كرّم الله الإنسان وفضله على سائر المخلوقات وأنعم عليه بنعمة العقل وجعله مناطا للتكليف، نظرًا لقدرته على الإدراك والتمييز بين النافع والضار والحسن والقبيح والخير والشر.
ومن مقاصد الشريعة الإسلامية، والتي أطلق عليها الفقهاء الضرورات الخمس: حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ العرض وحفظ المال، لذا تعرض بوابة «دار الهلال» في السطور التالية حكم الشرع في تعاطي المخدرات، وفقًا لما أعلنته دار الإفتاء.
حكم الشرع في تعاطي المخدرات
أوضحت دار الإفتاء، أن المخدِّرات في اللغة جمع مُخدِّر، والمخدِّر مشتق من مادة "خ د ر"، وهذه المادة تدل بالاشتراك على معانٍ: منها: السَّتر والتغطية، ومنه قيل: امرأة مخدَّرة؛ أي مستترة بخِدْرها، ومنها: الظلمة الشديدة، ومنها: الكسل والفتور والاسترخاء، ومنها: الغَيْم والمطر، ومنها: الحيرة.
حكم الشرع في تناول المخدرات
قد أكدت الأدلة الشرعية على حرمة تناول وتعاطي المخدرات، ومنها:
قوله تعالى: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) سورة البقرة: 195، وقوله تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) سورة النساء: 29
ونصت الآيتان على النهي عن الإضرار بالنفس والإلقاء بها في المهالك، والأمر بالمحافظة عليها من المخاطر، فإن الحفاظ على النفس والعقل من المقاصد الكلية الخمسة في الإسلام، ومن أجل ذلك حرم على الإنسان كل ما يُذهِب عقله أو يضر نفسه، ومعلوم أن في تعاطي المخدِّرات هلاكًا ظاهرًا، وإلقاءً بالنفس في المخاطر.
وذكرت الإفتاء أن حرمة المخدرات، لا تقتصر على تناولها فقط، بل يشمل ذلك زراعتها والإتجار فيها، فالشرع لَمَّا حرَّم الخمر حرَّم أيضًا كل الأسباب المؤدية إلى تداولها، فلعن بائعها ومبتاعها وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه، ويقاس على ذلك المخدِّرات؛ للجامع المشترك بينهما، وهو الاشتراك في مطلق تغييب العقل.
وأوضحت الإفتاء أن القواعد الشرعية تقتضي أيضًا القول بحرمة المخدِّرات، إذ ثبت أن الإدمان عليها فيه ضرر حسي ومعنوي، وما كان ضارًّا فهو حرام؛ لحديث: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» راوه أحمد، وابن ماجه، والحاكم وصحَّحه.
كما أن تعاطيها يتعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية في محافظتها على العقل والنفس والمال التي هي من الضروريات الخمس.
وأشارت الإفتاء أن هذه الحرمة تزول إذا تعيَّن شيء من المخدرات طريقًا للدواء، وذلك مِن قِبَل الطبيب الحاذق الموثوق به تخصصًا وأمانةً، ويقول الإمام النووي في "الروضة"، (وما يزيل العقل من غير الأشربة كالبنج: حرام، ولو احتيج في قطع اليد المتآكلة إلى زوال عقله هل يجوز ذلك؟ قلت: الأصح الجواز، ولو احتاج إلى دواء يزيل العقل لغرض صحيح جاز تناوله قطعًا.