تعقد حركة علمانيون صالوناً ثقافياً لمناقشة كتاب بعنوان "الإصلاح الديني بين الغرب والشرق" وذلك في تمام 6 مساء غدا الجمعة.
يشارك في الصالون الثقافي رئيس لجنة الحوار والعلاقات المسكونية بمجمع القاهرة الإنجيلي القس رفعت فكري، وذلك بمقر الحركة بشارع قصر النيل بجوار دار الكتاب اللبناني.
يقول القس رفعت فكري، مؤلف الكتاب، إن كتاب الإصلاح الديني يناقش فكرة عامة لان العالم يحتفل هذا العام 2017 وتحديدا يوم 31 أكتوبر, بمرور خمسمائة عام على الإصلاح الإنجيلي حيث أنه في يوم 31 أكتوبر عام 1517 كتب الراهب الألماني مارتن لوثر, خمسة وتسعين قضية تناولت صكوك الغفران والاستغلال السئ للدين, وعلقها على باب كنيسة وتنبرج في ألمانيا, وعن هذا الفعل قال أحد المؤرخين:"راحت ترددات صوت مطرقة لوثر وهو يدق اللائحة في باب الكنيسة تهدر كالرعد, موقظة أوروبا من سباتها الروحي فانتشر إنجيل الإصلاح فيها ومنها إلى كل أنحاء العالم".
ويضيف فكري، في تصريحات خاصة لـ"الهلال اليوم":كانت المرة الأولى التي إستخدم فيها مصطلح الإصلاح الديني, في القارة الأوروبية عندما بعث مارتن لوثر خطابًا إلى الدوق جورج، طالب فيه بالإصلاح الديني بقوله: "يجب القيام بإصلاح ديني عام للطبقات الروحية والزمنية", وقد علق المؤرخ ول يورانت على ذلك بقوله: "وقد أضفت هذه الكلمة على ثورة لوثر اسمها التاريخي".
وتابع: من الممكن حصر أسباب المناداه بهذا الإصلاح في عدة أمور منها إصدار الكنيسة لصكوك لغفران, وموقف الكنيسة من العلم والعلماء وتقييدها للعقل, وانحراف رجال الدّين ونسيانهم لدورهم الأخلاقي والدّيني, وابتداع الكنيسة لنظام محاكم التفتيش, وفرض الكنيسة للكتاب المقدَّس باللغة اللاتينية واحتكارها لفهمه وتفسيره, هذا فضلًا عن العاملين السياسي, والقومي، بحسب القس فكري.
وأكد: الفترة التي ظهرت فيها حركة الإصلاح الديني في أوروبا مابين القرن الخامس عشر, والسادس عشر, تعتبر هي الفترة الانتقالية للفكر الديني الغربي من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة, وهذه الفترة كان لها الأثر الكبير في الحياة السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية, وهذه المرحلة التاريخية التي ظهرت فيها حركة الإصلاح الديني البروتستانتي وهي التي دعمت تطور الديمقراطية, والعلاقة بين الدين والسياسة، لان قبل ظهور حركة الإصلاح الديني في القرن السادس عشر, كان الإنسان خاضعًا لسلطة الكنيسة خضوعًا تامًا.
وشدد فكري على أن الإصلاح الديني تمكن من تحرير الإنسان بصورة كبيرة من السيطرة المزدوجة للكنيسة, ورجال الحكم المدني, وحقق له كسبًا في كثير من الميادين, كان أبرزها: الحرية, والفردية, بوصفهما مقدمتين ضروريتين للديمقراطية التي حملها وبشر بها العصر الحديث, فلقد أطلقت حرية العبادة, وأضحت تتسم بطابع فردي يتمثل في جعل العلاقة مباشرة بين الإنسان وربه, وأصبحت سلطة الضمير الفردية تحل محل سلطة الكنيسة والبابا, وجُعل الدين أمرًا شخصيًا, وخاضعًا لضوابط أخلاقية محددة, والدعوة إلى قيام علاقة متوازية بين الحاكم والمحكوم, وعلاقة الفرد بالدولة, لقد أحدث الإصلاح الديني نقلة حقيقية في حياة الفرد والمجتمع من حالة الهيمنة الكنسية باسم الدين, إلى حالة تحرير الفرد نسبيًا من تلك الهيمنة, وإعادة الاعتبار إلى الإنسان بوصفه كائنًا إنسانيًا وروحيًا ينبغي أن يكون حرًا من الناحية العقائدية والروحية, ولا يخضع لسلطة أحد إلا الله, ولا لمراقبة أحد إلا الضمير, فقد جنحت المجتمعات الأوربية الحديثة إلى الفصل بين الدين والنظم السياسية, ومجالات الحياة المختلفة في الاقتصاد والسياسة والمجتمع والأخلاق, فأصبحت السلطة الوحيدة هي سلطة الإنسان العاقل, وليست سلطة الدين ومؤسساته الروحية, فأصبح الإنسان مركزًا للكون بلامنازع, فمن أهم إنجازات الإصلاح الديني, الانتقال بالإنسان من سلطة كنسية بابوية أحادية كان الإنسان عنصرًا سلبيًا فيها, إلى سلطة مزدوجة دينية, ومدنية, وأصبح فيها الإنسان طرفًا فاعلًا.
وأوضح القس فكري، لقد رأى قادة الإصلاح أن الفرد بوصفه كائنًا متدينًا, ينبغي تحريره من سلطة رجال الدين, والكنيسة, على نحو يتيح له ممارسة نشاطه التعبدي بشكل فردي وحر من سلطة الطقوس الدينية الشكلية, والتركيز على البعد التقوي الداخلي فيه, والذي لا سلطان لأحد عليه سوى الله, والضمير, بمعنى آخر يتعين على الفرد المؤمن أن يكون إيمانه إيمانًا فرديًا خالصًا نابعًا من ذاته, وليس من سلطة خارجية, إذ ليس بوسع أحد معرفة حقيقة إيمان أي شخص, إلا الشخص نفسه, فضمائر المؤمنين لا أحد يطلع عليها إلا الله.
وإستطرد: نحن ندنو من الاحتفال بمرور خمسمائة عام على الإصلاح الإنجيلي في العالم, تبادرت إلى ذهني عدة أسئلة منها هل تحتاج كنائسنا المصرية إلى إعادة تجديد الفكر الديني ليتواكب مع الحداثة والعلم وحقوق الإنسان؟ وهل الإصلاح الديني مرتبط فقط بالحضارة الغربية, وبالفكر المسيحي فقط, أم أن الفكر الإسلامي أيضًا يحتاج إلى إصلاح؟ وهل للفلاسفة المسلمين أي تأثير إيجابي في إحداث الإصلاح الديني في الغرب؟ وهل ساهمت الرشدية اللاتينية في التمهيد للتنوير الأوروبي؟ ولماذا تحقق الإصلاح الديني في الغرب, بينما تعثر في الشرق؟ وهل يوجد جسر مشترك بين الغرب والشرق يمكن أن يؤدي إلى الإصلاح الديني في منطقتنا العربية؟ وهل تحتاج منطقتنا العربية التي سادها العنف والتطرف إلى إصلاح ديني مماثل لماحدث في أوروبا؟، وهل دعاة الإصلاح الديني يحتاجون إلى دعم ومساندة السلطة السياسية ليتحقق الإصلاح؟، وهل تحتاج بلداننا الغارقة في الدماء نتيجة الإرهاب الغاشم إلى مارتن لوثر جديد؟، كل ذلك يجيب عنه كتاب "الإصلاح الديني بين الشرق والغرب".