرت على رجل ذكي، وأعتقد أن ذكاءه كان خارقا، فقد استطاع أن يترجم إشاراتي، وأدرك اننى  مصري عندما فتح الله على بكلمة "كايرو" أي القاهرة .. فاتصل تليفونيا بالسفير المصري هناك الأستاذ العمروسي، وطلب منى أن أكلمه فقلت له: "السلام عليكم" وما كدت أسمع من الطرف الآخر "وعليكم السلام ورحمة الله" حتى كدت أقع مغشيا على.. وأمضيت اليوم في ضيافة السفير، ثم اقترحت عليه أن أقرأ القرآن في أحد مساجد المدينة، فأخذ باقتراحي، واستقبلني المصلون هناك استقبالا رائعا، وفى المطار كانوا في وداعى بالمئات، بعد أن عرفوا أننى مصري أقرأ القرآن الكريم.. وعندما عدت إلى مصر، وددت أن أعانق كل مصري وأقبله.. ومن يومها وأنا أعتز جدا بعبارة "السلام عليكم". 

- ما السر في شهرتك السريعة كمقرئ؟ وهل جمال صوتك وحده هو السبب؟

- إن جمال الصوت وحده لا قيمة له عند المقرئ، فإن التعبير عن المعاني هو المهم، وإلا كانت قراءة المقرئ غير ذات موضوع.. وسر نجاحي يرجع إلى أنني أفهم الآية التي أرددها جيدا، وأعبر عنها بصوتي سواء كان فيها وعد أو وعيد.. حزن أو فرح.. إنني أتأثر بما أقول، وانفعل بما أتلو.. وهذا سر توفيقي..

- هل توافق الذين يقترحون تلحين القرآن؟
- لا .. فإن تلحين القرآن يذهب بهيبته وجماله.

- إلى أية مرحلة ستسمح لبناتك بالتعليم؟ وهل ستترك لهن حرية اختيار أزواجهن؟

- لا لا.. أنا صعيدي.. ولن أسمح لبناتي إلا بالقراءة والكتابة وشغل البيت . وليس أكثر من هذا.. ولن أسمح لهن بالتعليم الجامعي، أو اختيار العريس.. إحنا ناس صعايدة ..

المصور20-4-1956
 

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة