أكدت القافلة الدعوية المشتركة لعلماء الأزهر والأوقاف أن التمسك بالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة من أهم ركائز قيام الدول والحضارات، وأن المجتمعات في أمس الحاجة إلى أن تسود قيمة الاحترام فيها؛ وتتحول إلى ثقافة عامة يتعايش بها الصغير والكبير، والرجل والمرأة، ويحيا بها المجتمع ويرتقي؛ حتى يعم التآلف، والرقي، والتقدم، والاستقرار.
جاء ذلك في خطبة وصلاة الجمعة التي أداها اليوم أعضاء القافلة في العديد من مساجد القاهرة في إطار التعاون المشترك والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف تحت رعاية من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، ووزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة والتي كانت حول موضوع: "قيمة الاحترام".
فمن على منبر مسجد المراغي بحلوان، أكد الدكتور حسين سيد مجاهد حسن، الأستاذ بكلية الشريعة جامعة الأزهر، أنَّ التمسك بالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة من أهم ركائز قيام الدول والحضارات، ولا يمكن أن تُبنَى الحضارات بناءً سديدًا، وتستقر، وتتفوَّق على غيرها إلا إذا قامت على الأخلاق والقيم؛ حيث يقول تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}.
ومن على منبر مسجد التوفيقي بحلوان، أكد الشيخ جابر طايع يوسف، رئيس القطاع الديني السابق، أن المجتمعات تتماسك، وتتآلف، ويقوى رباطها من خلال احترامها لقيمها، وامتثالها لها، ولله در القائل: وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلَاقُ مَا بَقِيَتْ * فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلَاقُهُمْ ذَهَبُوا.
ومن على منبر مسجد خالد بن الوليد بحلوان، أكد الشيخ أبو المعارف أحمد محمود حسين، الواعظ بالأزهر الشريف، أن قيمة الاحترام من أهم القيم الإنسانية النبيلة التي دعا إليها الإسلام، والتي يتمنى كل إنسان أن ينتسب إليها أو يوصف بها.
ومن على منبر مسجد الاستقامة بحلوان، أشار الدكتور محمد أحمد حامد عبدالصمد، مدير مكتبة المخطوطات، إلى أن ديننا الحنيف قد دعا إلى التحلي بقيمة الاحترام في جميع صورها، ومنها: احترام الذات بأن يرعى الإنسانُ مروءَته، ويصون نفسه عن فعل ما يعاب به أو يُذَمّ.
ومن على منبر مسجد التواب، أكد الشيخ عمرو محمد عفيفي عمارة، الواعظ بالأزهر الشريف، أن على المسلم اجتناب مواطن الريبة والتهمة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ)، ويقول القاضي الجرجاني: وما زلتُ منحازًا بعرضيَ جـانبًا * مـن الـذلِّ أعتـدُّ الصـيانـةَ مَغـنمَا//ويقولون هذا مَشْربٌ قلتُ قد أرى * ولكنَّ نفسَ الحرِّ تَحتَملَ الظَّمَا // وما كـلُّ برقٍ لاحَ لي يسـتفـزُّني * ولا كلُّ من في الأرضِ أرضاه مُنَعَّما.
ومن على منبر الفردوس بـ15 مايو، أكد الدكتور أسامة فخري الجندي، مدير عام المساجد، على ضرورة احترام المختلف دينيًّا أو عرقيًّا أو ثقافيًّا، باحترام حقوقه المادية والمعنوية، فللآخر حق احترام جسده وماله وممتلكاته، وحريته وكرامته، وعقيدته.
ومن على منبر الرحمن بـ15 مايو، أكد الشيخ معاذ فتحي محمد، الواعظ بالأزهر الشريف، أن الإسلام دين يحترم الإنسان، ويدعو إلى احترامه وتكريمه، حيث يقول تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}، ويقول سبحانه: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، ويقول تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، ويتجلى ذلك حين مرَّت جنازة، فقام لها نبينا (صلى الله عليه وسلم )، فقيل: يا رسول الله، إنها جنازة يهودي؟! فقال (صلى الله عليه وسلم) (أَلَيْسَتْ نَفْسًا؟!).
ومن على منبر التقوى بـ15 مايو، أكد الدكتور عمرو محمد الكمار، مدير عام الفتوى وبحوث الدعوة بوزارة الأوقاف، على احترام الكبير سنًّا أو مقامًا، وتوقيره، وتقديره، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ)، وقد تجلّت تلك القيمة حين أمر نبيُّنا (صلى الله عليه وسلم) الصحابةَ رضي الله عنهم بالقيام إلى سيدنا سعد بن معاذ (رضي الله عنه) وقال لهم: (قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ)، وقال سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): أبو بكر سيدُنا، وأعتق سيدَنا- يعني: بلالًا (رضي الله عنه)، وعندما سأل نبينا (صلى الله عليه وسلم) أصحابه (رضي الله عنهم) عن شجرة مَثَلُها مَثَل المسلم، تُؤْتِي أكلها كل حين بإذن ربها، ولا يسقط ورقها، وقع في نفس سيدنا عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) أنها النخلة، وكانت إجابته صحيحة، ولكنه مع صغر سنِّه كره أن يجيب النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) في حضرة الصحابيَّين الكبيرين أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما) احترامًا لهما، ولكبار الصحابة (رضي الله عنهم).
وأضاف أن من أرقى صور الاحترام: احترام المعلم، وتوقيره، والتواضع له، والوفاء بحقه، لا سيما أن الإسلام قد أعلى قدره، وكرمه، إذ قرن الله (عز وجل) شهادته وشهادة الملائكة بشهادة العلماء، فقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، ويقول سبحانه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (وَإِنَّ الْعَالِمَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ).