الثلاثاء 21 مايو 2024

السنة المصرية 6263.. حكاية أول تقويم عرفه البشرية ويستخدمه الفلاحون حتى اليوم

رأس السنة المصرية

تحقيقات11-9-2021 | 18:32

آية يوسف

يحتفل المصريون اليوم ببداية رأس السنة المصرية، لسنة 6263، والتي تعد أول تقويم عرفه البشرية، وضعه المصريون القدماء وقسم السنة إلى 13 شهرا، تبدأ بشهر توت، وهو أكثر التقاويم دقة لتحديد ظروف المناخ والزراعة خلال العام، ولا يزال يعتمد عليه المزارعين والفلاحين في مواسم الزراعة حتى الآن.

وفي هذه المناسبة، أكد رئيس المركز القومي للبحوث الفلكية الدكتور جاد القاضي، اتفقت أن الفراعنة هم أول من قاموا بحساب طول السنة الشمسية عن طريق رصد ما يسمى بظاهرة الشروق الاحتراقي لنجم الشعرى اليمانية وعرفوا أن طول السنة 365،25 يوم وسمى بالتقويم المصري القديم الذي بدأ منذ 6262 عاما وينسب إلى توت رب الحكمة والكتابة في عقيدة المصريين القدماء الذي توصّل إلى أول حساب للأيام عرفه الإنسان.

رأس السنة المصرية

وعن رأس السنة المصرية، قال الدكتور مجدى شاكر، كبير الأثريين بوزارة الأثار، إن السنة المصرية القديمة يطلق عليها السنة الكيميتية نسبه لكيمت، لأن أرض مصر كان يطلق عليها كيمت، أو السنه التوتية  نسبه للمعبود تحوت وهى توازى السنة القبطية، وتوازى عيد النيروز، وليس له علاقه بعيد رأس السنة الفارسية، لأن نيرو هي كلمه قبطية الأصل بمعني الأنهار، وعندما أتي الرومان أضافوا لها حرف ز، وحين أتي العرب بعدهم ظنوا أنها نيروز عيد رأس السنة لدى الفرس، ولكن ليس لها علاقه بهم.

وأوضح  شاكر لبوابة "دار الهلال"،  أن اليوم بحساب السنة المصرية القديمة يوافق 1 من شهر توت من سنه 6263،  وأن المصري القديم قبل هذا التقويم لم يكن يعلم بموعد قدوم الفيضان الذى كان يدمر كل شئ، وتعد بداية رأس السنة المصرية عام 4241 ق م، عندما توصل المصري لاكتشاف بديع وهو نجمة سوبتت وبالعربي هي نجمة الشعر اليمنية، لأن العرب كانوا يقيمون عليها مشاعر الحج الإسلامية، ذلك اليوم وجدوا هذه النجمة تظهر قبل شروق الشمس بعشر دقائق، وعندما يظهر نجم الشمس تحترق لأن الشمس أقوى منها.

وأضاف أنه تبدأ بعدها دلتا النيل أن تتلون باللون الأحمر، وبناء عليه يدركوا أن الفيضان بدأ يكتمل، وكان هناك مرصد فلكي ليستطيعوا أن يرصدوا منه هذه الظاهرة في مدينة منف عاصمة مصر قديما، وبفضل هذا التاريخ والظاهرة  استطاعوا أن يحددوا موعد الفيضان، وأن يقسموا السنة المصرية إلى 30 يوما في 12 شهر بعدد 360 يوم، لكن كان لديهم مشكله أن هناك 5 أو 6 أيام زائدة في السنة، بمفهومنا الحاضر سنة بسيط أو كبيسة، والقدماء اطلقوا عليها السنة الجميلة والعوجة والسن العوجة هى التى تزيد يوم.

وأستطرد قائلا: أن فى 5 أيام هذه ابتكروا شئ يدعي الشهر الصغير أو أيام النسئ وهى بمعني أيام الاحتفالات، فخصصوا 5 أيام هذه للمعبودات أيزيس، أوزوريس، حورس، ست، نفتيس، وبدأ يكون ليهم احتفالات باسم أيام النسئ، وظل العمل بهذا التقويم حتي أتي بطليموس الثالث وجد أن هناك مشكله وهى ربع يوم زائد كل اربع سنوات، فقام بعملية تعديل لهذا التقويم مع الكهنة المصريين، وشرع الكهنة  فى إصدار قراركانوب بتعديل التقويم المصري  وبدا توزيعه على جميع المعابد، ولكن هذا القرار لم ينفذ إلا فى عهد الرومان.

وأوضح أنهم عندما جاءوا إلى مصر رفض المصريين ان يسيروا على نهج تقويم الرومان، لأن فى هذا التوقيت كان دقلديانوس بدا فى قتل الكثير من الأقباط، فأخذوا تاريخ بداية قتله لهم واطلقوا عليه السنة القبطية، وهى مستمده من المصرية القديمة، وظلت بعض الشهور كما كانت، مثل توت من أصل الآله تحوت، وهاتور من الآله حتحور، وأصبحت الشهور القبطية هى الأشهر المصرية القديمة.

وأكد أن السنة المصرية القديمة هى أدق تقويم فكل شهر ثابت فى موعده كل عام من حيث توقيته مع الفصول الأربعة عكس شهور السنة الهجرية المتغيرة من سنة لأخرى، كما أن المصري القديم قسم تقويمه لثلاث مواسم كالتالي موسم الفيضان وهو 4 شهور، ثم 4 شهور للزراعة، و4 شهور للحصاد، ولم يكن لديه تقسيم الفصول الأربعة الحالي وهو الصيف، الخريف، الشتاء، الربيع، لأن المصري القديم كان إنسانا فلاحا فارتبطت فصوله بالفلاحة، كما أن أمثاله الشعبية ارتبطت بتقويمه والفلاحة مثل "هاتور أبو الدهب منتور" لأن فيه يبدأ نضج القمح.

وعن ما يتم فى أيام الاحتفالات، قال شاكر إنه قد تميز المصري القديم فى ذلك فكان  يحتفل بخروجه للحدائق وشواء البط والأوز وتناول بعض المشروبات، ويعد أهم مظهر فى الأحتفال هو إنهاء الضغائن، فيأخذ الشخص الكعك والمشروب ويذهب لمصالحة الطرف الآخر، لأنه لا يصح أن تأتى السنه الجديدة وهو لديه مشكلة مع شخص، لذلك قاموا بجلسات مصالحة.

وأشار إلى أنه لم يكن للقدماء أجندة بهذا التاريخ، لأن كان لديهم سنة مدنية وسنة حكم، بمعنى أن كل ملك كان يؤرخ العهد بفتره حكمه، وكان لكل ملك ما يسمي بالوقائع المصرية لذكر أهم تفاصيل كل فتره من حكمه، بينما السنة المدنية او الشمسية فكانت لدى الكهنة لأنهم كانوا رجال دين وفلكيين وفلسفلة وغيره.

ولفت إلى أن هناك مشكلة  فى مصر هي عدم الوعي بالتقويم المصري وأهميته وقدمه، رغم أن التقويم الميلادي الذي يتم العمل به تم أخذه من التقويم المصرى مع تطوير 6 ساعات زائدة فيه، لذلك أتمنى مع بداية  أول يوم فى المدرسة يتم كتابه التاريخ المصري جنبا إلى جنب مع التاريخ الميلادي و الهجري، فعندما نقول للطالب اليوم بتاريخ 6263 سيشعر بالفخر بعمر تاريخ بلده، مشيرا إلى أن وسائل الاعلام لا تعطي الأهمية المستحقى لهذا التاريخ وكل هذا يسبب فارقا بالتأكيد.